الخبر وما وراء الخبر

 دروس من هدي القرآن الكريم

75

معرفة الله -الثقة بالله-

معنى (لا إله إلا الله)

الدرس الأول
( 4 )
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 18/1/2002م اليمن – صعدة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
إذا ما عرفت أن جهنم هي هذه المهولة الشديدة، وأيقنت بأن هذه جهنم هي التي من دخلها لا يخرج منها أبداً {إِنَّ الْأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ يَصْلَوْنَهَا يَوْمَ الدِّينِ وَمَا هُمْ عَنْهَا بِغَائِبِينَ} (الانفطار:11-16) خلود. كان أحد العلماء – وقد مات قبل فترة رحمة الله عليه – قالوا عنه: كان ينظر إلى مسألة الخلود في جهنم هذه ويقول هي وحدها الشيء الذي يخيف.. الخلود في جهنم هو الشيء الذي يخيف جداً. لو أن البقاء في جهنم حتى ألف سنة، خمسة آلاف سنة، وهناك أمل في الخروج منها لكانت المسألة ما تزال هينة، لكن الخلود – نعوذ بالله من الخلود في قعر جهنم – وهو الشيء الذي تؤكده الآيات الكريمة: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً}(النساء: من الآية57) {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً}(المائدة119) {خَالِداً فِيهَا}(النساء: من الآية14) الخلود معناه: أن تمر آلاف السنين {لابِثِينَ فِيهَا أَحْقَاباً} (النبأ:23) أحقاباً متتابعة، آلاف السنين، مليون سنة، مليونين سنة، مليار سنة، الخلود في جهنم – نعوذ بالله – هي الحالة المزعجة. ولهذا تجد الآخرين من عبيد الدنيا كيف يحاولون أن يتهربوا عن الخلود في جهنم فينطلقون إلى الشفاعة لأهل الكبائر، أو البقاء في جهنم فقط بمقدار ما عمل، أو أشياء من هذه يدل على فهم مغلوط للقرآن الكريم ولمنهجية القرآن الكريم في حديثه عن العقوبات بما فيها النار.. قالوا: أنت لن تقعد في الآخرة, في جهنم إلا بمقدار ما عملت!. ليست المسألة على هذا النحو، أنت عملك هو الذي أوصلك إلى جهنم حقيقة، لكن ماذا؟. هل تظن بأن الأعمال تُسطَّر ثم ينظر إلى كم يساوي، كم العقوبة اللازمة على هذا العمل الفلاني، ثم يضاف هذا إلى هذا ثم ينظر كم ستبقى؟!. إن المسألة من أساسها هو أنك عندما تعرض عن هدي الله – كما قلنا في جلسة سابقة – عندما تعرض عن هدي الله تتحول إلى إنسان خبيث، هل تعلمون أن كل معصية ليس فقط ينظر إليها من خلال أنها مجرد اقتراف لعمل في خارج إطار شخصيتك، كل معصية تترك أثراً على نفسك، كل معصية ترسخ نسبة من الخبث في نفسك، وهكذا واحدة بعد واحدة حتى تحيط بك خطيئاتك، فتصبح خبيثاً، تصبح خبيثاً فعلاً. الله في يوم القيامة تحدث بأنه سيكون تمييز الناس على أساس خبيث وطيب في الأخير، أهل المحشر يتميزون إلى فريقين فقط: خبيث, وطيب، الخبيث كله يجمعه فيركمه فيجعله في جهنم جميعاً، يجعل الخبيث مقره جهنم. ولأنه فعلاً المسألة هي مرتبطة بهذا هو بخبثك أنت، أصبحت إنساناً خبيثاً، ليست المسألة فقط أعمال اقترفتها ينظر إليها من خلال أنها أشياء في خارج إطار شخصيتك، لا؛ بل لأنها قد تركت أثرها الكبير في نفسك حتى أصبحت خبيثاً إلى درجة أن جهنم لو تبقى فيها مليار سنة ثم تخرج لعدت إلى ما نهيت عنه سابقاً، ألم يقل الله عن أهل النار {وَلَوْ رُدُّوا لَعَادُوا لِمَا نُهُوا عَنْهُ}(الأنعام: من الآية28)؟ لماذا؟؛ لأن نفوسهم قد خبثت، نفوسهم أصبحت خبيثة، فإذا ما خرجوا ما هم قد نسيوا الأعمال السابقة، وقد جلسوا حتى مليار سنة في جهنم؟ لكن النفوس كانت قد بلغ بها الخبث درجة أن جهنم لا يمكن لجهنم نفسها أن تطهرها فتحولها إلى نفوس طيبة فعلاً. ولهذا الله يحذرنا عن قسوة القلوب، قسوة القلب {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ}(الحديد: من الآية16) نحضر كل يوم الخميس، نحضر كل ليلة، نحضر كل جمعة، وكل مناسبة، وكل كلمة نعود منها بعدما نسمعها مثلما ذهبنا إليها، يصبح هذا مجرد روتين تسير وتجي مثل طلاب المدرسة، يسرح ويجي, يسرح ويجي.. تجي تنظر إيش معه قد هو في صف سادس فتراه لا يستطيع أن يقرأ ولا يكتب!. حالة الروتين هذا المتجدد، حالة أن تسمح لنفسك تسير وتجي, وتجي وتضوي مثلما جئت، وهكذا يجي غد مثل اليوم وبعد غد مثل غد، هذه نفسها حالة تساعد على ماذا؟ أن تصبح الكلمات لا أثر لها في نفسك، فيقسو قلبك؛ لأنك تترك للأشياء الأخرى المجال لأن تترسخ في نفسك، لأن تعمل على أن يقسو قلبك. والمواعظ أنت التي تريد أن تسمعها اليوم ليست غير التي سمعتها أمس، والذي سمعته ثالث يوم هو الذي سمعته أول يوم، وهكذا.. تصبح المسألة هكذا عندك، حتى يقسو قلبك فلا يعد شيء ينفعك، لهذا قال الله عن المؤمنين: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ – زادتهم – إِيمَاناً}(لأنفال: من الآية2). وأنت ترى نفسك بأنك لا تزيد إيماناً من كل كلمة تسمعها حتى ولو من طفل, لا تزداد إيماناً من كل كلمة تسمعها فاعرف بأنك متعرض للخطورة التي تعرض لها بنوا إسرائيل، أنه سيطول عليك الأمد, وهكذا كلمة بعد كلمة وأنت لا تزداد إيمانا فيقسو قلبك، وتخبث نفسك وحينئذ لا ينفع فيك شيء. يجب – أيها الإخوة – أن نعمل على أن نكون من هؤلاء المؤمنين، الذين نحاول ولنقهر نفوسنا أن نفرض على أنفسنا أن نزداد إيماناً من كل آية نسمعها من آيات الله تتلى علينا، من كل تذكير نسمعه بالله لنا، أن نزداد إيماناً، إفرض على نفسك أن تزداد إيماناً، إفرض على نفسك أعمالاً تنطلق فيها، روِّض نفسك، وعوِّد نفسك على أن تعمل، وأن ترسخ في نفسك الإيمان، وتزداد إيماناً خوفاً من أن تصبح الأشياء لا تنفع فيك، ثم في الأخير يقسو قلبك {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ}(البقرة: من الآية74) من بعد تلك الآيات. هذه حالة خطيرة جداً يتعرض لها الإنسان، حتى بعد الآيات القاهرة، مثلما حصل لبني إسرائيل عندما نتق الله الجبل فوقهم كأنه ظلة، وعندما رأوا آيات من هذا النوع المزعج، رجع الجبل، رجعوا لذياك المسبك الأول، النفس هي النفس، قست قلوبهم من بعد ذلك فهي كالحجارة أو أشد قسوة. ويمكن أن نفسر هذه الحالة التي نحن عليها أن القرآن الكريم الذي قال الله عنه: {لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ}(الحشر: من الآية21) أن قلوبنا ربما تكون قد أصبحت أقسى من الحجارة. إذاً فلنعمل على أن تلين {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ}(الحديد: من الآية16). يحاول كل واحد منا أن يعرض في قائمة واحدة ما ذكره الله عن جهنم، واعرض في قائمة أخرى ما ذكره الله عن الجنة، اعرض في قائمة ثالثة أهوال يوم القيامة وسترى الشيء الذي يزعجك، الشيء الذي يخيفك، الشيء الذي يشد رغبتك، عندما ترى الجنة وما ذكر الله عن أوصافها، وما وعد المؤمنين فيها من النعيم العظيم والدرجات العالية. {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً}(النساء: من الآية87)، فلنحاول أن نستعرض يوم القيامة – من خلال القرآن – على الشكل هذا الذي ذكرناه عسى أن يساعد هذا الأسلوب في أن تخشع قلوبنا لذكر الله، في أن نقاوم القسوة التي في القلوب، في أن نزداد إيماناً من كل ما نسمع، في أن نزداد وعيا من كل ما نسمع فيكون إيماناً صادقاً. وليس ممن قال الله عنه: {إِنَّهُ كَانَ لا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ} (الحاقة:33) وهو