الإمارات تسحب مقاتليها وتبقي مقاتلاتها .. أي انسحاب غبي هذا؟
إبراهيم الوادعي أعلنت الإمارات سحب مقاتليها والإبقاء على مقاتلاتها ضمن ” التحالف العربي” في إعلان رسمي هو الأول من نوعه منذ مشاركتها في العدوان على اليمن قبل ما يقارب ست سنوات، وبعد تصريحات لمسئوليها خلال الأشهر الماضية تصب في ذات السياق، وتسببت تلك التصريحات في تصدعات في العلاقة مع السعودية قائدة التحالف الذي أعلن من البيت الأبيض عشية ال 26 من مارس 2015م.
احتفلت الإمارات قبل أيام بما أسمته انهاء عمليات جنودها في اليمن بعد ما يقارب 6 سنوات من القتل والتدمير، وتضمن الإعلان الرسمي الإبقاء على المشاركة الجوية للمقاتلات الإماراتية ضمن عمليات “التحالف العربي” القتالية في اليمن، وقالت قيادة الجيش الإماراتي ان طيرنها نفذ حتى ساعة الإعلان نحو نصف مليون ساعة طيران و160 ألف غارة وطلعة جوية.
تقول الإمارات إنها خسرت فقط نحو 108 من جنودها بنسبة 1% من حجم القوات الإماراتية المشاركة في القتل في اليمن، ولا يعلم ما إذا كان الرقم يتضمن مرتزقة شركة بلاك ووتر ونظيرها الأمنية على مستوى العالم واللتين استأجرتهما الإمارات للقتال في اليمن، عوضا عن عشرات المرتزقة الأفارقة من السنغال وأوغندا ووسط إفريقيا، وآخرون جلبوا من أمريكا الجنوبية مقابل رواتب مغرية أو بعمليات خداع بداع العمل كحراس أمن قبل أن يجري نقلهم إلى اليمن للقتال.
لم يتحدث البيان الإماراتي عن حجم قتلى القوات السودانية ممن عملوا مع القوات الإماراتية، ونقلت عدسات الإعلام الحربي مشاهد جثثهم بالعشرات تترك لسباع الأرض في رمال ميدي وعلى امتداد الساحل الغربي.
كما لم يوضح البيان أن قائد القوة الإماراتية سلطان محمد الكتبي هو الأخر لم يعد وعاد جثمانا إثر قصف معسكر قوات التحالف في شعب الجن باب المندب ومقتله إلى جانب قائد القوة السعودية وقائد مرتزقة البلاك ووتر وضابط “إسرائيلي” رفيع وزعيم تنظيم القاعدة في اليمن والجزيرة، نهاية العام الأول من العدوان على اليمن وأول قتال حقيقي خاضته القوات الإماراتية من تأسيسها.
إعلان الانسحاب الإماراتي من اليمن من زاوية حقيقية هو إعلان تجديد للانخراط الأمريكي في العدوان على اليمنيين.
تقول أبو ظبي إنها تحولت من سياسة الاقتراب المباشر إلى سياسة الاقتراب غير المباشر باستخدام وتقديم المرتزقة، وهذه السياسة الإماراتية هي يتبعها “التحالف العربي ” منذ دخوله الحرب على اليمن، بعد حملة جوية مكثفة لم يشهد لها التاريخ مثيلا في حروبه العسكرية.
تكذب الإمارات في إعلانها أنها تحولت من المواجهة إلى إدارة العمليات عن بعد أو ما أسمته المواجهة غير المباشرة، فالإمارات خسرت فقط ثلاثة أرباع الرقم المعلن من قبلها وهو 108 جندي في هجومين صاروخيين على معسكرات للتحالف، هجوم صافر الصاروخي في سبتمبر 2015م أوقع نحو 58 جنديا وضابطا إماراتيا قتيلا، وهجوم معسكر باب المندب أوقع الرقم الثاني الكبير بين القتلى الإماراتيين بمن فيهم قائد القوة الإماراتية في اليمن اللواء سلطان الكتبي، ومن تبقى قتلوا في كمين كحال الجنود الإماراتيين في جبال كهبوب تعز بعد تمشيطها من قبل مرتزقة تقدم إثرهم الجنود الإماراتيين ظنا منهم بأن المنطقة أضحت أمنة.
خلال ال 5 سنوات لم يرد في أي بيان إماراتي عن مقتل جندي في اشتباك ناري مع العدو، أو بذلت جهود لاستعادة جثة أحدهم من خطوط المواجهة أو خلف خطوط العدو ضمن عمليات ما يسمى ” القوات الخاصة”.
