في لقاء خاص: عضو الوفد الوطني المشارك في جنيف 2 ناصر باقزقوز يكشف خبايا وكواليس المفاوضات
- لولا التزام صنعاء واستمرارها بإرسال مرتبات الموظفين، لكان الوضع كارثياً بحضرموت
- لماذا كل موانئ اليمن خاضعة لحصار تحالف العُـدْوَان عدا موانئ حضرموت؟
- لم أذهب إلى المفاوضات كممثل عن حضرموت أو الجنوب، وإنما ذهبت لأمثل كل اليمن وباسم كل اليمن
- يكفينا أننا حققنا مكسباً مهماً من خلال مشاركتنا في المؤتمر، وهو إيصال الحقيقة للعالم
- في سويسرا قدم لي أشخاص تابعون لقوى العدوان عرضاً بالحصول على اللجوء السياسي وتقديم كافة وسائل المساعدة والدعم وغيره من العروض المالية، وكان الهدف تمزيق الوفد الوطني ولم أخن شعبي
- بات جلياً للعالم أجمع بأن التغاضي عن القاعدة وداعش في اليمن يتم بغطاء سعودي وأمريكي
- تنازل أنصار الله عن مقاعدهم من أجل أن نشارك نحن في المفاوضات جعلني أشعر بالمسئولية الكبيرة تجاه وطني
ذمار نيوز../
يتساءَلُ الكثيرون عن مؤتمر (جنيف2)، وعن الأسباب التي حالت دون تحقيق أية نتائجَ من انعقاده، وماذا استفاد الوطنُ من ذهاب الوفدِ الذي يمثله إلى هناك؟ ورداً على تلك التساؤلات أجاب الأستاذ ناصر باقزقوز “يجب على الجميع أن يدرك أن كُلَّ القرارات الدولية التي شرعنت لهذا العُـدْوَان على بلدنا، صدرت بسبب غيابِ من يمثل الوطن ويحمل الصوت الحقيقي للشعب في المؤسسات الدولية أثناء إصدار تلك القرارات، هذا الغيابُ استغلته دولُ العُـدْوَان، واستطاعت إقناع المجتمع الدولي بما تمتلكُه من إغراءات البترودولار، بأن القوى الوطنيةَ والذين يدافعون عن وطنهم، هم متمردون على قرارات مجلس الأمن ولا يعترفون بالشرعية الدولية، مستغلين إمكاناتهم الإعلامية الهائلة في تشكيل وعي المجتمع الدولي وفق ما يريدونه.
وقد كان هذا المؤتمر مصيدةً أرادوا خلالها إثباتً تلك الإدعاءات، وبأننا لن نشارك فيها؛ لأننا لا نجيد سوى لغة الحرب، ولكننا فوّتنا عليهم الفرصة بمشاركتنا في المؤتمر، ومن جانبٍ آخر، أحب أن أؤكد بأننا ذهبنا لسويسرا لإيقاف الحرب على بلادنا وفك الحصار عن 25 مليون مواطن، وإيصال صوت اليمنيين للمجتمع الدولي بأن هذا العُـدْوَان الجائر عليهم لا مبرر له على الإطلاق، وإيصال رسالة للمجتمع الدولي بأننا نتعاطى مع ايجابيات القرار الأممي بكل جديةٍ ومسئولية، واشترطنا للمشاركة في المؤتمر إيقافَ العُـدْوَان، حينها أعلن هادي عن الهدنة، وعلى الرغم من عدم اقتناعنا بمَسألة الهدنة؛ كوننا نريد إيقافاً شاملاً للعُـدْوَان وتثبيت وقف إطلاق النار بشكل دائم، وعلى الرغم من يقيننا التام من خرقهم للهدنة، ذهبنا لسويسرا واعتبرنا الهدنة مقدمةً وإثباتاً لحسن النوايا.
وفي أول لقاءٍ لنا بالوفد القادم من الرياض، طرحنا مسألة تثبيت دائم لوقف إطلاق النار، فكان جواب وفد الرياض وبكل وضوح بأنهم جاؤوا للمفاوضات لتحقيق مطالبَ محددة “إطلاق سراح خمسة معتقلين فقط حددوهم بالاسم، وفك الحصار عن مدينة تعز”، فكان ردنا، بأن ما نسعى له أكبر مما تطرحون، لماذا لا يتم إطلاق سراح كُلّ المعتقلين؟ ولماذا لا يتم فك الحصار عن اليمن بأكملها؟”.
وأضاف الأستاذ ناصر ساخراً “بأن هؤلاء لم يأتوا ليتحدثوا عن وطن ولا يحملون هموم شعب، بقدر ما جاؤوا يطالبون بمطالب شخصية تهمهم وتخدم مخططاتهم لا أكثر، اليمن وشعب اليمن لا يهمهم، والدليل على ذلك، عندما سألناهم لماذا يتوجب على المسافرين اليمنيين الهبوط في مطار بيشة السعودي، حيث يتم تفتيشهم وإذلالهم وإهانتهم هناك، وإجراءات التفتيش تتم في مطارات الدول التي يتوجهون إليها؟. هل تقبلون بإهانة المواطنين اليمنيين في مطار بيشة؟ إذا كنتم لا تقبلون، فلماذا لا يتم إلغاء مسألة الهبوط في مطار بيشة؟ وبذلك سنكون قد خدمنا الشعب كُلّ الشعب. لكننا لن نلق منهم أي تجاوب مع هذا الطرح، وهذا دليل دامغ بأنهم لا يكترثون لا للشعب ولا للوطن، والمسألة لا تعدو مطالب محددة تخدمهم بالمقام الأول والأخير”.
