جوهرية العلاقة بين الرسول الأعظم واليمنيين
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 10 نوفمبر 2019مـ -13 ربيع الاول 1441ه ]
بقلم / فؤاد يحيي العرشي
يتسأل الناس في هذا العالم وفي هذا الزمان ، لماذا نحن اليمنيون اكثر المسلمين تفاعلا واحتفاءً و تقديسا ً لذكرى المولد النبوي الشريف ، مولد سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم . وللإجابة على هذا التساؤل وامثاله من التساؤلات ، نحتاج الى طرح عدة أبحاث تاريخية ودينية اشبه برسائل الماجستير والدكتوراه ، ومع ذلك لابد من ان نتعرض الى بعض النقاط والعناوين التي من خلالها نستشف ونتبين ما نعتقده في جوهرية العلاقة بين رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم وبين اهل اليمن وهي كالتالي :-
1- العلم المسبق ، قال تعالى( وإذ اخذ الله ميثاق النبيين لما اتيتكم من كتابٍ وحكمةٍ ثم جاءكم رسولٌ مصدقٌ بما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم واخذتم على ذلكم إصرى قالوا أقررنا قال فاشهدوا وانا معكم من الشاهدين ) الآية (81) سورة آل عمران ،فمن الآية الكريمة يتضح لنا جلياً وبإجماع المفسرين في كل عصر ان الله سبحانه وتعالى عهد بمهمة التبشير بالرسول الأعظم سيدنا محمد صلى الله علية واله وسلم الى كل انبيائه ورسله عبر التاريخ وفي كل الكتب والديانات السماوية ، ولذلك تناقلت الشعوب والأمم والحضارات المختلفة تلك الاخباريات والاوصاف عن الرسول الخاتم الذي سيظهر في اخر الزمان ويكون على يديه الخلاص للبشرية من الظلم والتسلط والاستعباد ، وإرساء قواعد العدل والايمان بالإله الواحد ، وتوارث الناس تلك البشارات والاخبار وكان من هذه الحضارات والأمم والشعوب القديمة الحضارة اليمنية والشعب اليمني ، وسيتضح اثر هذه البشارات لدى اليمنيين في بقية النقاط .
2- الاصطفاء الإلهي من المعلوم ان الله سبحانه وتعالى اصطفى الأنبياء والرسل وفضل بعضهم على بعض كما هو واضح في آيات القرآن الكريم قال تعالى ( ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين ) الآية (33) سورة آل عمران ، ولم يكن الاصطفاء محصوراً على الأنبياء والرسل فقط ، فالله سبحانه وتعالى يختار ويهيئ ما يريد قال تعالى ( وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون ) الآية (68) سورة القصص . فخاتم الأنبياء والمرسلين الذي امر الله بنصرته والتعهد بذلك ، قد اصطفى له اهل اليمن انصارا له ولدعوته كما حدث لعيسى بن مريم
3- التهيأه الإلهية قال تعالى ( ربنا اني اسكنت من ذريتي بوادٍ غير ذي زرع عند بيتك المحرم ربنا ليقيموا الصلاة فجعل افئدةً من الناس تهوي اليهم ورزقهم من الثمرات لعلهم يشكرون ) الآية رقم ( 37) سورة إبراهيم ، فكانت هذه الحادثة هي البداية للارتباط بين القبائل اليمنية واجداد رسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم وتوطدت بعلاقة المصاهرة لأكثر من مره بحسب ما ترويه الكتب التاريخية والسير الاخبارية المؤكدة.
4- الاعداد المبكر لظهور الرسول الخاتم بسبب ذلك العلم المسبق والبشارات والاوصاف المتناقلة عبر التاريخ فهذا الملك التبع يصل الى منطقة يثرب ويترك فيها حامية عبارة عن قبيلتي الأوس والخزرج ويأمرهما ان ينصرا الرسول الخاتم وان هذا المكان سيكون مهاجره وعاصمة دولته وعليهم اتباعه ونصرته.
5- التسليم والرضا فقد كان اهل اليمن مسلمين للرسول الخاتم ومتولين له وطامعين في رضاه ورضا الله سبحانه وتعالى بالانطواء تحت لوائه والتسليم لما يامر به ، وكانت هذه الثقافة تتناقل عبر الأجيال وتحملها جيناتهم الوراثية ، فهذا الملك سيف بن ذي يزن يستقبل رؤساء وزعماء القبائل العربية المهنئون له بانتصاره على الاحباش فيلتقي بسيدنا عبدالمطلب عليه السلام ويجري بينهما ذلك الحديث الطويل الذي ينبئ عن العلم الكبير والدقيق في وصف واخبار واحوال سيدنا محمد صلى الله عليه واله وسلم الذي كان يدخره اليمنيون في كتبهم ويتناقلونه جيلا بعد جيل ، ولم يجدوا حرجاً في ان يسلموا له بالرغم انهم ملوك العرب .
فهذا الملك سيف بن ذي يزن المؤمن بالله وبرسوله يقول في بعض الحديث لسيدنا عبدالمطلب عليه السلام ( انك يا عبدالمطلب لجده غير كذب ، فخر عبدالمطلب ساجدا ، فقال : ارفع راسك ، ثلج صدرك ، وعلا امرك ، وقال أيضا : فاحتفظ بابنك واحذر عليه اليهود فانهم له أعداء ، ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا ، واطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك ، فاني لست آمن ان تدخل لهم النفاسة ، من ان تكون لكم الرياسة
فيطلبون له الغوائل ، وينصبون له الحبائل ، فهم فاعلون او ابناؤهم ، ولولا اني اعلم ان الموت مجتاحي قبل مبعثه ، لسرت بخيلي ورجلي حتى اصير بيثرب دار مملكته . )
هذا جزء بسيط من ذلك الحوار الذي يدلنا على عمق الايمان والمحبة لرسول الله محمد صلى الله عليه واله وسلم
6- الانتظار بشغف والمسارعة
كان معظم اليمنيين ينتظرون مبعث رسول الرحمة والهدى ، فمنهم من هاجر الى الحجاز كأفراد ا و جماعات مثل اسرة عمار بن ياسر وغيرها ، اما من بقوا في ديارهم فظلوا ينتظرون الاخبار والبشارات والامارات المعروفة لديهم مسبقا ، وما ان بعث رسول الله
حتى التحقوا بركبه المبارك ومن المعلوم لدى الجميع ان اليمنيين اسلموا برسالة .
وهذه هي النتيجة الطبيعية لما سبق ذكره في بداية المقال
7- الدور البارز في نصرة الإسلام والاستمرار على نهج الرسالة المحمدية قال تعالى ( فالذين امنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي انزل معه أولئك هم المفلحون ) الاية 157 الأعراف
فدور اليمنيين واضح وجلي ومواقفهم مع رسول الله لا ينكرها احد ولو اردنا التحدث عنها سنؤلف مجلدات ، انما نحن نبين جوهرية هذه العلاقة ، لقد ذاب اليمنيون حبا وايمانا وتسليما في الله عز وجل ورسوله وآل بيته ، ومن منطلق علمهم الايماني ومعرفتهم بالسنن الإلهية فهاهم يتولون الله ورسوله واعلام الهدى من آل بيته باذلين انفسهم واموالهم في سبيل الله ، اخذين على عاتقهم نصرة دين الله ، مقيمين ومعظمين لشعائر الله ، وما هذه الاحتفالات بمولد سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله الطيبين الطاهرين الا نتيجة لذلك العمق الايماني المحب لله ولدينه ولرسوله صلى الله عليه واله وسلم.