الخبر وما وراء الخبر

معرفة شخصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله.

51

على خلاف كتب السيّر، يتناول الشهيد القائد السيد حسين بدر الدين الحوثي رضوان الله عليه شخصية الرسول الأعظم صلوات الله عليه وآله، حيث يؤكد الشهيد القائد على قضية هامه هي التعرف على شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله)، ويشدّد بأن يعرف الناس جيداً أن الرسول نعمة عظيمة من الله عوز وجل، يقول: “معرفة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قضية هامة – كما أسلفنا – في أن يعرف الناس فعلاً أنه نعمة عظيمة من الله ولهذا قال بعد: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ}(آل عمران: من الآية164)”.
ويتساءل الشهيد القائد كيف يمكن أن نتعرف على شخصية الرسول بالشكل الذي تملأ نفوسنا حبا له، وشعورا بعظمته، وكمال نفسيته، وكمال شخصيته، وقدرته الهائلة، وذكائه الكبير، يقول:”رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) الذي نؤمن بأنه سيد الرسل، كيف نظرتنا إليه؟ ومن أين يمكن أن نتعرف على شخصيته بالشكل الذي تملأ نفوسنا حبا له، وشعورا بعظمته، وكمال نفسيته، وكمال شخصيته، وقدرته الهائلة، وذكائه الكبير؟” (الهوية الايمانية ص 5 -6).

ويشير الشهيد القائد إلى النضرة المغلوطة تجاه التعرف على شخصية الرسول لاسيّما وأن معظم السيّر لم تتناول التحليل الواضح لمنطلقاته في مجالات عمله وتكتيكه العسكري، وكذلك في اختياره للقادة وللموقع، حيث يقول: “إذاً فهنا تعرف شخصية الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قد تكون في كتب السير تاريخاً يعرض فقط أحداثاً معينة مؤرخة ونكتب فيها أرقاماً معينة، لكن التحليل لشخصيته قضية ثانية، التحليل لمنطلقاته في عمله في تكتيكه العسكري في اختياره للقادة في اختياره للموقع وأشياء من هذه لا تتناولها معظم السير فعلاً، وهي قضية هامة” (سلسلة رمضان، سورة ال عمران، الدرس السادس عشر).

ويشُير إلى أن السّير التي تحمل عنوان سيرة النبي لم تتضمن شخصية سيدنا محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وما تضمنته مجرد معرفة بتواريخ أحداث وغزوات فقط، تجعل المسلمين بعيدين عن شخصيات الأنبياء، وأساليبهم بما فيهم سيدنا محمد حيث يقول: “متى ما جئنا إلى السّير التي تحمل عنوان سيرة النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) ثم نأتي فيتحدثون عن مولده ونبذة بسيطة من الإرهاصات التي حصلت عند مولده، ثم يبدأ المؤلف، غزوة بدر، بعدها، غزوة أحد، بعدها، غزوات، غزوات. يتحدث عن الغزوة كم عدد المسلمين, كم كان عدد الكافرين، ما الذي حدث أخيرا، متى كانت ومتى انتهت، ثم ينتقل إلى غزوة أخرى، فنخرج من كتب السيرة ولدينا معرفة بتواريخ أحداث، غزوة بدر, غزوة أحد, غزوة حنين, غزوة كذا إلى آخره، ولكن أين هي شخصية محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) التي تعرفنا عليها من بين ذلك الركام من كتب السيرة؟!. بل نقرأ في كتب الكلام الأساليب التي توجهنا إلى كيف نعمل ونحن نستدل، ونحن نحتج, ونحن نناقش، ونحن نبحث، ونحن نجادل الآخرين، وحتى ونحن ندعو الآخرين، وإذا بنا نرى أنفسنا بعيدين عن شخصيات الأنبياء, وعن أساليبهم بما فيهم سيدنا محمد (صلوات الله عليه وعلى آله)” (الهوية الايمانية ص 5 -6).