وأشار الأستاذ ناصر إلى أن “الأمم المتحدة أيّدت كُلّ ما طرحه الوفد الوطني، وأوضحت أن رفعَ الحصار عن اليمن كله يشمل رفعَ الحصار عن تعز، وهذا يعد حلاً شاملاً، وأن إطلاق سراح كُلّ المعتقلين يعد أيضاً حلاً شاملاً. وجاء هذا التأييد بمثابةِ تسمية الجانب الذي يسعى للحل الشامل ومن يسعى للحلول الجزئية”.
دور الأمم المتحدة وكواليس المفاوضات
وفي ظل التناقضات التي تجسَّدت في ردود أفعال الأمم المتحدة، والمثيرة للتساؤل والغرابة، كان رد الأستاذ ناصر مختزِلاً عجز الأمم المتحدة قائلاً: “على الرغم من إدراك الأمم المتحدة بأن الطرف الآخر هو المتعنت وهو الذي لا يسعى لحل حقيقي وشامل لكنها تعجز عن اتخاذ أي موقف جاد؛ كون هذه المؤسسة الدولية تديرها مجموعةٌ من الدول والتي تربطها مصالح مباشرة مع السعودية، إضافةً للمال السعودي الذي لعب الدور الأكبر في تجيير مواقف تلك الدول لما يخدم أجندتها في العُـدْوَان على اليمن.
والذي لا يدركه المواطنون في اليمن بأن المفاوضات كانت تسير بشقين، الشق الأول كانت جلسات تفاوض مع وفد الرياض حتى العصر، وفي المساء تتم جلسات مع سفراء الدول، السفير الروسي والسفير الصيني والسفير البريطاني وسفيرة الاتحاد الأوروبي والسفير الأمريكي والسفير الهولندي والسفير الألماني، والذين جاؤوا لمراقبة مجريات المفاوضات عن كثب، بالإضافة لحضور وفود من السعودية والإمارات أيضاً.
ومن خلال تلك الاجتماعات مع السفراء، واطلاعهم على تفاصيل أطروحاتنا على طاولة التفاوض مع وفد الرياض، استطعنا إقناع كلٍّ من السفير الروسي والسفير الألماني والسفير الصيني وسفيرة الاتحاد الأوروبي بما طرحناه، حيث مارَسَ هؤلاء السفراء الكثيرَ من الضغوطات على السفير الأمريكي في إقناع السعودية بالتعاطي مع ما يتم طرحه من قبلنا. وأعلنوها صراحةً بأنهم يؤيدون وقف الحرب، ورفع الحصار الشامل، ولكن تعنت السعودية حال دون التوصل لأي حل. ويجب على الجميع أن يدرك بأن السفير الأمريكي قد لعب دوراً سلبياً في المفاوضات، حيث أكد سفراء الدول الذين كانوا يلتقون بالوفدين السعودي والإماراتي لنقل أطروحاتنا بأنهم كانوا يتعنتون بدون أية مبررات مقنعة، وذلك بسبب وقوف السفير الأمريكي إلى جانبهم ومساندته لهم وبقوة. وهنا اتضحت لنا حقيقةُ ما كان يعنيه السيد القائد عبدُالملك الحوثي بأن أمريكا هي من تقف خلف السعودية، وهي أساسُ المشروع الذي يستهدف اليمن، واتضح هذا جلياً لنا خلال المفاوضات.
ولكن يكفينا بأننا حقّقنا مكسباً مهماً من خلال مشاركتنا في المؤتمر، وهي إيصال الحقيقة للعالم والمجتمع الدولي، وكسبنا تأييد دول عظمى على رأسها روسيا والصين وألمانيا والاتحاد الأوروبي بما نطرحه وبأننا نسعى فعلياً لحلّ حقيقي وشامل، وبهذا التأييد نكونُ قد قطعنا على السعودية وأمريكا الطريق في إنجاح مخططهم الساعي لإصدار قرار أممي أقسى من القرار السابق في حق اليمن وشعبها يتم الزجُّ بالمنظومة الدولية فيه وإقحامهم في العُـدْوَان على اليمن.
