الخبر وما وراء الخبر

هُنا الإسلام الإلهي المحمدي الأصيل

208

بقلم / عبدالله حسن الوشلي


يُقال أن أهم معيار لتقييم أي خطاب هو ملاحظة الزمن والظروف التي قيل فيها فبقدر أثرة وملامسته للواقع والظروف تكون عظمته وقيمته ,ومن هنا تأتي أهمية وقيمة خطابات قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي حفظه الله .

ولأن الظروف والمتغيرات التي قيلت فيها تلك الخطابات كبيرة ومتعددة ستظل كل تلك الكلمات والخطابات خالدة وستبقى علامة واضحه ما بقى الدهر تنبأ عن قائد عظيم ومؤمن حكيم ، وهنا سنحاول أن نحلق في سماء خطابه الأخير الذي ربما يكون هو الأهم والأكثر حساسية كونه أتى في ظل ظروف استثنائية وضاغطة وحساسة .
خطاب قائد المسيرة يأتي في ظل عدوان أمريكي إسرائيلي سعودي تحالفت معه وتعاونت عليه كل قوى الشر ,يأتي والأمة الإسلامية تمر بمرحلة خطيرة يستهدف فيها الدين والأرض والثروات و الأنسان ,يأتي هذا الخطاب بعد موجات الثورات وما سمى بالربيع العربي الذي تحول في كثير من الحالات خريف لم يجلب الي شعوبنا سوى مزيد من الأسئلة والياس من تحقيق تغيير حقيقي …

ولأن الاحتفال بمولد سيد المرسلين في ظلال المسيرة القرآنية نافذةً للضوء وأفقاً للخلاص ونوراً يبعث على الأمل ويُنيرُ الدرْبَ ويفسح المجال ويضيء الطريق للجميع فقد كان خطاب قائد المسيرة خريطة طريق توصل كل باحث عن الحل والمخرج من جاهلية اليوم الي الإسلام الإلهي المحمدي الأصيل الذي بدد وأنهى جاهلية الأمس .

لم يقم قائد المسيرة القرآنية بتصحيح الصورة المشوهة عن الإسلام فحسب بل لقد قدم الإسلام بصورته المشرقة ودوره الحضاري وسموه الإنساني ، الإسلام الذي ذكره قائد الثورة أكثر من (65)مرة في خطابه هو مشروع الحياة والسعادة والكرامة والعزة والعدل والأخلاق والقيم ، ليس إسلام السعودية وامريكا وأدواتهم التكفيرية …وليس إسلام الطقوس والشكليات المصنوع حسب طلب السلطان …لقد قدم رجل الإسلام في هذا العصر خلال حوالي ساعة من الزمان حقيقة الإسلام العظيمة في كل الجوانب ،وأثبت بما لا يترك مجالاً للشك أن مشكلة الكثير من أَبْـنَـاء الأُمَّــة وجماهير الأُمَّــة أن نظرتَهم إلَى الإسلام وإلى رسالة الإسلام وإلى الرَّسُــوْل صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــهِ نظرةٌ ناقصة ينقصها الكثير و الكثير ، وأن خسارتنا نحن كبيرة أما الإسلام فقد أثبت فعلياً نجاحَه مرتين: مرة يومَ طُبِّق تغيّر الواقع تَمَــاماً إلَى وَاقع عظيم متميز مختلف، ومرة يوم خولف وانحرف عن أَسَــاسياته، فرأينا الواقعَ سيئاً أسودَ مظلماً وقاتماً إلَى حد فظيع، أثبت نجاحَه في كلتا الحالتين…

بكل وضوح يؤكد قائد المسيرة القرآنية أن الطائفية والمناطقية ومشاريع البعثرة والتفكيك لم تكن نتاج للتفاعل مع الإسلام ,أنها مشاريع أعداء البشرية والإسلام ومن ينخرط فيها أو يغذيها أو يقبل بها فهو من حزب الشيطان و أن حسب نفسه على الإسلام والمسلمين كالنظام السعودي ، وَالجماعات التي انتجها وفرّخها وصنعها مع الغرب مع أَمريكا ومع إسرائيل .

لقد فصل سيد الكلام وأبان حقيقة المشكلة وطبيعة الحل بشكل موجز ودقيق فلخص أبرز مشاكل الأُمَّــة اليوم في ثلاث إشكالات، كلها نتيجة انحراف عن أَسَــاسيات في هذا الدين، في هذه الرسالة، في نهج النبي مُحَمَّــد صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِ وَعَلَـى آلِــه ، أولها الاختلال الرهيب في الوعي ,وثانيها اختلالٌ كبير في القيم وَالأَخْلَاق ,وثالثها ة غيابُ المشروع الحقيقي للأمة …..وبنفس السلاسة قدم الحلُّ للأمة وهو أن تعود إلَى الإسلام كمنظومة متكاملة إلَى هديه العظيم، إلَى القُــرْآن في ثقافته التي تقدِّمُ للأمة البصيرة والوعي .

