“مذكّرات”
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 28 مارس 2020مـ -4 شعبان 1441هـ ]
بقلم || سكينة المناري
لا أخفي عن نفسي أنها تصاب بالملل عندما يكون هذا القلم سياسيا فقط، بالرغم من أنه تخصص في مجال الصحافة فقط عندما يكون كذلك يسيسه الآخرون حتى بالأشياء الجزئية
لكنه يعمل كفترات فيناجي الروح، ويغوص في مغاور العطاء، وفي فضاء اللامحدود، ويعبر مختلف الطرق، ولكم هو جميل أن يظل الانسان يطالع ويبحث والأ يكون جامدا كقطعة حجر
أسوأ مافيني أني لا أحب الروتين اليومي، وأن يكون كل ما حولي متصلبا دون إضفاء أي تغيير أو لمسات جمالية تضيف للحياة رونقا خاصا رغم جروحها، ولو ظلينا نتحسس تلك الجروح لما شفينا منها أبدا.
يستغرب زملائي في الجامعة أن أكتب كهذا، ولكني أقول لهم لا مشكلة عندما تجمع بين متناقضات جميلة، المهم أنك لا تخرج عن إطار مبدئك أو هدفك السامي سواء كنت صحفيا أو سياسيا أو فقيها أو غير ذلك.
وحتى لا أكون بعيدة عن الواقع قررت أن أدوّن مذكراتي الآتية:
من الماضي المرتبطة بالحاضر، ففي الزمن العابر.
مرض جدي مرض الوداع, أتى عمّي من الخارج بعد سنوات من الغياب,تجمع الناس حوله وحزم الرواة حكاياهم ,أمسكوا بورقة وقلم ليكتب الفصل الأخير في روايته, وبعد ساعات لفوه بالأبيض وحملوه حيث الذاهب لا يعود,حينها بكيت لفراقه, من سيقص لنا حكايا من بعد رحليه ,لكنها رأتني وعزّ عليها أن أبقى بلا حكاية
ففتحت لي باب ذكرياتها وقالت لي: قد كان لجدك يوما بيت كبير,وسنابل مُلأى, وبئر لم يكمل جدك حفره,وشجرة تين واسعة,وحبقٌ عطِر تهبه الرياح كلما مرّت من على النافذة, وقطعة أرض كبيرة جدا يحصد منها البن في فصيل الصيف.
والوطن يا أمي :سألتها
_أنا لكِ وطن يا طفلتي
_يعني أنتِ الوطن يا أمي
_تبسمت_ليس بهذا المعنى كما تقصدين
_ماذا يعني إذا؟
_الوطن هو المكان الذي ولدتي فيه
_إذا لكِ وطن خاص بك, ولي وطن خاص بي، وكل واحد له وطن خاص به صحيح !
_لا,غدا ستعرفين حينما تكبرين يا ابنتي
ها أنا الآن كبرت لألقى الأجوبة على تساؤلاتي في الطفولة
لقد كبرت لأعي لماذا أسمّاني أبي بهذا الاسم ..
لقد كبرت لأعي لفظ تلك العجور عندما كنت أسمع أن هناك أناس تحاربهم الدولة في محافظة تسمى صعدة، ولكن ما العلاقة بيننا وبينهم حتى تنعتنا تلك الجارة العجوز “بالحوثة” كلما رأت أبي.
لقد كبرت لأعي ماذا يعني قوله وأنا في العاشرة “أمريكا هي الماسونية والرأسمالية على الشعوب”.
لقد كبرت لأعرف أن الذين تشدقوا بالوطن كانوا هم أول من باعوه على طبق من ذهب.
لقد كبرت لأكره كلمة “جمهورية ووطنية”، لكثرة ما رددها أنذاك الأستاذ على مسامعي بالفصل, ويوما التقيت بزميلتي وأخبرتني أنه يقاتل في صفوف المرتزقة.
لقد كبرت لأصحوا على القصف ومجازر الموت الجماعي ,لأرى الصاله الكبرى تحترق ,لأرى الصاروخ يسقط على تلك المدرسة,لأرى الجثث تنتشل من تحت الأنقاض والأشلاء قد تبعثرث في كل الزوايا.
كبرت لأتحدث بحرقة وطن يُذبح، والعالم يطبق على شفتيه
كبرت لأعرف أن دنيا الصغار كانت أجمل, وأنه لم يكن هناك شيء يستحق الأستعجال أن أكبر.
لقد كبرت لفرط ما قالت لي”غدا حينما تكبرين يا ابنتي”
كبرت لأناديها : ياوطن، ونحن بدونك منفى,أُحبُّك.