وفي سياق ذلك، يؤكد الشهيد القائد أنه: ” ليس المطلوب فقط من السير أو من التاريخ أن نعرف متى وقعت الغزوة الفلانية وكم كان عدد المسلمين وكم كان عدد الكافرين وانتهى الموضوع”(سلسلة رمضان، سورة ال عمران، الدرس السادس عشر).ويبين الشهيد القائد الطريقة التحليلية لمعرفة شخصية الرسول، حيث يقول أن: “المطلوب أن نعرف كيف كان -بطريقة تحليلية – كيف كان تفكير النبي (صلوات الله عليه وعلى آله) كيف كان تخطيطه كيف كانت مشاعره كيف كان تقييمه كيف كانت الوضعية بشكل عام، وضعية جانب المسلمين ووضعية الآخرين الكافرين الوضعية بشكل عام، وضعية العالم في ذلك الزمن بشكل عام حتى يكون التاريخ له أثر في النفوس ويعطي دروساً مهمة ويعطي عبرة وتعرف من خلاله النفسيات”.ويضيف بالقول: “وفي نفس الوقت يستوحي الناس من سيرته، يستلهمون من حركته كيف يتحركون وكيف يعملون”(سلسلة رمضان، سورة ال عمران، الدرس السادس عشر).

الله منح رسوله الحكمة
من هدى القرآن الكريم يبين الشهيد القائد رضوان الله عليه المعالجات والرؤى الحكيمة للعديد من القضايا التي قد يحدث فيها أخطاء من جانب العاملين في سبيل الله، حيث يؤكد أن الحكمة بشكل عام هي قضية هامة جداً، وقضية مطلوبة في كل إنسان، وأنه يجب أن يُعلم الناس ليكونوا حكماء، ويضف أن الحكمة لا يقابلها أخطاء، وتصرفات خاطئة، ويبين أهمية الحكمة في أنها تجعل الإنسان في مواقفه، ورؤاه، وتصرفاته، وفي أفعاله كلها حكيمة.

ويشُير الشهيد القائد الى أن معرفة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله قضية هامة في أن يستوحي الناس من سيرته، ويستلهمون من حركته كيف يتحركون ويعملون حتى تكون تصرفاتهم ومواقفهم حكيمة، ويبُين أن الرسول حكيم، ولم تكن أعماله عشوائية، وإنما كانت تسير وفق ترتيبات دقيقة وخطط محكمة ورؤى صحيحة ،يقول :”معرفة الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) قضية هامة ـ كما أسلفنا ـ في أن يعرف الناس فعلًا أنه نعمة عظيمة من الله ولهذا قال بعد: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ} (آل عمران: من الآية164) وفي نفس الوقت يستوحي الناس من سيرته، يستلهمون من حركته كيف يتحركون وكيف يعملون.

ويؤكد الشهيد القائد على نقطة هامه هي عدم اعتبار الأشياء بأنها كانت مجرد معجزات خارقة في كل الحركة، وأن الله منح رسوله الحكمة، فلم تكن أعماله عشوائية، بل كانت أعماله تسير وفق ترتيبات دقيقة وخطط محكمة ورؤى صحيحة، حيث يقول:”في نفس الوقت أيضاً لا يعتبر أن الأشياء كانت مجرد معجزات خارقة في كل الحركة، الله سبحانه وتعالى هو على كل شيء قدير، ولكنه حكيم تكون الأشياء تسير وفق ترتيبات دقيقة، رسوله حكيم لم تكن أعماله عشوائية، أعماله تسير وفق ترتيبات دقيقة وخطط محكمة ورؤى صحيحة ومعرفة حقيقية؛..”.
وهنا يؤكد الشهيد القائد بأن حركة الرسول لم تكن نتاج معجزات خارقة فقط، بل كانت تلك الحركة تقوم على خطط محكمة ورؤية حكيمة وترتيبات حكيمة، كانت مما هدى الله رسوله من خلال القرآن الكريم، يقول:”… لأن الفارق فيما إذا كنا نتصور أن كل ما كان يحصل كان عبارة عن معجزات خارقة معجزات، معجزات إلى آخرها يقول الناس من بعد: [إذاً محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) قد التحق بالله وما معنا شخص تأتي على يديه معجزات خارقة، خارقة… إلى آخره، إذاً ما نستطيع نعمل شيئا] ” (سلسلة رمضان، سورة ال عمران الدرس السادس عشر).
ويضيف بالقول: “عندما تعرف بأنه كانت تلك الحركة تقوم على خطط محكمة ورؤية حكيمة وترتيبات حكيمة وأنها مما هدى الله رسوله (صلوات الله عليه وعلى آله) إليه ومن خلال القرآن الكريم، ولهذا ألم يقل في القرآن الكريم بأنه: كتاب حكيم {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} (هود: من الآية1)”. (سورة آل عمران، الدرس السادس عشر).