خطاب قائد المسيرة القرآنية يصيب المتأمل بالذهول فالمتكلم بكل هذا الهدوء والعمق و البساطة و الاتزان هو من يقود ثورة توجه أشد عدوان تكالبت فيه قوى الشر ، المتكلم في زمن الحرب يعطى وعي يجعل الجماهير تشعر معه أنها تقاتل وتضحى وتصبر لأجل قضية وفي سبيل هدى ,وحق ….في الي الإسلام الإلهي المحمدي الأصيل يدعو ويضع خط فاصل بينه وبين الصورة المشوَّهة للدين التي قدمها التكفيريون؛ والقوى التي تحسب نفسَها على الإسلام كالنظام السعودي و لمن له قلب أو القى السمع وهو شهيد يقول يكفيهم ويكفي الناس عنهم أنهم في جبهة أَمريكا وظهروا علناً وبالوضوح حلفاءَ لإسرائيل، والمسألة ليست خفيةً، فبشاعة ما يعملون وسوءُ ما هم عليه و سوءُ أثرهم في الحياة وما نتج عنهم وعن أَعْــمَـالهم وعن سياساتهم وعن تصرفاتهم وعن ثقافاتهم، ما صدر عن ذلك ونتج عنه من آثار كارثية في واقع الحياة كافٍ في أن ندرك أنهم باطل الباطل وشر الشر وأسوأ السوء، لا ينبغي الانخداع بهم وَلا النظرة من خلالهم إلَى حقيقة الإسلام وإلى حقيقة نوره وهُداه .

في أقل من ساعتين تسقطت على قوى الشر كلمات فضحتهم و كشفت قبحهم بشكل وقعه على نفسياتهم كوقع ضربات رجال الله أن لم يكن أشد ,سقطت الأقنعة ف “الشرعية” التي يأتي بها الأَمريكي والإسرائيلي والسعودي هي داعش والقاعدة التي أتوا بها إلَى عدن، هي الفوضى العارمة التي نشاهدها اليوم في الجنوب , وبلاك ووتر مافيا المخدرات والمتوحشون التكفيريون المجرمون هم ما تقوله أَمريكا عن الحُرية والديمقراطية وحقوق الإنْـسَـان ، وجلب المجرمون من أقطار العالم ليقتلوا الناس؛ ليرتكبوا أبشع الجرائم بحق الناس؛ ليفقدوا الناس الأمن والاستقرار؛ لينهبوا الثروة ويحتلوا الأَرْض. هو إسلام السعودية وديمقراطية أمريكا والخونة طبع اللهُ على قلوبهم فهم لا يفقهون ولا يفهمون وإلا فصفقتهم خاسرة، هم أغبياء بكل ما تعنيه الكلمة؛ لِأَنهم باعوا أنفسهم وباعوا أوطانهم وباعوا إنْـسَـانيتهم وباعُوا شعبهم، وباعوا كرامتهم مقابل ماذا؟، مقابل قليل من المال والتكقيرييون وأمريكا وإسرائيل والقاعدة وداعش والنظام السعودي ومن في فلكه هم جَميْعاً شيءٌ واحدٌ وتوجه واحد وكلهم لمشروع واحد ولا ينبئك عن حالهم مثل ضربة توشكا الشهيرة في باب المندب الشهر الماضي ، و الأُمَــم المتحدة تؤدي دورَها ونشاطها وفقاً للسياسات الأَمريكية، و المفاوضات الأخير في سويسرا تشهد فحينما يقول الأمريكي كفى يقول مبعوث الأمم المتحدة كفى رفعت الجلسة .

وأهم دور لداعش والقاعدة في منطقتنا العربية هو أن تقوض كُلّ الكيانات القائمة، أن تضربَ الأُمَّــة، أن تستنزف الأُمَّــة، أن تضعف الأُمَّــة، أن تكرّه الإسلام لدى الأُمَّــة، وفي النهاية أن تهيئَ أرضية قابلة لأَمريكا وإسرائيل لاحتلالهم المباشر وسيطرتهم التامة وغلبتهم المطلقة كمنقذين مقبولين والنظام السعودي, مولد غير شرعي لأمريكا, وهو نظام مستبد طاغوتي جائر مستكبر غبي جاهل مسيء إلَى السلام والى رسالة الإسلام والى نبي الإسلام . لقد بدد قائد الثورة كل المخاوف لكن مع استنهاض الهمم وشد العزائم و التذكير بمخاطرُ التقصير الكبيرة؛ فالأَعْـدَاء يتَحَـرّكون بأقصى جُهدهم ، ويبذلون كُلّ ما يستطيعون في سبيل تحقيق أَهْــدَافهم المشؤومة، ما يستدعي من كُلّ الأحرار والشرفاء أن يتَحَـرّكوا بجد وأن يضاعفوا من الجُهُود.

الصمود والمواجهة خيارنا ولا مجال للتراجع والانهزام ,و لا ينبغي أبداً الوهنُ مهما طالت الحرب، مهما كان حجمُ التحدّيات، مهما كان حجمُ المأساة، نحن أصحاب قضية وقيم ومبادئ وأيمان وثقة بالله تؤهلنا للاستمرار ولو عبر الأجيال ولو الي يوم القيامة سنحرر أرضنا سندافع عن كرامتنا و نهاية أمرنا أما النصر وأما النصر… صاحب القول السديد لا يقدم تحليل ولا تخمين أنه يلخص الواقع و يقدم معادلات هي من سنن الله ولن تجد لسنة الله تبديلا ..ولذا فقد قال بكل وضوح …

الأمة لن يكون لها مشروع أصيل، تعيش فيه واقع التبعية لأعدائها والتغيير يبدأ من النفوس.. ومهما كانت الأحداثُ التجاربُ أثبتت والسننُ الإلَهية والكونية أثبتت وتجارب الشعوب أثبتت أن الشعوبَ الصابرة والصامدة تنتصرُ في النهاية، وأن العاقبةَ في وعد الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَـى لعباده المتقين والثابتين والصابرين …انتهى خطاب قائد الثورة…تأملوا وثم تأملوا ..
فهنا الإسلام الإلهي …هنا ثقافة القرآن …هنا مدرسة محمد …هنا يمن الأيمان والحكمة…..هنا قائد المسيرة القرآنية حفظه الله.