الخبر وما وراء الخبر

 دروس من هدي القرآن الكريم

39

وإذصرفنا إليك نفراً من الجن
( ٦ )
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 11/2/2002م
اليمن – صعدة

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وآله الطاهرين.
يجب عليهم أن يستحيوا من موقف كهذا، يحب عليهم أن يحذروا، إن أولئك أعداء أعداء بما تعنيه الكلمة، وأنه حتى أنت إذا ما رأيت آخرين وإن كانوا كباراً حتى ولو رأيت رئيس الدولة في موقف هو موقف المخدوع بأولئك الأعداء فلا تستسلم أنت؛ لأنك ستكون الضحية، لا تقل إذاً الرئيس قد هوأعرف وأدرى، هو الذي هو عارف وقد هو رئيس الدولة ورئيس كذا.
إنهم يخدعون الرؤساء والمرؤوسين، ويخدعون الصغار والكبار، وهذه المقابلات التلفزيونية التي نراها توحي فعلاً بأنهم قد خدعوا إلى الآن، بأن الكبار هنا في بلدنا قد خدعوا إلى الآن وهناك حملة شديدة ضد اليمن دعائية، وأنهم خدعوا والدليل على أنهم خدعوا أنهم يقولون للناس أن يسكتوا، بينما هؤلاء الأعداء هم من يحركون وسائل الإعلام أن تهاجم اليمن وتهاجم السعودية وإيران وبلدان أخرى، أليس هذا هو الخداع؟ أليس هذا هو الموقف المخزي؟ أن يكون زعماء أعدائنا، زعماء الدول التي هي عدوة لهذه الأمة ولدينها هم من يحركون شعوبهم، هم من يحركون الكُتّاب والصحفيين ووسائل الإعلام لتقوم بحملات ضد هذا البلد أو هذا البلد أو الأمة بكلها، أليسوا هم من يبحثون عن رأي عالمي يؤيد مواقفهم ضد هذه الأمة، فكيف ينطلق هؤلاء الزعماء ليقولوا لشعوبهم اسكتوا، أليس هذا هو الخداع؟ ألم يُخدعوا إذاً؟.
نحن نقول – فيما نعتقد – على ضوء القرآن الكريم ومن منطلق الثقة بالله سبحانه وتعالى وبكتابه وعلى أساس ما نشاهد:لسنا أقل فهماً منكم، ليس ذلك الشخص لكونه قد أصبح رئيس وزراء أو وزير خارجية أو رئيس جمهورية هو بالطبع أصبح أذكى الناس وأفهم الناس، ألم يعرف الناس كلهم أن زعماء الدول العربية هم في موقف مخزي وموقف ضعف؟ حتى الرجل العامي في هذا البلد أو ذاك يعرف هذه، من أين أتى هذا؟ أليس هذا من خداع حصل، ومن نقص في فهمهم أو في إيمانهم أو مرض في قلوبهم أو أي شيء آخر؟.
فأنت لماذا ترى أولئك، ترى الخديعة أمامك، ترى العدو يتحرك أمامك كما يتحرك في أي بلد، وعرفت النتائج السيئة لتحركه في البلد الذي شاهدته على شاشة التلفزيون.. ثم تسكت؟ وتجلس وتثق بأن ذلك لم يُخْدَع، وأنت لو سألناك هل أنت راضي بمواقف زعماء العرب في مواجهة إسرائيل؟ أي يمني سيقول نعم؟! أي سعودي سيقول: نعم؟! أي مواطن عربي سيقول نعم أنا راضي بمواقفهم في مواجهة إسرائيل؟!, وأن هذه سياسة حكيمة أنا راضي بمواقفهم مع أمريكا، وأقول هذه سياسة حكيمة!.
