الخبر وما وراء الخبر

الأسواق الشعبية اليمنية .. وجه آخر للصمود اليمني

54

يمعن العدوان الامريكي السعودي في ارتكاب الجرائم البشعة بحق المدنيين ولا يستثني فيهم أحدًا سواءً طفلا أو امرأة شيخًا أو شابًا أكانوا في منازلهم أو في مساجد يعبدون الله أو أسواقًا شعبية يتسوقون لقضاء حوائجهم أو في مدارس يتلقون العلم أو في أي مكان فلا مكان آمن، فهم هدفً لعدوٍ رأى كل شيء مباح لا إنسانية لا أخلاق وقيم يحملها لا خوف من الله يردعه.

ولم يقتصر الاجرام المسلط على اليمن في شن الغارات وحسب، بل تجاوزها الى حد فرض الحصار على البلاد والعباد، الامر الذي دفع اليمنيين الى ايجاد البدائل.

وفي موضوعنا اليوم والذي سنركز فيها على دور الاسواق الشعبية في مواجهة خمس سنوات من العدوان والحصار المفروض على اليمن، كان نزولنا الى اهم واشهر واقدم الاسواق اليمنية التي يتجاوز عمر احدثها، تاريخ تأسيس نظام ال سعود، وتتواجد هذه الاسواق في صنعاء القديمة.

فصنعاء القديمة تعد من أقدم المدن على المستوى العالمي والضاربة جذورها في التاريخ إلى 3600 سنة، واشتق اسم صنعاء من الصنعة لكثرة الصنع والحرف التي عرفت بها منذ قديم الزمان، و يوجد بها 35 سوقاً مختلفة منها (سوق المعطارة – سوق الحدادة – سوق الحبوب – سوق الزبيب – سوق الملح – سوق القماش – سوق الفتلة (بيع لوازم الخياطة) – سوق الجنابي – سوق المدر (الفخار)- سوق الفضة – سوق النجارة).

كما أن كل سوق مخصص لبيع منتجات معينة وما يميز هذه الأسواق هو أنها غير متداخلة مع بعضها البعض، وتبدأ الحياة في أسواق صنعاء القديمة من بعد صلاة الفجر وحتى ساعات متأخرة من الليل.

سوق المحدادة أو الحلقة

فما إن تدخل إلى سوق المحدادة تجد نفسك أمام محلات كثيرة وصغيرة يخرج منها أصوات ضرب الحديد ، ويتم تصنيع الكثير من المعدات الزراعية مثل المحاريث والفؤوس والمجارف وسلاسل المحاريث وأوتاد الخيام ومواقد الفحم وغيرها.

وكان سوق المحدادة حتى وقت قريب جدا على وشك ان يغلق ابوابه بعد ان عزف المزارعون عن الاهتمام بحقولهم واتجهوا الى شراء القمح والمنتجات الزراعية التي يتم استيرادها من الخارج، الا أنه في ظل التوجهات الرسمية لتشجيع الزراعة، عادت الحياة من جديد الى سوق المحدادة.

وشرع الكثير من المزارعين اليمنيين إلى سوق المحدادة بصنعاء القديمة لشراء الأدوات الزراعية التي تتميز بجودتها وقوتها.

سوق الحبوب

هذا السوق هو الاخر شهد انتعاشاً ملحوظاً حيث زادت واردات السوق ومبيعاته بشكل لافت من مختلف أنواع الحبوب المزروعة محلياً بدء من البر (القمح البلدي)، الشعير، الدخن، الذرة البيضاء والصفراء، العدس، البقوليات، والبهارات.

وما يميز سوق الحبوب هو استخدام المكاييل مثل النفر، والربع، والثمن، والقدح بشكل كبير كوحدات للكيل بدلاً من الميزان، حيث يفضل كثير من اليمنيين وبالأخص القادمين من الريف الشراء بالمكاييل المختلفة باعتبار أنها أبرك وأفضل من الميزان بالكيلو.

سوق المعطارة (العطارة)

يتميز هذا السوق بمحلاته الصغيرة التي يتواجد بها مختلف أنواع البخور والعود والتي يصل أسعار بعضها إلى آلاف الريالات ويتم استخدامها في الأعراس والمناسبات المختلفة.

وتجد في هذا السوق الأعشاب الطبية التي يتم جلبها من مختلف الجبال والوديان اليمنية، ليعتبر هذا السوق بمثابة صيدليات لعلاج كثير من الأمراض المختلفة مثل الطفح الجلدي وعلاج المغص والسعال والتهاب المسالك البولية وغيرها.

كما يتم في هذه الحوانيت بيع العطور التقليدية والعسل البلدي والخضاب الخاص بنقش الفتيات وغيرها من المواد المختلفة.

ويظل سوق الملح، هو أشهر أسواق صنعاء وأقدمها على الإطلاق. ويسميه بعض المؤرخين “سوق المُلَح” أي سوق كل ما هو جميل ومليح. وهناك الكثير من الاسواق الاخرى كسوق الزبيب، وسوق الذهب والفضة، وسوق الحلي الشعبية المصنعة من العقيق والفضة، وسوق الجنابي، وسوق القماش، بالإضافة إلى السوق المعروف بسوق المدر.

في مواجهة الحصار

كانت ولا زالت الأسواق في اليمن أهدافًا رسمية وفي قائمة عمليات تحالف العدوان، وما زاد من معاناة التجار والمواطنون هو الحصار المفروض على اليمن براً وجوا وبحرا، إلا أن تجارب الماضي على ما يبدو أكسبت اليمنيين خبرة ووعياً في التعاطي مع مثل هذه المواقف، وذلك من خلال احياء الاسواق الشعبية وصناعة المنتجات المحلية.

ورغم أن صنعاء القديمة مازالت جراحاتها تنزف بسبب الدمار الذي ألحقه العدوان بعدد من منازلها القديمة الشامخة منذ اَلاف السنين ودفن ساكنيها تحت ركام ياجورها وأخشابها، الا ان حركة النشاط في أسواق صنعاء القديمة زادت بشكل واضح باعتبار اغلب المعروضات في الاسواق محلية الصنع، الامر الذي زاد من معنويات المواطنين في مواصلة حياتهم خاصة وكسر الحصار المفروض على اليمن.

ويرى الكثير أن اعلان آل سعود الحرب على اليمن وعلى صنعاء القديمة بشكل خاص لم يكن من بداية العدوان وحسب، بل منذ عشرات السنين عندما استهدفوا الآثار والسياح عبر التنظيمات التكفيرية .