ثم يتجه الشهيد القائد الى تعزيز ذلك بالقول:” أن تكون الأشياء تمشي على الطريقة هذه، معناه ماذا؟ أنها قابلة للاستمرار قابلة أن يسير جيل آخر بعد رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) وفق هدى الله وفق ما يؤتيهم الله من حكمة أو ما يأخذون من كتاب الله من حكمة وما يوفقهم الله إليه من حكمة في عملهم، ولو لم يكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) موجودًا بينهم لكنه موجود بماذا؟ بآثاره، إذا حاولنا أن نعرفه هو وليس فقط نعرف أنه قائد المعركة الفلانية بتاريخ كذا وعدد كذا…. إلى آخره، لا، تعرفه هو لتعرف كيف كان دقيقًا في عمله وكيف كان حكيمًا في تعامله مع الأحداث وتعامله مع الناس وكيف كان أيضًا، كيف كانت نظرته إلى الناس بشكل عام بما فيهم الأعداء” (سورة آل عمران، الدرس السادس عشر)
وبذلك يمكن أن يستلهم المؤمنين من سيرة الرسول كيف يضعون الخطط والبرامج العملية في حركتهم وتصحيح اخطائهم.

وفي سياق ذلك، يمكن أن نستشف من حديث الشهيد القائد، الحكمة في المجال المالي وادارة الأموال وذلك من الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وتصرفاته التي كانت مبنية على أساس الشفافية والوضوح وعدم التشكيك، حيث يبين أن الله عز وجل عندما يقول {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} فهو يتحدث في هذه الآية عن موضوع الحكمة في وسط الحديث عن الجانب المالي، ويؤكد بأنه موضوع يجب أن يكون فيه التصرفات حكيمة، حيث يقول: “قضية ملموسة بالنسبة للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله) يبدو أنه فعلاً في قضية جمع الأموال لتمويل سرية معينة، أو غزوة معينة كان يكون خارج هناك يجمعها لا يكون في بيته لأن هذا منفذ للآخرين يقولون: [لاحظوا كم قد أدخلوا إلى بيته، لاحظوا كم قد أدخلوا] وعندما يخرج لو أخرج الذي عنده ونصف من حقه زيادة سيقولون أولئك [هذا فقط قد لا يكون إلا النصف مما قد أدخلوا إلى بيته، وما زال الباقي مراكم هناك] هذا لأنه كان حكيماً ولذا قال: {يُؤْتِي الْحِكْمَةَ} يتحدث في الآية هذه عن موضوع الحكمة في وسط الحديث عن الجانب المالي لنعرف بأنه موضوع يجب أن يكون التصرفات فيه حكيمة، ومع الناس حكيمة، والمشاريع تكون على أساس معرفتك بالجانب المالي أيضاً حكيمة”(سورة البقرة ، الدرس الحادي عشر)

وهنا يوضح الشهيد القائد المنهجية والأسلوب الذي كان ينتهجه الرسول صلوات الله عليه وعلى آله في مجال التمويل المالي المبنية على الحكمة التي تقتضي أن تكون جميع التصرفات مبنية على أساس الشفافية والوضوح وترمي الى عدم حدوث أي تشكيك في نفوس العاملين.