معاريف: سنضم “بلاد اليهود التاريخية” ولن ننتظر الفلسطينيين
وكالة القدس للأنباء
لا يكاد يكون هناك خطة سياسية تساوي الورق الذي كتبت عليه، إلا إذا كانت مبادؤها منخرطة جيداً في الواقع اليومي، ومنسقة ومتعاطية مع القوى العاملة في المنطقة نفسها وفي الساحة السياسية، ومدعومة من القوى العظمى. يخيل أن صفقة القرن، التي هي ثمرة عمل كد لإدارة (الرئيس الأمريكي دونالد) ترامب وإنجاز سياسي لا بأس به لحكومة (بنيامين) نتنياهو، تقترب من المقاييس العملية التي ذكرت هنا، رغم أنها لا تحظى في هذه اللحظة بموافقة كل الأطراف.
على السطح، تبدو هذه خطة ممتازة “لإسرائيل”، خطة تاريخية، تمنح الدولة حدوداً قابلة للدفاع، وبسط السيادة على غور الأردن والمناطق المأهولة في “يهودا والسامرة” (الضفة الغربية المحتلة)، اعترافاً بالقدس عاصمة “لإسرائيل”، بما فيها البلدة القديمة في شرقها، ومزايا عديدة أخرى. إضافة إلى ذلك، يجدر بالذكر أن “إسرائيل” مطالبة بأن توافق على إقامة دولة فلسطينية، وإن كانت مجردة وبشروط مقيدة، إلا أنها لا تزال دولة تمتد على نحو 70 في المئة من المناطق التي يحسبها كثير في الجمهور “الإسرائيلي” مناطق من الوطن.
في نظرة تاريخية، ينبغي القول إن الفلسطينيين يحصلون في خطة ترامب على أكثر بكثير مما ينبغي إعطاؤهم إياه. عليهم أن يتذكروا بأن التطلعات القومية للعرب سبق أن تحققت في نحو 20 دولة في أرجاء الشرق الأوسط، بينما التطلعات القومية والأخلاقية والشرعية للشعب اليهودي لم تجد تعبيرها إلا في دولة قومية واحدة صغيرة ومحوطة بالاعداء. وعليه، فليس هناك مكان آخر لتنازلات بعيدة الأثر.
إن خطة ترامب عملياً هي مشروع تقسيم متجدد وينبغي أن نرى فيها الخطوة الأقرب لتحقيق العدالة التاريخية والاعتراف بالحقوق التاريخية والقانونية للشعب اليهودي على “بلاد إسرائيل”. وبسبب التجمعات السكانية الفلسطينية في المدن الكبرى وبسبب أهمية احترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية، ينبغي السماح للفلسطينيين بإدارة المنطقة بأنفسهم، ولكن الحل الأكثر عدلاً هو حكم ذاتي فلسطيني وكونفدرالية مع الأردن.
إن معارضة الفلسطينيين لخطة القرن ليست مفاجئة، فقد سبق أن تلقوا اقتراحات سخية حتى سخية جداً، بعضها غير مسؤولة من حكومات (ايهودا) باراك و(ايهود) أولمرت، ومع ذلك رفضوها، في ظل إصرارهم على تقاليد تفويت الفرص التي تعود إلى المشروع التقسيمي. لا مفر من النظر على نحو سليم والقول إن الفلسطينيين غير معنيين بالاعتراف بدولة يهودية، وعملياً هم معنيون بكل الأرض من النهر وحتى البحر.
وعليه، فإن “إسرائيل” تحتاج إلى بريكست خاص بها، وخروج من دائرة الرفض الفلسطيني. لشدة الأسف، فإن احتمال موافقة الفلسطينيين على تنفيذ الخطة في المرحلة المنظورة هو احتمال طفيف. وبالتالي، على “إسرائيل” بعد الانتخابات أن تحرك مسيرة بسط السيادة على غور الأردن ومستوطنات “يهودا والسامرة” بموجب خطة القرن، في ظل التطلع إلى ربط أكثر قدر ممكن من اللاعبين الدوليين لتأييد الخطة، وفي ظل تواصل السيطرة الأمنية حالياً في المناطق المخصصة للفلسطينيين. وينبغي تحديد فترة زمنية محددة لانضمام الفلسطينيين. فإذا انضموا، تدار مفاوضات على باقي المنطقة، وإذا امتنعوا، تواصل “إسرائيل” كما أسلفنا وتسيطر أمنياً على كل مناطق “يهودا والسامرة.”
لم يعد ممكناً انتظار الفلسطينيين، وتحمل رفضهم و”الإرهاب” الذي يمارسونه. وفضلاً عن الولايات المتحدة التي تؤيد مبدئياً بسط السيادة “الإسرائيلية”، يحتمل أن يكون ممكناً ربط “المحور السني” لمصر والسعودية واتحاد الإمارات، بمثل هذه الخطوة، وكذا الدول العربية المعتدلة. رغم التصريحات التلقائية التي انطلقت من جهة الاتحاد الأوروبي، يبدو أن بريطانيا وألمانيا وفرنسا لا تستبعد الخطة تماماً، وقد تؤيد هي أيضاً مثل هذه الخطوة. على “إسرائيل” أن تعلن عن البريكست للخروج من دائرة الرفض الفلسطيني، وتحدد حدودها أخيراً.
(المصدر: معاريف/ بقلم: يوسي هدار- 13/2/2020)