الخبر وما وراء الخبر

المظاهراتُ المقنّعة

32

بلقيس علي السلطان

المظاهراتُ على مدى عقودٍ مضت، وسيلةٌ من الوسائل التي يُعبّر بها الناسُ عن احتجاجهم عن سياسةٍ ما، أَو قرارٍ غير مرغوب، أو قضية مشروعة -كقضية فلسطين- مثلاً، أَو تنديدٍ لأحداث مختلفة، إلّا أنها أصبحت في الآونة الأخيرة أداةً من أدوات إشعال الفتن والفوضى في شعوب العالم، وبالأخصِّ الدول العربية والإسلامية..

عندما حذّر السيّدُ القائدُ -في خطابِه يومَ الاحتفال بالمولد النبوي وسطَ الجموع المليونية التي حضرت- العراقَ ولبنانَ من مغبّة الانجرار وراء التحريضات والأساليب التي دخلت فيها قوى الشر لقلب سير المظاهرات من مطالب مشروعة إذَا صحَّ التعبيرُ، إلى وسيلة للفوضى والعبث بأمن بلدانهم واستقرارها، كان في نفس الوقت يُحذّر الجميعَ من أن يقعوا في نفسِ المستنقع، وينجرّون وراءَ المخربين الذين يجعلون من معاناة الشعوب وفقرها وسيلةً للتخريب والتدمير والعبث بالأمن والاستقرار، بل وأداة حادّة يستخدمها العملاءُ لزعزعة استقرار الشعوب في العالم، ولعل ما يدلُّ على ذلك هو ما يدعو إليه مرتزِقةُ العدوان في اليمن الذي استحقوا المركزَ الأولَ في جميع موسوعات العالم في الخِسّة والانحطاط، فهم يجسّدون المثلَ القائلَ: (يقتُلُ القتيلَ ويمشي في جنازته)، فبعد أن أوصلوا الشعبَ إلى تحت خطِّ الفقر والجوع والمرض، بل وتدمير البُنَى التحتية وقطع المرتبات واستباحة دمائهم وأعراضهم، أصبحوا يستكثرون عليهم حتى الأمنَ والطمأنينةَ، وباتوا يحرّضونهم على انتفاضات ومظاهرات للتنديد بأحوالهم التي وصلوا إليها..

أفلستم أنتم من أوصلهم إلى كُـلِّ ذلك؟!

فضدَّ من تريدونهم أن ينتفضوا؟!

ضد من جعل صنعاءَ والمحافظاتِ المحرّرة آمنةً بالرغم من المحاولات المستمرّة لزعزعة أمنها واستقرارها؟!

أم ضدَّ من وهبوا أرواحَهم فداءً لهم ويواجهون حرباً كونيةً من أعتى دول الطغيان ومرتزِقتهم؟!

عجزتم عن تسطير الانتصارات في الجبهات، فتلجؤون إلى وسائلَ أُخرى؛ من أجلِ زعزعة الاستقرار والأمن وزرع الفتنة في أوساط الناس، وتبحثون عن انتصاراتٍ وهمية تُبنى على جثث المواطنين!..

لكن هيهاتَ لكم ذلك، فالمواطنُ أصبح يمتلك وعياً بما يدور حوله وبما يُخطّط له وراءَ الكواليس، وأكبرُ دليلٍ على ذلك هي فتنةُ البائد عفاش التي أرادها أن تأكلَ الأخضرَ واليابسَ، فأخمدها اللهُ ثم الشرفاءُ من أبناء الوطن، وسيخمدون كُـلَّ المحاولات التي تمُسُّ أمنَهم واستقرارَهم، وَإذَا كان لا بُدَّ من انتفاضةٍ فهي ستكون انتفاضةً ضدَّ العدوان الكوني ومرتزِقته، وستقتلع جذورَكم الخبيثةَ من أرض اليمن، كما اقتلِعَ من كان قبلكم، فأمنُ المناطق المحرّرة لا مجالَ فيه للعبث والتلاعب، وستثبت لكم الأيّامُ ما كنتم تجهلون وستولون صاغرين مدحورين تجرّون أذيالَ الخيبة والخزي، وتلقون جزاءكم العادل لا محالة ولو بعدَ حين.