عندما دخلوا في الحلف ووافقوا على هذا الحلف لأن تقوده أمريكا حلف مكافحة ما يسمونه بالإرهاب. إذا أنت تقول وكل الناس من حولك يقولون أنهم لا يرضون عن موقف هؤلاء، فلماذا وقد أصبح هؤلاء في بلدك تجعل سكوتهم حكمة؟ وهو السكوت الذي أنت تنقدهم عليه وتلومهم عليه وهؤلاء الأعداء لا زالوا في فلسطين أو في منطقة أخرى، نحن هنا في اليمن ألسنا نقول أن سكوت الزعماء في مواجهة إسرائيل غلطة كبيرة؟ وأنهم ضعفوا وأضعفوا الأمة معهم، ولكن لماذا سنعد سكوتهم فيما إذا وصل العدو إلى بلدنا فيما إذا اتجه نحو شعبنا ليصنّفه كشعب إرهابي يخطط لأي عمل ضده سنجعل سكوتهم حكمة، والسكوت هو الذي لُمْنَاهم عليه من البداية.
عندما ينطلق هؤلاء ليبرروا سكوتهم وعدم اشتراكهم في أعمال كهذه وهي لا تزال أعمال بسيطة، فينطلقون لينقلوا التبريرات ولو جاءت على لسان أعدائهم ينقلونها فعلاً، أو جاءت على لسان المخدوعين من الكبار أيضاً بأولئك الأعداء، سينقلها فعلاً ويتحرك كبوق دعاية، نقول له: عُدْ إلى القرآن الكريم، ولنعد نحن وأنت إلى القرآن الكريم لنعرف من هو الحكيم، من هو الذي موقفه صحيح وموقف حكيم وموقف حكمة، هل هو من يتحرك على أساس القرآن الكريم في مواجهة هؤلاء الأعداء؟ أم أن القرآن الكريم لم يتحدث عنهم، ألم يتحدث عن اليهود والنصارى حديثاً كثيراً؟ أو ضح فيه عداءهم أوضح فيه ما يعملونه ضد الأمة، أوضح فيه كيدهم ومكرهم، بشكل واسع جداً داخل القرآن الكريم، وفي نفس الوقت رسم الخطط الحكيمة للمؤمنين في مواجهتهم ووعدهم بالنصر، بل كشف النتيجة في واقع العدو إذا ما اتجه المؤمنون لمحاربتهم، أن أولئك ضعاف، أنه قد ضرب عليهم الذلة والمسكنة، أليس موقف القرآن الكريم هو موقف المشجع على العمل؟ الموجب للعمل في مواجهة أعداء الله، أليس هو المحذر لمن يقعد لمن يتخلف من عقوبة قعوده وتخلفه في الدنيا وفي الآخرة؟
إذاً فلا شك أن العمل هو المجدي أن العمل هو المنسجم مع القرآن، أن العمل هو الذي سيحول بيننا وبين أن يضربنا ذلك العدو.
لاحظوا من يعرفوا هذه الحقائق، الإيرانيون خوطبوا بأقل مما خوطب به اليمن، والحملة ضد اليمن الآن تبدو أكثر بكثير مما تَوجّه ضد إيران، فكيف كان موقف الإيرانيين؟ موقف من يرفضون أولئك، موقف من يتهددونهم موقف عملي قول وفعل؛ لأن هذه هي الطريقة الصحيحة.
ولنعد عندما يقول البعض: [هؤلاء هم يريدون الإرهابيين وأنتم تريدون أن تطلعوا إرهابيين من جديد]. نقول: أنت مخدوع، أنت تظن أن أمريكا وإسرائيل أن اليهود والنصارى أنهم إنما يريدون أولئك الذين يسمونهم إرهابيين، أنت مخدوع بهذا سواء أكنت كبيراً أم صغيراً، لماذا؟ نحن حسب معرفتنا نرى ونسمع أن من يقال عنهم أنهم إرهابيون هنا في اليمن هم الوهابيون، أو أشخاص من الوهابيين ومعاهدهم وجامعاتهم، أليس هذا هو الآن ما يقال بأنه إرهابي ومراكز إرهاب، ومنابع وجذور إرهاب؟.
