الخبر وما وراء الخبر

هذه هي الخيارات المحتملة أمام إيران للرد على جريمة أمريكا

30

– الآن وبعد استشهاد الجنرال قاسم سليماني الذي كان أسطورة لا تقهر بالنسبة لمحور المقاومة في محاربة الإرهاب وكان بطل الإيرانيين الوطني في الحفاظ على أمن البلاد في ظل الظروف الراهنة العاصفة في المنطقة بسبب العديد من المؤامرات الأجنبية ، يطرح الرأي العام السؤال التالي وهو كيف سيكون رد فعل إيران على إرهاب أمريكا؟

منذ يوم أمس ، وبعد انتشار نبأ استشهاد الجنرال سليماني، أكد العديد من المسؤولين الإيرانيين وحتى قادة مختلف فصائل وحركات المقاومة على الرد الانتقامي على الجريمة. ففي أهم موقف بعد تهديد قائد الثورة الاسلامية بالانتقام الشديد، اعتبر المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في بيان أن ما أقدمت عليه أمريكا كان أكبر خطأ استراتيجي لها في المنطقة وهدد بانتقام مؤلم في الوقت المناسب. وفي ظل هذه الظروف، يمكن الحديث عن العديد من الخيارات المحتملة امام إيران لضرب المصالح الأمريكية.

الهجوم السريع والمواجهة العسكرية

للولايات المتحدة 21 قاعدة عسكرية في قطر والمملكة العربية السعودية والكويت والبحرين والإمارات العربية المتحدة وسلطنة عمان والتي تعتبر أكبر مراكز تزويد الجيش الأمريكي في المنطقة. ومن جهة أخرى ، تتواجد السفن والبوارج الأمريكية في الخليج الفارسي وبحر عمان والتي كلها أهداف يمكن الوصول من قبل القوة الصاروخية الإيرانية الواسعة في المنطقة ، ويمكن لإيران أن تلحق بسهولة أضراراً عسكرية كبيرة بالقوة العسكرية الأمريكية في المنطقة من خلال استهداف هذه القواعد.

و بطبيعة الحال، فإن القيام بذلك يمكن أن يزيد بشكل كبير من احتمال المواجهة العسكرية بين البلدين. على الرغم من أن إيران تقيم جريمة اغتيال الشهيد سليماني بمثابة الضغط على زناد الحرب من قبل الولايات المتحدة الامريكية، إلا أنه يبدو أن طهران تمتنع عن الضربة الانتقامية دون التدقيق في الخيارات. وفي هذا الصدد، تأخذ طهران عنصرين رئيسيين بعين الاعتبار للقيام بعمليات ضد القوات الأمريكية: الأول ،لا هو النجاح ، والثاني ، هو الإدارة واحتواء التداعيات.

جعلُ المسؤولين الأمريكيين في مرمى النيران

عقب اغتيال الجنرال سليماني وأعضاء الحشد الشعبي العراقي، طالبت وزارة الخارجية الأمريكية في بيان، جميع مواطنيها في العراق مغادرة هذا البلاد فوراً. حيث غادر الموظفون الأمريكيون في شركات النفط العراقية وتم إجلاء السفارة الأمريكية في بغداد.

لقد أدركت أمريكا أن العراق ليس آمناً لأي أمريكي. وغضب الشعب العراقي من التدخل والجرائم الأمريكية في فوران كالبركان. حتى قبل الهجمات الأخيرة ، كان المسؤولون الأمريكيون يزورون العراق وحتى أفغانستان خفة وبشكل سري، وفي بعض الأحيان نتيجة المخاوف الأمنية كانوا مستعدين للقاء مسؤولي تلك الدول في قواعدهم العسكرية فقط. لكن الآن، ستصبح الظروف بالنسبة لتواجد المسؤولين الأميركيين أسوأ ، وبعد اللجوء الى ارهاب الدولة، تحول الانتقام من القادة العسكريين والمسؤولين السياسيين الأمريكيين بمثابة دفاع مشروع ورد مناسب، كما قال “ستيفن والت” أستاذ جامعي أمريكي ومنظّر علاقات دولية، في تغريدة على تويتر حيث وصف العمليات الإرهابية للجيش الأمريكي بمثابة اغتيال أحد أعضاء هيئة الأركان المشتركة للجيش الأمريكي، أو نائب وزير الخارجية أو مدير الاستخبارات.

