الخبر وما وراء الخبر

توازن الردع الثالثة: أبعاد ودلالات

64

الوقت التحليلي- بعد أيّام على المجزرة التي ارتكبها التحالف السعودية في محافظة الجوف اليمنية إثر إسقاط القوات اليمنية طائرة تورنيدو تابعة له، أعلن المتحدثُ الرسمي باسم القوات المسلحة اليمنية العميد يحيى سريع عن “تنفيذ عملية توازن الردع الثالثة في العمق السعودي”.

وقد أوضح العميد سريع في بيان صادر عن القوات المسلّحة اليمنيّة أنّه “بعون من الله تعالى نفذت القوة الصاروخية وسلاح الجو المسير عملية توازن الردع الثالثة في العمق السعودي بـ12 طائرة مسيرة من نوع صماد3 وصاروخين من نوع قدس المجنح، وصاروخ ذوالفقار الباليستي بعيد المدى”.

وأوضح سريع أن “عملية توازن الردع الثالثة استهدفت شركة أرامكو وأهدافا حساسة اخرى في ينبع وأصابت أهدافها بدقة عالية بفضل الله”، وأكد أن “العملية رد طبيعي ومشروع على جرائم العدوان والتي كان آخرها جريمة الجوف”، وتوعد “النظام السعودي بضربات موجعة ومؤلمة إذا استمر في عدوانه وحصاره على بلدنا”.

لم تعقّب شركة أرامكو على إعلان استهداف منشآتها في مدينة ينبع الساحلية، وهو أمر معتاد تمارسه السعودية في إطار التعتيم على الضربات النوعيّة التي تتلقّاه، لكن حجم الضربة من جهة، وعمليات التصوير العفوية التي ينقلها السعوديون من جهة أخرى، تؤدي إلى فشل التعتيم السعودي الذي يعدّ أبرز دلالة على قوّة العمليّة.

تأتي عملية توزان الردع الثالثة التي استهدفت شركة أرامكو في ينبع الساحلية، بعد توازن الردع الأولى التي استهدفت حقل ومصفاة الشيبة التابعة لشركة أرامكو شرقي السعودية، وتوازن الردع الثانيّة التي استهدفت بقيق وخريص، لتحمل معها جملة من الرسائل الاقتصاديّة والسياسيّة، وهنا نشير إلى التالي:

أولاً: لا شكّ أنّ عملية استهداف العمق السعودي تعدّ ردّاً طبيعياً ومشروعاً على استمرار العدوان والحصار، وكذلك ردّاً على المجازر التي تستهدف المدنيين، ليس آخرها المجزرة التي حصلت في محافظة الجوف اليمنية وراح ضحيتها 32 شهيداً بينهم أطفال. هذا ما أوضحه رئيس الوفد اليمني محمد عبد السلام، موضحاً في تغريدة له أن “عملية استهداف عمق مملكة العدوان بقصف شركة أرامكو في ينبع تأتي في إطار الرد الطبيعي والمشروع على استمرار العدوان والحصار، واستمرار ارتكاب الجرائم وآخرها جريمة المصلوب بمحافظة الجوف”. وأضاف إن” شعبنا اليمني لن يتخلى عن حق الرد ولن يسمح للعدو أن يستبيح الدم دون تدفيعه الثمن”.

ثانياً: يهدف التحوّل النوعي الجديد لرفع مستوى الضغط على السعودية لوقف عدوانها.العملية تضمّنت استخدام 12 طائرة مسيّرة من طراز صماد 3 أثبتت فاعليتها في الميدان ومسرح العمليات العسكرية، في حين ان الصواريخ المستخدمة عالية الدقّة قدس وذوالفقار أثبت مجدداً ما هو مؤكد، أي فشل الدرع الصاروخي والباتريوت الأمريكي في صدّها. السعودية التي تدفع مليارات الدولار لاستيراد المنظومات الصاروخيّة تدرك جيداً عدم فاعليتها في صدّ الصواريخ اليمنية المجنّحة، وبالتالي هي اليوم أمام خيارين: إما وقف العدوان، أو تلقّي المزيد من هذه الصواريخ.

ثالثاً: يعيش النظام السعودي حالة من الخوف والهلع، لا يعلم بالقادم في حالة استمرّ في عدوانه، فهل سنكون بعد أيام أمام توازن ردع رابع؟ لا ندري توقيته، ولكن ما هو مؤكد أن استمرار العدوان والمجازر تعني تعزيز القدرات اليمنية، لاسيّما قدرات الصواريخ وقدرات الطيران التي تضاعفت بنسبة 400% بالمئة، وبالتالي تعزيز الضربات الاستراتيجية التي تستهدف العمق السعودي، وفي مقدّمتها شركة أرامكو وتوابعها وهي الشركة الأم في السعودية التي تموّل وزارة الدفاع وكل المشاريع السعودية التي تستهدف اليمنيين.

رابعاً: لن تربك هذه الضربة السعودية فحسب، بل ستطول ما بعد السعوديّة، وما بعد بعد السعوديّة. الكيان الإسرائيلي الذي تابع بدقة ضربتي بقيق وخريص سيكون من أبرز المتابعين لهذه الضربة الاستراتيجية. إن استهداف النفط السعودي رسالة أيضاً للدول الغربية التي تدعم العدوان، وتسلّح التحالف، لاسيّما أنها من أيرز الدول المستفيدة من النفط السعودي.

في الختام، يسعى اليمنيون من خلال هذه الضربات النوعيّة للضغط على السعودية لوقف عدوانها على الشعب اليمني، وكما أن عملية الردع الثانية كانت أشد قساوة من عملية الردع الأولى، يبدو أن العملية الثالثة أقسى من سابقتها، وبالتالي فإن العملية الرابعة في حال استمر العدوان ستكون أشدّ إيلاماً للنظام السعودية من العمليات الثلاث السابقة، فهل تضع الردع الثالثة حدّاً للعدوان على اليمن؟