حضرموت والحقائق المغيبة عن العالم
في واقع هذه المحافظة اليمنية المغيَّبة عن الإعلام عمداً من قبل دول العُـدْوَان، تدور الكثير من الأسئلة عن مصيرها وعن مصير أبنائها ومؤسساتها، يزيح الأستاذ ناصر الستار ويكشف مأساوية ما يجري هناك حيث قال: “أولاً أنا لم أذهب إلى المفاوضات كممثل عن محافظة حضرموت أَوْ الجنوب، وإنما ذهبت لأمثل كُلّ اليمن وباسم كُلّ اليمن، وهذا هو السبب الرئيسي في تعرُّضي لهجمات إعلامية من قبل وسائل حزب الإصلاح الإعلامية وشركائهم، ولأنني ضد العُـدْوَان، وفي سويسرا قدَّمَ لي بعضُ الأشخاص التابعين لقوى العُـدْوَان عرْضاً بالحصول على اللجوء السياسي وتوفير الحماية لي وتقديم كافة وسائل المساعدة والدعم وغيره من العروض المالية، حيث كان الهدف الحقيقي هو تمزيق الوفد الوطني، وهذا الذي لم ارتضيه بالمطلق، فتنازل أنصار الله عن مقاعدهم من أجل أن نشارك نحن في المفاوضات جعلني أشعُرُ بالمسئولية الكبيرة تجاه وطني وأبناء وطني في تخفيف معاناتهم وإيقاف هذا العُـدْوَان الظالم عليهم، هل يظن هؤلاء المرتزقة بأن الجميع مثلهم بإمكان دول الخليج شراء ضمائرهم بالمال؟. والحمدُ لله بأننا لم نخُن ثقة أنصار الله وثقة شعبنا.
ومن جهةٍ أخرى أنا أعلم وأدرك يقيناً بأن القاعدة تسيطرُ كلياً على حضرموت وما يجري في حضرموت يصعُبُ على أي شخص شرحه، وهذا ما طرحته على طاولة المفاوضات وأغضب وفد الرياض لدرجة حصولِ مشادّة كلامية بيني وبين عبدِالعزيز جباري أحد أعضاء وفد الرياض، وكأنهم لا يريدون طرحَ ملف حضرموت بالمطلق على الرغم أنها واقعة تحت سيطرة تنظيم إرهابي يهدد سكانها بالموت والدمار، مما اضطر الموقف لتدخل مبعوث الأمم ولد الشيخ وحسم الموقف بقوله القاعدة جزء من المفاوضات وينبغي علينا طرحها في المفاوضات، وأشار تقرير للأمين العام للأمم المتحدة بأن تنظيم القاعدة يحتل حضرموت ويسيطر على كافة موانئها ومؤسساتها، وكان هذا مكسباً مهما لنا في المفاوضات، فلا يزايد هادي علينا بقوله بأن قواته تسيطر على 70% من الأراضي اليمنية، فهذا اعتراف من الأمم المتحدة بأن حضرموت تحت سيطرة تنظيم القاعدة سيطرةً كاملةً، إلا إذا كان يعتبر القاعدة جزء من شرعيته ومن قواته. وهذا ما يدعو الجميع للتساؤل: لماذا كُلّ موانئ اليمن خاضعة لحصار تحالف العُـدْوَان عدا موانئ حضرموت؟ لماذا لم يسمع أحد أن طيران العُـدْوَان شن ولو غارة واحدة على تنظيم القاعدة في حضرموت على الرغم من أنها تتشدق وتدّعي بأنها تحارب الإرهاب؟ الأمر بات جلياً للعالم أجمع بأن التغاضي عن القاعدة وداعش في اليمن يتم بغطاء سعودي وأمريكي واضح للعيان، وهذا ما لمسناه من خلال لقائنا بسفراء الدول حيث أوضحوا لنا إدراكهم لهذه الحقائق.
وأما ما تعانيه حضرموت على أرض الواقع من سطوة هذا التنظيم فهو الأمرُ الذي يصعب شرحه، فأبناءُ المحافظة يرزحون تحت جبروت هذه العصابات الإجرامية، فلا يجرؤ أحدٌ على مخالفتهم أَوْ معارضاتهم في أي شيء، ولا يستطيع أيُّ أحدٍ هناك انتقاد السعودية أَوْ أية دولةٍ من دول العُـدْوَان، وكأن التنظيم قد أوكلت إليه مهام الذود عن سيرة وسمعة هذه الدول، المسموح به فقط انتقاد وشتم أنصار الله والمؤتمر الشعبي العام، وغير ذلك حرام وممنوع، عقوبته السجن أَوْ القتل. ووصل الأمرُ بهم لدرجةٍ من الإجرام أن قاموا بنبش قبور الصالحين وذبح المواطنين في الساحات علناً لاقترافهم بعض الأخطاء البسيطة. باختصار لقد أصبحت حضرموت عبارةً عن سجنٍ كبير، وكل مقدرات وعائدات المحافظة المالية تذهب إلى صالح تنظيم القاعدة، ولولا التزامُ صنعاء واستمرارُها بإرسال مرتبات الموظفين، لكان الوضعُ كارثياً، لهذا نشكر القائمين في صنعاء على رعايتهم لأبناء حضرموت واستمرارهم في القيام بواجبات الدولة، وهذا هو مفهومُ الشرعية الحقيقي، في حين يتشدق هادي وبحاح بالشرعية التي تنصّلت وتخلت عن أبناء حضرموت في هذه المحنة.
* عن صدى المسيرة