وتقول مصادر عسكرية يمنية بأن صعوبة الحصول على أسرى جنود إماراتيين طيلة خمس سنوات القتال بعكس الجنود السعوديين اللذين يقعون أسرى في أيدي الجيش واللجان الشعبية، ناجم عن عدم وجود حدود مشتركة للإمارات مع اليمن، وكون الجنود الإماراتيين لا يقاتلون عمليا في جبهات القتال أو يتواجدون في خطوط خلفية للمواجهة، ويقتصر وجودهم في داخل المعسكرات البعيدة أو نقاط خلفية بعيدة عن الجبهة بعدة كيلومترات ومحاطة بقوات حماية خاصة من القوات السودانية التي فقدت العشرات من جنودها في سبيل حماية الجنود السعوديين أو الإماراتيين .
لا يستبعد أن يكون الإعلان الإماراتي المتناقض في ذاته ناجم عن عوامل عدة تحاول أبوظبي الموازنة بينها, ضغط أمريكي يتجاوز مصالحها في الحفاظ على كيان “التحالف العربي” الذي لم يبق منه سوى السعودية والإمارات وشكلا مصر، وها هي الإمارات تتنصل جزئيا منه، ورغبة إسرائيل في بقاء التحالف كخط دفاعي عن كيانها بوجه التهديد اليمني المتنامي والمباشر على لسان السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطابه بالمولد النبوي الشريف .
والعامل الآخر إشعار مرتزقتها المرتبطين بها من قوات طارق والعمالقه “المشكلة من خليط سلفي وقاعدة وداعش” في الساحل الغربي بأنها لاتزال إلى جانبهم بالغطاء الجوي الذي لولاه لانهاروا في ساعات وربما دون مواجهة فعلية، وكذلك قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في مواجهة قوات الإصلاح التي تجهد لاستعادة السيطرة على عدن ومنابع النفط وموانئ تصدير الغاز في الجنوب.
على تويتر تفاخر مسئولون إماراتيون مقربون من دوائر الحكم قبل أشهر في معرض تمهيدهم للانسحاب الإماراتي من اليمن بأنهم دربوا الآف الجنود من المرتزقة المحليين بما يتجاوز ال 37 ألف جندي يتلقون رواتبهم من الإمارات ولا يخضعون لسلطة هادي التي تناصبها أبو ظبي العداء باعتبارها “إخوانية”
لا تخفي صنعاء شكوكها في حقيقة الانسحاب البري الإماراتي وتشير بإصبع إلى بقاء القواعد الإماراتية في الجنوب كقاعدة مطار الريان في حضرموت وراس بلحاف – ميناء تصدير الغاز- في شبوة، والسجون السرية، و200 ألف مرتزق يحتلون الجنوب ويتلقون رواتبهم من أبوظبي التي تديرهم كالريموت كنترول.
كما تتساءل عن صنعاء عن جدوى الإعلان فيما تواصل بحرية أبوظبي نشاطها ضمن التحالف المعادي لليمن في فرض الحصار البحري والجوي ونشاط قواعدها على الشواطئ الإفريقية ضمن عمليات العدوان والحصار على اليمن.
وتملك أبو ظبي قواعد عسكرية بحرية على الشاطئ الإفريقي أهمها قاعدة عصب التي تنطلق منها عمليات قواتها البحرية وعمليات فرض الحصار على اليمن، وهو ما تجاهله إعلان الانسحاب الإماراتي، كما تنطلق من القواعد البحرية الإماراتية المقاتلات الإماراتية لقصف أهدافها في الساحل الغربي لليمن.
ومؤخرا كشفت الحكومة اليمنية في صنعاء عن وجود سجون إماراتية عائمة، وتسيير أبو ظبي دوريات بحرية بغطاء ارتيري لاعتقال الصيادين اليمنيين ومضايقتهم وقتلهم.
يرجع متابعون من جانبهم الإعلان الإماراتي إلى محاولة التنصل والهرب من تبعات إشعال فتيل المواجهة العسكرية في الساحل الغربي، وانعكاس ذلك على الداخل الإماراتي الذي يستعد لاستضافة الحدث العالمي معرض اكسبوا الذي يجري كل 5 سنوات، تهديد الطرف اليمني وأضح بأن إشعال المواجهة في الساحل الغربي لن يكون مقتصرا على مكان المعركة بل أن عمق السعودية والإمارات ومن يشارك في المواجهة سيغدو ميدانا للرماية، وستبلغه النار بكثافة ودون تردد أو أبطاء.
بالنسبة لصنعاء فإن الإعلان الإماراتي ليس ذو قيمة سوى تأكيد الإمارات بلسانها وأمام العالم مواصلة انخراطها في القتال في اليمن، وبالتالي شرعنه أي ضربات يمنية صاروخية على منشأتها الحيوية.
وتؤكد الأوساط السياسية والعسكرية اليمنية أنه كما للإمارات اليد الطولى في الساحل الغربي لليمن رغم زعمها الانسحاب البري، سيكون لصنعاء اليد الطولى في فعاليات معرض أكسبو 2020م بدبي رغم عدم امتلاكها لجناح،، إذا ما ارتكب تحالف العدوان حماقة إشعال فتيل المواجهة في الساحل الغربي ،ووأد اتفاق السويد.