الحوثي مغردا عن “أحداث كبرى” : تبارك الله
غرد عضو المجلس السياسي محمد علي الحوثي تغريدة مقتضبة تظهر “احتفاء بأحداث كبرى قيد الانجاز” قد يتضمن تفاصيلها “بيان مرتقب” أعلن متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع الاحد أنه “سيكشف عن تفاصيل عملية كبرى”، ومن المتوقع أن يعلن اليوم الثلاثاء.
وعلى غير عادته، اكتفى محمد الحوثي بنشر تغريدة على منصة “تويتر” منتصف ليل الاثنين، ضمنها عبارة مقتضبة تقال عادة في التعبير عن الامتنان لله وعظيم توفيقه لما يتجاوز المرام. وقال مغردا: “تبارك الله”. تاركا الباب مشرعا للتكهنات والتوقعات بشأن المغزى من التغريدة.
تغريدة الحوثي، تتزامن مع تتابع المعلومات الميدانية عن استكمال الجيش واللجان الشعبية دحر قوات تحالف الحرب الذي تقوده السعودية والإمارات بدعم أمريكي وبريطاني مباشر من إحدى أكبر محافظات اليمن مساحة وأهمية للتحالف ومسلحيه بحكم موقعها الجغرافي بالغ الحساسية.
وتأتي تغريدة محمد الحوثي بعدما كشف، الاحد، جانبا من البيان العسكري المرتقب، مغردا:”نبارك للشعب اليمني الصامد دحر الغزاة ومرتزقتهم من الجوف”. مضيفا: “كما نبارك للقوات المسلحة والأمن واللجان ما تحقق على أيديهم من انتصارات. ونبارك لأبناء ومشائخ وشخصيات وقيادات محافظة الجوف الإنجاز الذي شاركوا بتحقيقه”.
محافظة الجوف التي احتضنت قبل 5000 عام مملكة معين إحدى أهم حضارات اليمن، تقع على مساحة اجمالية تبلغ 39495 كم مربع، شمال شرق العاصمة صنعاء وتبعد عنها مسافة (170 كم)، وتحدها من الشمال محافظة صعدة، ومن الشرق صحراء الربع الخالي الذي تستحوذ عليه السعودية.
وتؤكد مصادر عسكرية ميدانية متطابقة أن قوات الجيش واللجان “استعادت بسط نفوذها على كامل محافظة الجوف، بدحرها قوات التحالف ومسلحيه من مدينة الحزم” المركز الإداري للمحافظة الحدودية مع السعودية، وأحد أبرز معاقل مليشيات تجمع الإصلاح (الإخوان) وتنظيم “القاعدة”.
جغرافيا، تعد مديرية الحزم وبجانب كونها المركز الإداري للجوف، تعد ثاني أكبر 12 مديرية في المحافظة لمساحتها البالغة 1600 كم2 بعد مديرية خب والشعف البالغة مساحتها 32.510 كم مربع، كما أنها ثالث مديريات المحافظة كثافة سكانية وفق اسقاطات مجلس السكان للعام 2011م.
ويصنف هذا التقدم لقوات الجيش واللجان الشعبية نوعيا وهاما لاعتبارات عدة بنظر مراقبين عسكريين أبرزها “الاهمية التي تمثلها المحافظة للتحالف بقيادة السعودية والاهمية الاستراتيجية للجناح الأبرز بين مليشيات مسلحي التحالف من تجمع الإصلاح الإخواني بوصفها ثاني أهم معاقله”.
تأتي استراتيجة محافظة الجوف للتحالف ومسلحي تجمع الإصلاح (الإخوان) من كونها تهيمن على محافظة مارب، المعقل الأكبر للتجمع، وتحديدا مركزها الإداري مدينة مأرب، أخر ما تبقى تحت سيطرة التحالف والتجمع في المحافظة، بعد عملية “البنيان المرصوص” للجيش واللجان الشعبية.