كان يحلف بالله في كل مقوات، ويحلف بالله على كل سلعة يبيعها، ويحلف بالله بعد كل مَجْبَر يقوله من أجل أن يصدقه هذا أو هذا. نحن بحاجة إلى إيمان راسخ, إلى إيمان واعٍ {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ} (الأنعام:19) {قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً} أعظم شهادة، هي شهادة الله، شهادة الله على توحيده، شهادة الله على صدق وعده ووعيده، شهادة الله على أنه سينجز ما وعد به أولياءه، شهادة الله بأنه رحيم بعباده فكل ما يرشدهم إليه, ويهديهم إليه هو من منطلق رحمته، شهادة الله بأنه القائم بالقسط، ويريد منك أن تكون من القائمين بالقسط لتكون من أوليائه؛ لأن أولياءه هم من ينطلقون في الحياة وفق هدايته. {شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ}(آل عمران: من الآية18) ثم يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ}(النساء: من الآية135) كونوا قوامين بالقسط كما أن الله هو من هو قائم بالقسط، ودبر شئون هذه الحياة على أساس القسط. {وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ}(الأنعام: من الآية19) ومن بلغه هذا القرآن، فهو نذير لكل البشر جيلاً بعد جيل إلى يوم القيامة، وفيه ما يكفي من المواعظ، فيه الإنذار الكافي، الإنذار عن عواقب الإهمال في الدنيا، عن عواقب التفريط في الدنيا، عن عواقب المعاصي في الدنيا، عن عواقب نسيان الله حتى هنا في الدنيا، والإنذار عن العاقبة الشديدة في القيامة من شدة الحساب، وعن العذاب الشديد في جهنم {لِأُنْذِرَكُمْ بِه}. {ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فَاعْبُدُوهُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} (الأنعام:102) {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} (لأعراف:158) {فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} (التوبة:129) {فَإِلَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا أُنْزِلَ بِعِلْمِ اللَّهِ وَأَنْ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(هود:14). كم تتكرر هذه العبارة: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} ثم ينطلق ليتحدث عن أي شيء كما قال هنا: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}(هود: من الآية14). أي: مسلِّمون أنفسكم له باعتبار أنه: {لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ} فليس هناك إله آخر يمكن أن تسلِّموا أنفسكم له، أو يدفعكم اعتصامكم بذلك الإله الآخر إلى أن لا تسلموا أنفسكم لله، لا إله إلا الله وحده فهو الذي يجب أن تسلموا له أنفسكم, وتعبدوا له أنفسكم. {كَذَلِكَ أَرْسَلْنَاكَ فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهَا أُمَمٌ لِتَتْلُوَ عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ}(الرعد: من الآية30)، وهو القرآن {وَهُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمَنِ قُلْ هُوَ رَبِّي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتَابِ}(الرعد: من الآية30). هكذا يكون أنبياء الله، وهكذا يكون أولياء الله، يتوكلون على الله من منطلق إيمانهم القوي بالله، وثقتهم القوية بالله. {هَذَا بَلاغٌ لِلنَّاسِ}(إبراهيم: من الآية52) القرآن الكريم بلاغ للناس {وَلِيُنْذَرُوا بِهِ وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}(إبراهيم: من الآية52)، لاحظ كيف التركيز على أن يجعل {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ}(ابراهيم: من الآية52) من أهم المقاصد القرآنية، هو