الخبر وما وراء الخبر

عيب .. في كل بيت جرح

105

بقلم / علي جاحز


 

في هذه المرحلة الصعبة التي يمر بها الوطن ، ثمة استحقاقات لا مهرب منها وثمة اجراءات لا بد منها و ثمة ثوابت لا قفز عليها ولا تهاون مع من يحاول القفز عليها .
الجبهات التي تحمي الوطن و تحصن اسواره ، هي تضحيات و دماء خيرة شباب اليمن وأبطال اليمن من الجيش واللجان الشعبية ، وليست أسلحة ومرتزقة نشتريها بفلوسنا ، هي نضال وسهر وتعب وخوف وموت وجراح وبطولات يجسدها الابطال الذين باعوا من أجل الوطن حياتهم ولأجله بذلوا ارواحهم و تركوا اهلهم و اغلى ما يملكون .
من العيب و المشين بحق اليمن وبحق الثورة و بحق الجبهة القوية التي تقاوم ابشع واصلف عدوان شهدته اليمن ان يتم التفريط في حقوق المناضلين في الجبهات سواء الذين استشهدوا أو الذين جرحوا أو الذين لايزالون يجسدون ملاحم البطولة كل يوم .
لا يجوز أن لأي مسؤول عن شؤونهم أو مختص بأمر اسرهم و حقوق أولادهم أو أهلهم ان يهنأ بعيش رغيد و هؤلاء الابطال مكشوفو الظهر مخذولو الجانب متروكو السند مهملو الشأن ، استحي حين اتخيل ان عائلة مقاتل سواء جريح أو شهيد أو لايزال قيد النضال رهن الاهمال و الجوع و المهانة في بعض الاوقات يتكففون, أو لنقل بصراحة يتسولون حقوقهم من المعنيين والمختصين بشؤونهم ، بينما الاخرون يعيشون وسط أهلهم عيشة هنية .
لا يمكن ان يستمر وضع كهذا ثم ننتصر في ظل استمراره ، هناك الكثيرون ممن يحصدون الاموال من الفساد والسرقة ، وهناك ايضا من يحصد المال من الخيانة والارتزاق بدماء هؤلاء الشهداء ومعاناة جراح اهلهم ، بل ان هناك من هذا النوع من يعتقد ان بإمكانه ان يفعل كل ذلك ويعيش بسلام وسط صنعاء يأكل ويشرب وينام على انقاض وطن وجراح وأنين شعب بكل بيت فيه جرح .
ومن غير المعقول ولا المقبول ان نعتبر تأييد العدوان حرية رأي او مجرد وجهة نظر ، فضلا عن اعتبار الاشادة بالعدوان والتفنن في التغني بحكمته ودقة ضرباته حرية رأي ووجهة نظر يجب ان تحترم ، لا يجوز اصلا مجرد السكوت على العدوان وجرائمه، والتهرب من ادانته ومواجهته هي مشاركة له في كل ما فعله و يفعله باليمن واليمنيين.
أما ان يذهب شخص لا يستحق الذكر الى وسط الرياض ليعلن من هناك تأييده للعدوان و مباركته و يتفنن في سرد التهم لأبناء وطنه وتبرير قتلهم وتدمير بلده ، ثم يعود الى مطار صنعاء وسط حفاوة واستقبال و ترحيب البعض ، فهذا عيب في حق شهداء الوطن ومناضليه الذين تركوا أسرهم وأولادهم للجوع ومهانة الاهمال والتجاهل ليدافعوا عن الوطن ويحصنوا أرضه و كرامته واستقلاله .
فكيف بالله عليكم حين يتعدى الأمر الى ان يطلع شخص كهذا على احدى الشاشات المحسوبة ضمن جبهة مواجهة العدوان ليتغنى بحكمة محمد بن سلمان ودقة ضربات طائراته ، وبكل اريحية يهين كل قطرة دم سالت على تراب هذا الوطن .
لانزال نعول على يقظة وطنية تعالج كل تلك الاختلالات في جبهتنا العريضة و الواسعة ، قبل ان تصيبنا لعنة التاريخ ، وانا شخصيا اجزم ان القيادة حكيمة وتعي خطورة هذه الاشكالات ولكنها تعطي فرصة للقائمين عليها ليعالجوها قبل ان يدفعوا ثمن تداعياتها هم ، اما الوطن فمليء بالشرفاء ولن يتضرر سوى المفرطين .