وتتصل محافظة الجوف من جهة الجنوب مع أجزاء من محافظتي صنعاء ومأرب، والأخيرة اتخذها التحالف ومسلحو تجمع الإصلاح معقلا رئيسا لهم منذ ما قبل حرب التحالف بمعاونة معسكرات ألوية ما كان يسمى “الفرقة الأولى مدرع” والتي تدين بالولاء لقائدها الجنرال علي محسن حليف التجمع.
تتأكد الأهمية الاسترتيجية للجوف ومدينة الحزم، من مواصلة طيران التحالف شن غارات مكثفة على المدينة، بلغ عددها الأحد “20 غارة استهدفت المجمع الحكومي ومبنى الأمن السياسي، لإتلاف ما قد تحويه من وثائق”. واستمرت الاثنين كثيفة قبل أن تجبرها الدفاعات الجوية على مغادرة الأجواء.
وباستثناء غارة على مديرية الغيل، أكد متحدث القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع إن “الدفاعات الجوية تصدت، الاثنين، لتشكيل قتالي يضم عددا من الطائرات الحربية للعدوان في سماء محافظة الجوف وأجبرتها بصواريخ فاطر 1 على مغادرة الأجواء دون أن تتمكن من تنفيذ أي أعمال عدائية”.
بالتوازي أكدت المصادر الميدانية، الاثنين، “استكمال قوات الجيش واللجان، الاثنين، تطهير مديرية الحزم، بعد تطهير منطقة الجر ومنزل القيادي الإخواني أمين العكيمي المعين من هادي محافظا للجوف”. موضحة أنها “حاصرت العكيمي في منزله قبل أن يصدر توجيه السيد عبدالملك الحوثي بمنحه العفو والآمان”.
وجاء العفو عن القيادي الإخواني العكيمي بعد مفاوضات سابقة كان كشف عنها، الأحد، عضو فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي مجاهد القهالي، قائلا: “سبق التواصل مع العكيمي وتقديم مبادرات بأن يتم تسليم الجوف سلميا على أن يكون العكيمي هو المحافظ ولكن تحت إدارة حكومة الإنقاذ الوطني”.
لكن العكيمي لم يف بالتزامات قطعها على نفسه أمام وساطات قبلية. وتفيد مصادر محلية أن “العكيمي بعد منحه الآمان غادر منزله الواقع في منطقة الجر، آخر نقطة في الحدود الإدارية مع مأرب، واتجه إلى معسكر اللبنات، القريب من مدينة مارب وعقد فيه اجتماعا مع وزير دفاع هادي”.
وأكد ناطق فريق المصالحة الوطنية والحل السياسي محمد البخيتي: أن “الشيخ امين العكيمي قاتلنا في الجوف بشراسة على مدى 5 سنوات حتى حوصر داخل بيته وأصبح أمام خيارين: إما القتل وهو في الموقع الخطأ وملاقاة المصير البائس، وإما تحمل ذل الأسر لرجل في مثل مكانته ووجاهته”.
وفقا للبخيتي “ليس غريبا على السيد القائد أن يعفو عند المقدرة وليس عيبا أن ينال العكيمي العفو فهذه شيم اليمنيين وعاداتهم”. لكنه أردف: “العيب أن لا يفي العكيمي بما التزم به في وجيه القبائل، وعلى رأسهم الشيخ احمد بن جلال والشيخ هيد بن معيلي والشريف يحيى بن علي النمس وغيرهم”.
ويرجع مراقبون إلى هذا “وعوامل أخرى”، تأجيل متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع إعلان بيانه المرتقب عن “العملية الكبرى للقوات المسلحة”. مُرجحين “حدوث مستجدات على أرض الميدان تتجاوز سيطرة الجيش واللجان الشعبية على مديرية الحزم إلى ما هو أبعد منها”.
وهو ما يفسر بنظر متابعين ومحللين مغزى تغريدة عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي منتصف ليل الاثنين، المقتضبة والمختزلة في عبارة يشيع استخدامها محليا للتعبير عن الامتنان لله وعظيم توفيقه لما يتجاوز المرام، بقوله مغردا: “تبارك الله”.