الخبر وما وراء الخبر

“الشهيد القائد” عنوان الصمود

22

ذمار نيوز || مقالات ||
[ 20 مارس 2020مـ -25 رجب 1441هـ ]

بقلم || أحمد يحيى الديلمي

بعد خمس سنوات من الصمود والتحدي وما رافقها من ملاحم بطولية وأعمال خارقة اجترحها الأبطال المجاهدون في كل ميادين الشرف والكرامة ، لا تزال أسئلة الحيرة تتقافز في أذهان الكثير من المفكرين العرب عن سر هذا الصمود وخلفياته .

استقيت هذه المعلومة من أسئلة عديدة تلقيتها من عدد من الكُتاب كان آخرها مفكر عربي يعيش في بريطانيا ، تحدث فيها عن الشائعات التي ترددها ماكنة الإعلام المعادي واسعة الانتشار وكيف أنها تسخر من قدرات اليمنيين على الإبداع وتقلل من إمكانية ابتكار أسلحة جديدة أو تطوير ما هو قائم منها ، وتسعى إلى إلحاق كل شيء بإيران وكأن اليمنيين لا عقول لهم ولا إرادة ولا قدرة .

أقول للصديق العزيز وكل المتسائلين : هذا ما كان في الماضي بالفعل ، عندما كان القرار السيادي مرتهن إلى إرادة السعودية ، لا تجري أي حركة في الداخل إلا بإذن أصغر أمير تابع للنظام السعودي ، الأمر اختلف اليوم تماماً منذ ظهرت حركة الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي فلقد أحيا في النفوس قيم الانتماء الصادق لروح العقيدة بما تفرضه على المسلم من أعباء والتزامات وما تحتمه من دفاع عن الأوطان والأعراض والكرامة .

وفي ما يتعلق بالحروب الـ6 التي سبقت العدوان كان الوعي السلطوي المترهل المصاب بداء الاستسلام والتبعية للآخرين هو الباعث الحقيقي للمواجهة وتعاقب الحروب ، لكنه عجز تماماً عن كسر شوكة وإرادة المجاهدين الأبطال الذين تخرجوا من مدرسة الشهيد القائد .

وبالعودة إلى أفكار ومعتقدات المذهب الزيدي نجد أنه تعرض لظلم كبير وتعرض أتباعه للترويع والتخويف والتصفية الجسدية ، ليس اليوم فقط ولكن من حكام الجور على مر العصور ، لأهم ميزة ميزته عن غيره من المذاهب ممثلة في تكليف أتباعه بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإقرار مبدأ الخروج على الحاكم الظالم ، هذه القاعدة أثارت مخاوف الحكام ، لأنها تأصلت في النفوس وأصبحت من التكاليف الواجبة على كل من ينتمي إلى المذهب ، مما آثار حقد الحكام وبلغ بهم الحال إلى تزييف أصول المذهب ومحاولة تشويه حقيقتها وتلفيق أفكار دخيلة كلما أقتضى الأمر ، بدعوى مقاومة السلطة والخروج على الجماعة ، بينما الإمام زيد عليه السلام كان واضحاً واتسم منهجه بالسماحة وقوة الحجة ، فالتبس الأمر على الكثيرين بباطل المذاهب الأخرى المتهمة بالتطرف والغلو والتشيع ، وهو ما جعل الناس يذهبون للتعريف بالمذهب وقراءة أصوله، مذاهب شتى ألصقت به ما ليس فيه مما ضاعف الظلم الفادح على أتباع المذهب ، وجعل سيوف الانتقام مصلتة فوق رقابهم ، وهذا ما حدث بالفعل للشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي ، فالرجل انطلق فقط بهدف إحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، إلا أن علماء الزيف وفقهاء السلطة وكل الأبواق الناعقة التي تتهالك في خدمة الحاكم وتسعى إلى تثبيت أركان حكمه زيفوا كل شيء ، وجعلوا الحاكم يصب جام غضبه على الشهيد القائد والشباب الذي سار على ركبه ونهج نهجه .

بالعودة إلى فكر الشهيد نجد أنه حدد المهمة التي انطلق من أجلها من أول وهلة ، وقال أننا نحاول إصلاح مسار الإسلام وننطلق من الذات الإسلامية الصادقة ، فنفذ بذلك إلى عقول الشباب وفرض هيبته وقوة حضوره دون جاه أو سلطان أو مال ، فكان المشهد عميق الدلالاة بالغ الأثر والأكثر استدعاء للمشاعر الإنسانية بأفق إيماني وإحساس وطني صادق ، فقال :

دعوتنا لا مجال فيها لليأس أو القبول بحياة الاستسلام والخنوع والذل والهوان ، المهمة صعبة وأهم مقومات نجاحها التخندق في ردهات القرآن الكريم وإحياء العمل بأحكامه ، من خلال تبصير الناس بمدلولاتها وإيصال معارفه الحقيقية والأسرار الكامنة فيه وتحويلها إلى سلوك وممارسات في الحياة اليومية ، وصولاً إلى التحلي بالورع والتقوى والارتقاء بالنفوس إلى مرحلة السداد واستلهام قيم الانتماء للدين على أصولها ، وأضاف أن أي دعوة صادقة لابد أن تستند إلى بناء قوي وأسس ثابتة حتى تترسخ في النفوس كأهم عوامل النجاح ، وبالفعل ثبت هذا النهج لدى الأتباع وأدركوا أنهم أصحاب قضية ، وهذا ما زادهم صلابة وصموداً واستبسالاً أمام كل إعصار وعاصفة عاتية .

وهذا يا صاحبي ويا صديقي هو محور النصر وأساس صناعة المعجزات في اليمن تحت الحصار الجائر، فالأوضاع التي أنطلق فيها الشهيد كانت في أمس الحاجة إلى صعقة كهربائية تُعيد البشر إلى جادة الصواب ، فاقتفى أثر الأئمة العظام الحسين بن علي وزيد بن علي عليهما السلام ، وفي سبيل هذه الغاية النبيلة أستطاع أن يترجم روح العقيدة وبذل روحه رخيصة في سبيل ذلك ، فكان النموذج والقدوة لآلاف الشباب الذين استلهموا روحية الاستبسال والتضحية في سبيل الله من الشهيد ، وهم اليوم من يصنعون المعجزات الخارقة ويتصدون للمعتدين بإرادة ذاتية صادقة الإيمان على طريق استكمال رسالة الشهيد القائد طيب الله ثراه ، والإسهام في تبديد الخيبة وحالات الشعور بالنقص واليأس لدى المسلمين ، وتهيئة أذهان المتخاذلين للقبول بسلوكيات التحدي والتصدي الحازم للطغاة والمتجبرين وكل ظواهر الاستبداد والصغيان حيثما وجدا ، وإليك وإلى كل المفكرين العرب المتعاطفين مع اليمن واليمنيين كل تحية وسلام ومحبة.. وللشهيد القائد قدس الله روحه الرحمة والخلود في جنة عرضها السموات والأرض .. والله من وراء القصد ..