أبرز صفات المجاهدين (المبادرة والمسارعة) الحلقة (4).
بقلم المجاهد /فاضل الشرقي
جاء الإسلام ليربي الناس على المسارعة والمبادرة في تنفيذ الأعمال والمهام بنشاط وهمة وروحية عالية لا مكان فيها للتباطؤ والتثاقل، وجسد كل هذه القيم رسول الله “صلوات الله عليه وعلى آله”، وربى أمته عليها، وكم من الأعمال والوقت تضيع وسط حالات التأخير والتأخر واللامبالاة، وهذا يتنافى تماما مع كل قيم ومبادئ وتعاليم وتربية الإسلام، والقرآن الكريم، والرسول الأعظم، ومع صفات ومواصفات المجاهدين المتقين.
إنّ المطلوب من كل فرد هو التركيز الجيد على العمل، والإستيعاب الواعي والكامل للمسؤلية، فيربي ويعود نفسه على سرعة التحرك والإنجاز بدقة وجودة عالية، وترك الأعذار والتعللات والتبيرات الواهية التي تدل على عدم الإهتمام واللامبالاة، وهذا للأسف شيء موجود لدينا فتضيع من بين أيدينا الكثير من الفرص، ونهدر ونضيع الوقت، والمطلوب من الإنسان أن يبادر هو بنفسه لتنفيذ الأعمال والمهام، وهذا هو الفرق بين الإنسان والحيوان، فالحمار مثلا وأنت تهديه للتحرك في الطريق والإتجاه الصحيح لا يفهم التوجيهات، ولا لغة الأدب والإحترام والتكريم، ما يمشي إلا بضرب ودحس وزبط، فتكون أنت مضطر لاستخدام هذا الأسلوب معه، لكن الإنسان كرمه الله بمدارك ووعي وفهم يتحرك من خلاله بأسلوب مميز وكريم، صحيح أن الإنسان لا يعلم الغيب ولا يحيط بكل التفاصيل لكن هناك قواعد وأسس عملية ينطلق منها، وصفات يتميز بها منها “المبادرة والمسارعة” فليس كل الأعمال تحتاج فيها إلى توجيهات ودفع وتحريك، لأنّ المسؤلية في الإسلام وغيره واضحة بالنسبة للإنسان، فإذا توفر الحافز المعنوي والنفسي والهمة العالية لدى الفرد فبكل تأكيد سينجح في كل أعماله ويحقق نتائج مرضية، يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه” :
(هكذا كانت سيرة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) كان رجلاً قرآنياً، رجل يتحرك بحركة القرآن، يجسد القرآن، يفهم معاني القرآن، وغايات القرآن، ومقاصده، وأساليبه، ومنهجه. في قضية المال جربنا هذه، جربنا هذه مع المشاريع، والمساهمات، يكون كثير من الناس مستعد أن يدفع، لكن عنده سيدفع [بعد غد، أو إنشاء الله يوم الخميس سألقِّيه أو…] مجرّب، كان يضيع علينا أحيانا شهر كامل وواحد منتظر، أو شهرين حتى يتجمع المبلغ، وهم مستعدين، لكن التثاقل، التثاقل يضيِّع عليك وقت كثير، ويضيع فرص كثيرة أخرى [عسى برجع ألقاه يوم الخميس، أو برجع إنشاء الله أعطي فلان أو بقي معي أو…]. صفة المبادرة في كل شيء مهمة جداً، المبادرة إلى الأعمال الصالحة، حيث جعلها من صفات المتقين، ومن أهم ما أثنى بها على أوليائه: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} (الأنبياء90) كانوا يسارعون في الخيرات، وفي آية أخرى: {فَاسْتَبِقُواْ الْخَيْرَاتِ}(البقرة148). بعد ما يقول في صفات المتقين، أول صفة مهمة، وصفة أيضاً ما لم تكن مطبوعة بطابع المسارعة أيضاً تفقد كثيراً من إيجابياتها، وثمارها، عندما قال: {الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاء وَالضَّرَّاء} هي أيضاً توحي بأنهم ينطلقون في مجالات الإنفاق بمبادرة، بسرعة، لا يوجد فيهم تثاقل، [وساعة العون]؛لأن هذه القضية تفقد الأمة أشياء كثيرة……، ما دام أنت ستعطي على أساس بعد غد، أو يوم الأربعاء، أو يوم كذا، فبسرعة؛ حتى تتحرك المسألة…..، والصراع يستدعي المبادرة. لا يحسم الموضوع في الحروب، في المواجهة إلا المبادرة، عنصر المبادرة أهم عنصر، المسارعة، تكون أنت صاحب السبق، تكون أنت سيد الموقف، لكن متى يمكن أن تكون سيد الموقف؟ إذا كان من حولك كلهم مبادرون، عندهم حركة المبادرة، المسارعة. فالآيات هذه كلها توحي بأن المؤمنين، المتقين، وهم من وصفوا بأنهم ينفقون في السراء والضراء، أنهم ينفقون بمبادرة، ومسارعة. فالآية هذه من قوله: {سَارِعُوا} طبعت صفات المتقين إلى أنهم فعلاً يبادرون، ويسارعون إلى ما وصفوا به…..، عندهم روح المبادرة، المسارعة. ولهذا كانت المسارعة في الواقع تبدو أنها مطلوبة في معظم الأعمال، عندما قال: {سَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ} ألم يطبع المسارعة في كل ما تحصل به على المغفرة، في كل ما تستوجب به المغفرة من الأعمال الصالحة أن تكون مسارعاً إلى ما تستوجب به المغفرة).