الخبر وما وراء الخبر

السعودية تضيع فرص السلام.. “عملية الردع” الثالثة ليست إلا البداية

31

محمد الحاضري: عشية ثورة 21 سبتمبر العام الماضي أطلق الرئيس اليمني مهدي المشاط مبادرة السلام مع السعودية التي أوقف بموجبها الضربات الصاروخية والطيران المسير بعيد المدى على العمق السعودي، منتظرا ردا سعوديا على المبادرة، ورد “التحية” بأحسن منها.
على عكس ما جاء على لسان مسؤولين سعوديين من تجاوب إيجابي مع مبادرة السلام والدخول في تهدئة إلا أنه على الأرض استمرت السعودية في ديدنها فكانت مقاتلاتها الحربية تشن الغارات على الأراضي اليمنية، كما استمر دعمها لعملائها ومرتزقته، وأوعزت للمرتزقة التصعيد في جبهات القتال وخصوصا في جبهة الساحل الغربي وجبهة نهم التي شن مرتزقتها زحفا واسعا انقلب عليهم بهجوم معاكس للجيش واللجان الشعبية تكلل بتطهير كامل مديرية نهم، وقد شن الطيران السعودي الحربي 250 غارة حينها لمساندة مرتزقته، وردا على الغارات قصفت القوات المسلحة اليمنية مطارات ومنشئات حيوية في نجران وجيزان وعسير، وفقا للعميد يحيى سريع خلال إعلانه لعملية البنيان المرصوص الشهر الماضي.

على مدى خمسة أشهر من عمر المبادرة اليمنية لم تبدي السعودية أي تجاوب متجاهلة تحذيرات المسؤولين اليمنيين المتكررة، كتلك التي أطلقها وزير الدفاع العميد محمد العاطفي في الثامن من ديسمبر مؤكدا أن القوات المسلحة اليمنية استكملت كـل جوانب البناء التي تؤهّلُها لشن هجوم استراتيجي شامل يشل قدرات العدو، منوها أن الجهوزية والاستعداد القتالي أكثر بكثير من مرحلة ما قبل تقديم قيادتنا السياسية للمبادرة التي انطلقت من موقع القوة، وأكد أن الصناعات العسكرية اليمنية تمضي في سباق مع الزمن إلى درجة مذهلة ومستوى لا يقارن حتى مع الدول التي سبقتنا في هذا المجال بعشرات السنين، وبخبرات وكوادر فنية يمنية خالصة.

وقد أعلن ناطق القوات المسلحة اليمنية هو الأخر في مؤتمر صحفي استراتيجية صنعاء في ضرب عمق دول العدوان إن هي لم تنصع لمبادرة السلام التي أطلقها الرئيس المشاط، مؤكدا أن هذه الاستراتيجية تشمل “توسيع بنك أهداف قواتنا ليشمل مراكز حيوية وحساسة على طول وعرض جغرافيا دول العدوان وأن بنك أهداف قواتنا ينقسم إلى ثلاثة مستويات بحسب الأهمية”، مكتفيا بالحديث عن المستوى الأولى الذي “يتضمن 9 أهداف بالغة الأهمية منها ستة أهداف في السعودية وثلاثة في الإمارات”، مؤكدا أن “الاستمرار في استهداف شعبنا وبلدنا يعني استمرار قواتنا في الرد المشروع والمناسب وذلك بضربات موجعة على ما تختاره القيادة من المستويات الثلاثة لبنك الأهداف”، مؤكدا أن “القدرة الهجومية لسلاح الجو المسير تضاعفت بنسبة 400% عما كانت عليه في العام السابق”، وفقا لما أكده العميد سريع..

ومع استمرار السعودية وحلفاؤها في عدوانهم على اليمن، أسقطت الدفاعات الجوية اليمنية، ليل الجمعة 14 فبراير الجاري، وبصاروخ متطور لم يكشف عنه بعد، طائرة حربية من نوع تورنيدو تابعة لسلاح الجو السعودي وهي تقوم بمهام عدائية في سماء محافظة الجوف اليمنية، وعلى إثر ذلك وانتقاما للطائرة ارتكبت السعودية مجزرة مروعة بحق المدنيين بمنطقة إسقاط الطائرة راح ضحيتها عشرات المدنيين جلهم أطفال ونساء وتدمير منازلهم الطينية دون ذنب.

وردا على الجريمة نفذت القوات المسلحة اليمنية ما توعدت به النظام السعودي سابقا، فكانت عملية توازن الردع الثالثة ليل الجمعة 21 فبراير 2020التي استهدفت العمق السعودي على منطقة ينبع الصناعية والنفطية التي تبعد أكثر من 1000 كيلو متر من أقرب نقطة حدودية يمنية، وتم تنفيذها بـ12 طائرة مسيرة من نوع صماد3 وصاروخين من نوع قدس المجنح، وصاروخ ذوالفقار الباليستي الذي يكشف عنه لأول مره، وبحسب العميد عبدالله الزبيدي فإن مدى الصاروخ يزيد عن 2000 كيلو متر.

وعلى خلاف عمليتي الردع السابقتين التي استهدفت منشئات وحقول عملاق الاقتصاد السعودي شركة آرامكو في شرق السعودية، حيث استهدفت عملية الردع الأولى حقل شيبة بالقرب من الحدور مع الإماراتية، أما الردع الثانية استهدفت مصافي آرامكو في بقيق وخريص، فإن العملية الثالثة جاءت أقصى غرب السعودية.

ولا مجال هذه المرة أمام السعودية لإنكار الضربة كما كانت تعمل في السابق، ونذكر أنه بعد عملية الردع الثانية زعمت السعودية أن الطائرات المسيرة التي قصمت ظهر أرامكو وقضمت نصف انتاج الشركة دفعة واحدة زعمت حينها أن المسيرات لم تأت من اليمن وأنها أتت إليها من الشرق في إشارة إلى إيران، أما عملية الردع الثالثة هذه التي استهدفت ينبع أقصى غرب السعودية فمن أين سيقول النظام السعودي أن الضربة أتته، أم أنه سيعود لأكذوبة الأماكن المقدسة التي حولها هو إلى مسارح للغناء وصالات للرقص ومزارات لليهود.

كما أن عملية الردع الثالثة أتت بعد ساعات من تعهد وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بحماية النظام السعودي، وفي غمار استعدادات السعودية لعقد قمة العشرين الاقتصادية التي تعقد لديها لأول مرة، في رسالة مزدوجة للشريكين في العدوان مفادها لن يتحقق لكم الأمن وأنتم تجرعون اليمن الدمار والخوف والجوع بعدوانكم وحصاركم الاقتصادي، وهي رسالة أيضا للأمريكي باستهداف “الضرع الحلوب” الذي تذهب عائداته لصالح واشنطن في صفقات سلاح ونحوها.

بعد عملية الردع الثالث تدخل صنعاء مرحلة ما بعد مبادرة المشاط، وبداية تنفيذ الخطوات الاستراتيجية التي توعدهم بها قائد الثورة السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، وعلى السعودية أن تتلقى ضربات “الوجع الكبير”، وأن تستعد لتجاوز مرحلة العجز في ميزانيتها، إلى مرحلة “الشلل” الكامل الذي توعدها به عضو المجلس السياسي الأعلى محمد علي الحوثي إذا استمر في عدوانه وحصاره على بلدنا.