رابع غاية من الغايات الأربع في هذه الآية، وهو الغاية الكبرى داخل هذه الغايات الأربع {وَلِيَعْلَمُوا أَنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ} نعلم في قرارة أنفسنا ما هو مجرد خبر نسمعه يطرق آذاننا فقط، بل نعلم في قرارة أنفسنا أنما هو إله واحد، هو الله، فلنعبِّد أنفسنا له، ولنلتجئ إليه، ونتوكل عليه، ونثق به، {وَلِيَذَّكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ}. {يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ} (النحل:2)، موضوع هذا الدرس هو حول فهم ألوهية الله سبحانه وتعالى، تترسخ في أذهاننا مسألة ألوهية الله، ماذا تعني؟ متى ما آمنا بأنه هو وحده إلهنا – إيماناً واعياً وليس فقط مجرد كلام – سنتقيه، سنسلِّم أنفسنا له، سنثق به، سنتوكل عليه، نلتجئ إليه، نرغب فيه، نخاف منه. {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ} (النحل:22) {وَقَالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلَهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (النحل:51)، {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} (الكهف:110)، {اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} (طـه:8) {إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً} (طـه:98). ولأهمية الإيمان بألوهية الله على هذا النحو، تصبح كلمة الإقرار، هذه الكلمة في الوحدانية هي بطاقة الدخول في الإسلام، وهي الذكر الذي يجب أن يردده الناس جميعا، وهي الذكر الذي يجب أن يتردد في الأذان، وهم يؤذنون وينادون للصلاة، كلمة:[لا إله إلا الله] وداخًل الصلاة [أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله] هي الشهادة التي تدخلك في الإسلام، وهي الشهادة التي تشهد بها وأنت في اللحظات الأخيرة من عمرك، فأنت تشهد أنه لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله. الشهادة بوحدانية الله سبحانه وتعالى لأهميتها هي التي تجعلك تكفر بكل من يبرز لك إلها في هذه الدنيا غير الله، وإن كان هوى نفسك.. قد يبرز الهوى إلها لك، ويبرز الخوف إلها لك، ويبرز الطواغيت آلهة لك، وتبرز الدنيا إلها لك، وتبرز المطامع كلها آلهة لك.. فعندما تكون مقرراً في نفسك ألوهية الله وحده، فسوف تقهر كل من يبرز في هذه الدنيا إلهاً آخر غير الله لك. ألم يقل الله: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ}(الجاثـية: من الآية23) أنت أيها الإنسان يمكن أن تتخذ هواك تجعله إلهاً لك، كذلك من تطيعه من دون الله فأنت قد عبَّدت نفسك له، من تطيعه في معصية الله تصبح قد عبدت نفسك له، فكأنك اتخذته إلها. ألم يقل الله لبني آدم: {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ} (يّـس:60) سمَّا طاعتهم للشيطان عبادة؛ لأنهم أطاعوه في معصية الله وكل من يوجب عليك أن تطيعه في معصية الله فقد جعل نفسه إلها لك، فإذا أطعته فكأنك عبدته، وكأنك جعلته إلها. والإمام الناصر في [البساط] أكد هذه المسألة بشكل كبير، فيما يتعلق بتفصيل العبادة أنه جعل من ضمنها الطاعة، فمتى ما أطعت غير الله أصبحت مشركاً، جعله شركاً، تطيعه في معصية الله. {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ}(الأنبياء:25)
{قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (الأنبياء:108). {وَهُوَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} (القصص:70) {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ}(فاطر:3) من الذي يرزقكم؟ من الذي صوركم في الأرحام كيف يشاء؟ من الذي سخر هذا العالم لكم؟.