لذلك، بالنظر إلى أن إيران تصر على حقها في الرد المناسب للعمل الأمريكي ، وهي أيضًا القوة الاولى في المنطقة في الطائرات المسيرة، يمكن اعتبار هذا إجراء أحد خيارات إيران.

ردٌ غير مباشر؛ الاستفادة من القدرات الإقليمية للمقاومة

الخيار الآخر لطهران هو الرد غير المباشر، بالاستفادة من القدرات الظاهرة والسرية لمحور المقاومة في المنطقة والعالم من خلال مهاجمة المصالح الأمريكية بطريقة لا تؤدي الى حدوث مواجهة عسكرية مباشرة بين البلدين. بطبيعة الحال ، نظرا الى الهجمات الأمريكية الأخيرة على قوات الحشد الشعبي والغضب الشعبي الواسع وغضب مجموعات المقاومة في العراق ، قد يكون هذا البلد هو المكان المحتمل لرد طهران الانتقامي.

لقد دفع إدراك الأميركيين لهذه القضية البنتاغون إلى ارسال جزء من قواته الخاصة والرد السريع في بلدان أخرى ولا سيما الكويت الى بغداد للتغطية العسكرية للمراكز السياسية والعسكرية. اذ ان هذه الخطوة تطرح السؤال التالي: هل سيكون الهدف أكثر أمنًا أم يمكن الوصول إليه بشكل أسهل؟ رغم ذلك ، فإن العراق ليس هو الخيار الوحيد. لدى إيران حلفاء استراتيجيون في أفغانستان وسوريا واليمن ولبنان ، غاضبون من العدوان الوحشي والتدخل الأمريكي الواسع النطاق.

ردٌ مُركب على أمريكا وحلفائها إلى جانب الخيارات المذكورة، يمكن الحديث عن خيار أكثر احتمالية ومتعددة الأوجه يكون أكثر انسجاما مع ظروف وحقائق المنطقة في المواجهة بين الولايات المتحدة الامريكية ومحور المقاومة في المستقبل. ففي المقام الأول، لا تريد إيران أن تكون غير مبالية بقدرة الاستفادة السياسية من الأجواء السائدة لدى الرأي العام الإقليمي والعالمي تجاه الاجراء الأمريكي الإرهابي المثير للتوتر.

فمنذ يوم أمس، باستثناء عدد من الأنظمة التابعة، فإن معظم دول العالم أدانت العمل الإرهابي لإدارة ترامب واعتبرته بأنه يزعزع الاستقرار. وفي هذا الصدد ، بدأت وزارة الخارجية الإيرانية خطواتها الدبلوماسية لإحالة القضية إلى المجتمع الدولي، كما أدان مسؤولو الأمم المتحدة الإجراءات الأمريكية التي تنتهك القانون الدولي. لكن باستثناء المحافل الدولية، الاستفادة السياسية الاخرى التي تسعى طهران إلى تحقيقها ، هي المصادقة على قانون طرد القوات الأمريكية في البرلمان العراقي. حيث جعلت العمليات الإرهابية الأخيرة الاجواء العراقية العامة معادياً لأميركا بشدة ومن المرجح أن يتم التصويت عليه في البرلمان خلال الأسابيع المقبلة.

ولكن إلى جانب هذا الرد السياسي، لا ينبغي أن ننسى أن الجنرال سليماني له حقٌ كبيرٌ على جميع الفصائل الجهادية التابعة لمحور المقاومة، كما ان هذه الفصائل تعتبر الولايات المتحدة الأمريكية السبب الرئيسي لمشاكل بلدانهم ، لذلك يُرى أن مختلف فصائل المقاومة اتخذت هي نفسها بشكل مستقل مواقف للانتقام من اغتيال الشهداء في العمليات الإرهابية الأخيرة، وفي هذا الصدد يمكن الاشارة الى فتح كتائب حزب الله العراق باب التسجيل من بين المتقدمين للعمليات الاستشهادية ضد القوات الأمريكية.