الخبر وما وراء الخبر

هكذا يكتب النظام السعودي كل يوم سطراً في شهادة وفاته

116

الشيخ عبدالمنان السنبلي


 

كانت وَما زالت مملكةُ آل سعود منذ نشأتها تنتهجُ سياسةً عدوانيةً متخبطةً مع خصومِها تفتقرُ إلى الاستراتيجيةِ المدروسة وَالواضحة بارتجالية مطلقة، ولولا عهدٌ قديمٌ بينهم وبين واشنطن يؤمّن ديمومتهم وَيضمن بقاءَهم لسقط هذا النظام منذ أمدٍ بعيد، إلا أن النظامَ الحالي الذي أتى مع بداية 2015 بقيادة سلمان وَوليي عهده الشابين بن نايف وَبن سلمان قد حطم الرقم القياسي في عدد وَنوعية الأخطاء الاستراتيجية المميتة وَالتي بدأها بعدوانه الغاشم وَعلى نطاق تدميري وَإجرامي واسع على بلدٍ شقيق ظل يوصف إلى ما قبل 26 مارس 2015 بالعمق الاستراتيجي للمملكة وَدول الخليج وَكأنهم بذلك العدوان قد عمدوا إلى التسريع في عملية الانهيار وَالسقوط الأخير.

واستمروا في أخطائهم وَحماقاتهم، فلم يجدوا حرَجاً في محاولة التقارب مع إسرائيل بشكل معلن وَإن بدا في شكله أنه غير رسمي عن طريق الرجل المقرّب من دوائر صناعة القرار السعودي أنور عشقي الذي وصف نتنياهو بما لا يصفه أقرب المقربين إلى قلبه، وَكذلك ما تناولته الكثيرُ من التقارير الاستخباراتية وَالإعلامية المؤكدة من حقيقة الاستعانة بهم لوجستياً وَعسكرياً في عدوانهم على اليمن، وَليس ذلك فحسب بل ذهبوا أبعد من ذلك حين سعوا إلى دخول حلبة الصراع مع روسيا مُبدين استعداداً غريباً للمواجَهة معها وَلو تطلب ذلك الأمر عسكرياً، بالإضافة إلى إصرار منهم متزايد على تدمير سوريا وَرفض أي حلولٍ سياسية لتسوية الأزمة السورية.

لم يكتفِ النظامُ السعودي بذلك بل سعي إلى انتهاجِ سياسة عُنصرية داخل المملكة خلقت ما يشبه العداء بينه وَبين شريحة مجتمعية لا بأسَ بها من خلال عملية الإقصاء والانتقاصِ وَالتحريض ضدهم الأمر الذي جعل الرئيس الأمريكي أوباما يحذر النظامَ السعودي بقوله إنه ملتزم بحماية السعودية في حالة حدوث اعتداء خارجي عليها، إلا أنه لا يستطيعُ أن يفعلَ شيئاً في حالة اندلاع ثورة داخلية وَكأنه بذلك يبشّرهم بربيعٍ حجازيٍّ نجديٍّ يمنيٍّ قادم، كما أنه لم يبخل عليهم بتقديم النصيحة حين دعاهم إلى الالتفاتِ إلى الداخل، إلا أن حماقتهم وَعدم فهمهم للمتغيرات حولهم قد منعهم من التقاط تلك النصيحة وَمضوا في غيّهم غيرَ مدركين بما يمكن أن تخبئ لهم الأيام من مفاجآت.

وَاليوم وَقد نفذوا عملية الإعدام بأحد أبرز معارضيهم المرجع الشيعي نمر النمر، فإنهم بذلك قد أطلقوا إشارة البدء لإنطلاق ثورة ضدهم لن يتأخر موعدُها كثيراً.

هكذا يتبدى للمتابع وَالمراقب كيف أن النظامَ السعودي يرسُمُ بيده ملامحَ سقوطه بقلمٍ أسودَ وَكأنه بذلك قد اتخذ القرار بكتابة شهادة وفاته أو مصرعه، وَلا يبدو أنه سيتوقف عند آخر سطرٍ كتبه اليوم بدم القيادي الشيعي نمر النمر!!