في رحاب الشهيد القائد. الحلقة ال(١٢).
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 2 ابريل 2020مـ -9 شعبان 1441هـ ]
بقلم الاستاذ / فاضل الشرقي.
قبيل الفجر ودعنا السيد، واستئذناه بالرحيل والمغادرة، واستوصيناه الدعاء، وزودنا بعدد من الملازم والشعارات التي كان يطبعها في بيته ويقوم بنشرها وتوزيعها.
غادرنا منزل السيد تغمرنا البهجة والسعادة، وعلى وجوهنا أكاليل الفرح والسرور، قلت لهم في الطريق ليش ما عاد تكلمتوا ولا سألتوا عن كل المواضيع التي كانت لديكم؟ قالوا لي جميعا وأقسموا بالله العظيم أن السيد من أول ما تكلم شعروا بالهدوء النفسي والذهني، والأنس والإستقرار، وأن كل ما كان يدور بخلدهم، ويجول في أذهانهم، ويصول في نفوسهم تبدد تماما، وأن السيد أجاب في حديثه على كل أسألتهم، وما يدور في خواكرهم، وخاطب أعماق نفوسهم، وأقولها شهادة لله أن السيد كان يتكلم ويجيب على كل تساؤل يدور في ذهنك، ويخطر ببالك، ونفسك قبل أن تسأل، وأن كل من زاره كان يقول ويعترف ويقر بذلك، صحيح أنه لا يعلم الغيب إلا الله، ولا أقصد أنه كان يعلم أسرار النفوس وخصائص الضمائر، لكنه كان يشخص ويقيم الشخص، ويعرف ميول واتجاهات الفرد ومستواه ببداهة عجيبة تشبه المعجزة، تحس في نفسك أنه يخاطب مشاعرك مباشرة، وينسف كل التساؤلات لديك، كل هذا ببركة وفضل القرآن الكريم، وتوفيق الله ورعايته، عشت هذه التجربة لعدة مرات، وأخبرني بذلك كل من عرفته تلك الفترة، إنها الحكمة والبصيرة النافذة التي يؤتيها الله من يشاء، ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا، ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم، والله ذو الفضل العظيم.
في اليوم الثاني التقينا بعد الظهر لنرتب عملنا، وننظم أمرنا، ونجلس مع بعض كما هي عادتنا، وافتقدت بعض الإخوان قلت لهم أين فلان، وفلان، وفلان، نحتاجهم يحضروا معنا؟ قالوا لي وكانت مفاجأة لي طبعا – قالوا لقد عادوا اليوم إلى “مران” لزيارة سيدي حسين، قلت لهم عاد احنا رجعنا الليل، قالوا ما عاد قدروا يجلسوا أبدا، وأصروا على العودة إليه، قلت في نفسي سبحان الله العظيم، هذا هو أثر القرآن الكريم، وأعلام الهدى.
طبعا كانت الطريق إلى مران شاقة ووعرة كما أسلفت، وكانت ظروفنا المادية صعبة جدا جدا لا نمتلك حق المواصلات الزهيدة ذلك الوقت، كنا نركب إلى “الملاحيظ” وكذلك يفعل كل الزوار القادمون من الجهة الغربية، وكنا ننتظر في الملاحيظ إلى المغرب لنركب مع المقاوتة من أبناء المنطقة مجانا، الذين كانوا يبيعون القات في الملاحيط، كانت الطريق جبلية وعرة لا تمشي فيها إلا الشاصات، وأيضا لا يوجد هناك فرزة للنقل تنقل الركاب إلى مران، وأيضا لا يوجد لدينا كرى واكار فكنا ننتظرهم للمغرب ونسافر معهم مجانا إلى أقرب مكان يصلون إليه، ونقطع ما تبقى من الطريق مشيا على الأقدام، فكانت الرحلة تارة نركب سيارة، وتارة نمشي على الأقدام، وكلنا شوق وحماس للوصول، وللأمانه كان المقاوتة طيبون جدا، وينقلون الناس بكل طيبة نفس وخاطر، وقدموا خدمات جليلة لا تنسى، وفي العودة كنا نعمل كذلك إلا أنها تكون في الصباح عندما يتحركون بالقات صباحا لبيعه في سوق الملاحيظ، فكنا نتصيدهم وننتظرهم لنركب معهم للأسباب السابقة، …. يتبع.