من نهم إلى أطراف الجوف ومأرب: هكذا تهاوت معسكرات التحالف أمام البنيان المرصوص
بقلم/ محمد علي خازم
نهم بوابة صنعاء نحو شرق اليمن، نظرة تاريخية ، أعاد مقاتلو الجيش واللجان الشعبية اليمنية تأكيدها عبر عملية البنيان المرصوص، فكانت نهم نقطة الانطلاق نحو مارب والجوف، وهكذا تهاوى دومينو التحالف فيها.
البنيان المرصوص، كان الاسم الأمثل للعملية، فنحن أمام عملية عسكرية ناجحة ومثالية، حققت أهدافها – وأكثر – خلال فترة قياسية لم تتجاوز الـ5 إلى 6 أيام، وفي ظروف مناخية وجغرافية صعبة، حيث إن منطقة العمليات وأبرزها نهم، هي مناطق جافة وجبلية بمعظمها، حتى أن المدرعات والآليات لا يمكنها الوصول إلى قمم الجبال، بالتالي فإن العنصر البشري هو الورقة الأقوى في مثل هذا النوع من المواجهات، وهذا بالتأكيد أعطى ورقة رابحة للجيش واللجان الشعبية.
متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع، أشار إلى مشاركة وحدات متخصصة في بداية العمليات، وهنا نتحدث عن وحدات قتالية مدربة بأعلى مستويات التدريب، والمجهزة بأفضل ما يمكن من التجهيز العسكري، حيث رأينا الصواريخ الموجهة بشكل كبير مع قوات المشاة، إضافة لمواكبتها بقواعد نارية بالأسلحة الثقيلة، وصولًا إلى توفير غطاء صاروخي وجوي عبر الصواريخ البالستية التي دكت عددًا من معسكرات القوات المعادية خلال العملية، أبرزها مركز عمليات التحالف في معسكر ماس بمارب، والذي أظهرت المشاهد دقة عالية في إصابته بصاروخ بالستي، كذلك مواكبة الطائرات المسيرة لوحدات المشاة، وتنفيذها عمليات استهدفت التجمعات المعادية، ما أثار حالة من الإرباك لدى مرتزقة العدوان، وأدى لتهاوي المواقع والمعسكرات أمام تقدم الجيش اليمني.
من نهم إلى أطراف الجوف ومأرب: هكذا تهاوت معسكرات التحالف أمام البنيان المرصوص
نتحدث عن تحقيق أهدافٍ لم تكن متوقعة، فالوصول إلى مشارف مدينة مارب التي باتت على مسافة 30 كم تقريبًا من المجاهدين، إضافة لتطويق منطقة الحزم، مركز محافظة الجوف، أمرٌ أشبه بالمستحيل، نظرًا إلى جغرافية المنطقة القاسية، ووجود غطاء جوي مكثف من طيران التحالف السعودي الأمريكي، حيث شن خلال الأيام الماضية أكثر من 250 غارة على نهم فقط، إلا أن التكتيك المتبع في توزيع المسارات لمجموعات الخرق والإطباق، حال دون تأثير الغارات على التقدم البري، والدور المحوري للدفاع الجوي، إضافة للعدد الكبير الموجود في العملية والذي ظهر خلال مشاهد الإعلام الحربي، في دليل آخر على احتراف غرفة القيادة والعمليات للجيش واللجان الشعبية، والتي أظهرت مرونة كبيرة في التعامل مع المتغيرات في العملية، وأبرز هذه المتغيرات، التقدم السريع الذي حصل في مديريات الجوف ومارب.
2500 كم مربع، حصيلة العمليات حتى الثلاثين من يناير المنصرم، متوزعة على مديرية نهم بالكامل، وعدد من مديريات الجوف وصولا إلى تطويق مديرية الحزم، وتحويل مديريتي الغيل ومدغل في مارب إلى مناطق مواجهات. ولمحبي المقارنات، فإن المساحة المحررة ـ أي 2500 كم مربع ـ تعادل مساحة البحرين على مرتين ونصف. أما الخسائر البشرية للعدوان، 3500 فرد، فتوزعوا بين 1500 قتيل، و1830 مصاب، ومئات الأسرى. أما أبرز المقرات العسكرية التي سقطت بيد الجيش واللجان، فهو مقر القيادة والسيطرة للمنطقة العسكرية السابعة، والموجود في مرتفع جبلي يدعى بـ”قصة عيبان” في منطقة نهم، حيث يعد المعسكر أساس وركيزة السيطرة في جبهة نهم، نظرًا لأهميته الاستراتيجية، ويعد من أكثر المواقع تحصينًا وبتحصين طبيعي يصعب مهمة الاقتحام على أي قوات عسكرية.
في المحصلة، ما جرى منذ الخامس والعشرين إلى الثلاثين من يناير، هو تأمين لمحافظة صنعاء بشكل كامل، ونقل للمواجهة من أطراف صنعاء إلى أطراف مارب، معقل التحالف السعودي الأمريكي في شمال اليمن. وبشكل آخر، يمكننا القول إن معركة فتح البوابة الشرقية لصنعاء، أصبحت معركة فتح البوابة الغربية لمارب والجوف. ولحكاية البنيان المرصوص تتمة، سترويها زنود المجاهدين اليمنيين، وتسجلها جبال اليمن، أن لله رجالًا إذا أرادوا أراد.