لكن من الذي دعم هؤلاء في البداية؟ من الذي مكنهم من أن يتغلـغلوا في مؤسسات الدولة؟ فيأخذوا أهم المجالات داخل هذا الشعب، وهو مجال التربية والتعليم، أخذوا التربية والتعليم، وأخذوا الأوقاف، وأخذوا وزارات أخرى، أمريكا هي المهيمنة، وأمريكا تسمع وترى، مخابراتها واسعة، هل ستسمح في شعب كاليمن أن يتحرك أولئك على ذلك النطاق الواسع مئات المعاهد، الجامعات الكبيرة، مئات المساجد أخذوها، ومنطقهم معروف، وكلامهم معروف، ثم لا يكون هناك إيحاء لهذا أو هذا بدعمهم، وإيحاء بإخلاء الساحة أمامهم والتعاون معهم وإفساح المجال لهم، هذا شيء ملموس.
حتى تعرف أن الشعب نفسه هو المستهدف وليس أولئك، وأن الدين بكله هو المستهدف وليس أولئك، أن أمريكا من البداية هي من تعطي ضوءاً أخضر لدعم هؤلاء وإفساح المجال أمام هؤلاء، والتعاون مع هؤلاء وهي من شغلتهم هم في مناطق أخرى في مجال تكون نتيجته مصلحة لها ولمصالحها في المنطقة، ثم تأتي بعد فترة لتقول بأن أولئك إرهابيون.
إذاً فمن هو المستهدف؟ إنها إنما عملت هؤلاء من البداية عبارة عن مبرر لأن تضرب الشعب بكله، وأن تتغلغل في أوساط هذا الشعب، وتبني لها قواعد فيه، هي من بنتهم، أليست هي التي بَنَت طالبان؟ أليست هي التي تدعم الوهابيين وتوحي بدعمهم؟ ثم في الأخير تبدو وكأنها إنما تهيئ حجة لها في المستقبل، تزرع أشخاصا وتوحي للآخرين بدعمهم، فمتى ما أصبح وجودهم معروفاً لا شك فيه في هذا البلد، قالوا هؤلاء إرهابيون، إذاً بلدكم فيه إرهاب، لا شك.
من الذي يستطيع أن يقول هنا في اليمن ليس هناك وهابيون؟ هناك وهابيون لا شك، أمريكا سمتهم إرهابيين، هل تستطيع أن تقول: لا.. ليس هناك وهابيون؟ أولئك الذين تعتبرهم إرهابيين، إذاً أصبحت الإدانة على وجهك ماثلة، وهابيون موجودون عندكم؟ نعم، إذاً هم إرهابيون.
وحينئذٍ سيأتي العمل الطويل كما قالوا هم – عندما تحركوا ضد أفغانستان – :أن الفترة ستكون طويلة، لماذا؟ لأن المسألة ليست مسألة أن هناك إرهابياً يُضرب، ثم يعودون، سيقولون: إذاً هذا إرهابي، صحيح. إذاً باقي جذور إرهاب، باقي منابع إرهاب، باقي وباقي وهكذا، ثم سيصنعون إرهاباً هم – كما قلنا أكثر من مرة – ستسمع تفجيرات هنا وتفجيرات هناك، ثم يقولون: إذاً من الضروري – وسيكونون متجملين ومحسنين كما يبدو لنا – أن تأتي التعزيزات من مختلف البلدان تحت قيادة الأمريكيين إلى اليمن كما حصل في أفغانستان، حينئذٍ سيفهم الناس – إذا لم نفهم من الآن – أن المستهدف هو الشعب نفسه، الشعب بكله بدولته، حتى الدولة إذا ما جندوها لأن تعمل ضد أبناء هذا الشعب فإنها هي مستهدفة؛ لأنهم لن يرضوا عنها مهما عملت، هل رضوا عن عرفات على الرغم مما عمل؟ ألم يملأ السجون من شباب [حماس] ومن شباب [منظمة الجهاد الإسلامي]؟ ملأ السجون وحاول أن يعلن بأنه حريص على السلام وأنه، وأنه، لم يقبلوا منه أبداً، قالوا: أنت قصرت في مكافحة الإرهاب، ماذا يريدون منه أن يعمل؟ هل يريدون أن يكون أشد على الفلسطينيين من الإسرائيليين أنفسهم؟ إذا كانوا يريدون هذا من عرفات فإنه ما يريدونه من أي زعيم.
عليهم أن يفهموا بأن قول الله سبحانه وتعالى: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ}(البقرة: من الآية120) .