طبيب وخفاش ومأدبة عشاء .. تعرف على قصة الظهور الأول لكورونا
في البداية ظهرت حالة عدم الاكتراث الواضحة لدى سكان ووهان الصينية بشأن ما يجري تناقله عن ظهور فيروس قاتل بمدينتهم، ولعل ذلك يعود للتشخيص غير الدقيق من السلطات الصحية في المدينة، أو ربما بسبب التعتيم الإعلامي الذي تفرضه السلطات على وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، حيث يمنع تداول أي خبر بشأن الفيروس الجديد.
هذه الإجراءات الحكومية شجعت سكان المدينة على ممارسة حياتهم الطبيعية دون أن يدركوا أن الخطر يحدق بهم، ووصل الحال ببعضهم إلى ترتيب مأدبة عشاء في مطعم بالمدينة حضرها عشرات الآلاف من الأشخاص.
ومع الارتفاع السريع لأعداد من يصيبهم الفيروس ويفتك بحياتهم، وصعوبة تلقيهم للعلاج، قررت حكومة ووهان منع المواطنين من مغادرة مجمعاتهم السكنية ولم يعد بإمكان السلطات الصينية إنكار وجود الفيروس القاتل، وهنا وصل لوسائل الإعلام العالمية خبر مأدبة العشاء المأهولة، وبدأت التحليلات والتوقعات عن الدور الكارثي الذي لعبته بانتشار الفيروس في ووهان.
طبيب العيون
وكان طبيب العيون لي وين ليانغ قد حذر منذ الأيام الأولى لظهور الفيروس من أنه قاتل، ودعا سكان مدينة ووهان لتوخي الحذر، لكن السلطات اتهمته بترويج الشائعات وهددته بمواجهة تهم بالإرهاب، وقد فارق الحياة بعد إصابته بالعدوى، وبعد شهر من وفاته فقد ثلاثة من زملائه حياتهم بالفيروس ذاته، وفتحت عدة أسئلة حول الاستجابة الصينية السريعة لانتشار فيروس سارس عام 2003، بالمقارنة بالتأخر الذي حصل في الاستجابة لفيروس كورونا.
وأرجع المستشار الطبي للحكومة الصينية تشونغ نان شان الأمر إلى أن مركز مكافحة الأمراض لا يحظى بالاحترام الكافي، وليس لديه الصلاحيات الكافية، ويقتصر دوره على تقديم الدراسات من الخبراء للجنة الصحة.
دور الخفافيش
بدوره أشار الطبيب المختص في علم الفيروسات الدكتور مكي يحيى عبد المؤمن إلى أنه لا يعرف لغاية اللحظة كيف أصيب أول مريض بفيروس كورونا، فهل حدث ذلك عن طريق تناوله للخفاش أم عن طريق ملامسة شيء ما، موضحا أن “نسخة” الفيروس يمكنها الدخول إلى جسم الإنسان عن طريق الفم أو الأنف، والفيروس قادر على التكاثر خلال 24 ساعة بنسبة عشرة آلاف مليار نسخة في الخلية الواحدة.
لكن الطبيب نوه إلى أن أول بؤرة انتشر فيها المرض كانت في إحدى الأسواق التي توجد بها حيوانات، حيث يجري تربية الحيوانات وبيعها، مرجحا أن يكون الاختلاط مع الحيوانات هو السبب في انتشار المرض.
إغلاق المدينة
وسعيا منها لوضع حد للكارثة التي حلت بالمدينة وأصبحت محط اهتمام وسائل الإعلام العالمية، اتخذت السلطات في ووهان إجراءات صارمة مع قرب الاحتفال بحلول السنة القمرية الجديدة، فقررت عزل المدينة عن العالم الخارجي، وفرضت على سكانها حظرا مطبقا في منازلهم، بعد أن أغلقت جميع المؤسسات والمراكز والدوائر بها، وأغلقت كافة وسائل المواصلات البرية والجوية، ووصفت الإجراءات بأنها الأشد صرامة في تاريخ الجمهورية الصينية.
ورفعت مستشفيات ووهان حالة الجاهزية لديها، لعلاج الحالات المصابة بالفيروس والتقليل من الوفيات، وقد أرسلت السلطات الصينية نحو 40 ألف طبيب وممرض إلى المدينة لمواجهة الوباء، ترافق ذلك مع الإغلاق الفعلي للمدن وإرسال الإمدادات الطبية العاجلة لمواجهة تفشي الوباء.
أما اقتصاديا، فقد تجاوزت الخسائر التي تكبدتها الصين 160 مليار دولار خلال شهري يناير/كانون الثاني وفبراير/شباط الماضيين.
لكن الفرج كان بانتظار الصينيين بتاريخ 10 مارس/آذار الجاري عندما أعلنت السلطات السيطرة عمليا على تفشي الفيروس، الأمر الذي وصفته منظمة الصحة العالمية بالاحتواء الفعال والناجح، وأبدت الصين استعدادها لنقل تجربتها إلى الدول التي تفشى فيها الفيروس.