الخبر وما وراء الخبر

“رجال النصر” الحلقة ال (10) الأخيرة.

25

بقلم /فاضل الشرقي
26 صفر 1441ه

نختتم كتاباتنا عن “رجال النصر” بهذه الحلقة الأخيرة والتي خلاصتها رسم منهجية قرآنية عملية وحركية ودعوية في العمل والحركة تعطي الأولوية للإهتمام بعامة الناس الذين يشكلون غالبية المجتمعات والشعوب ويعتبرون “رجال النصر” في كل زمان ومكان، وواقعنا المعايش في اليمن في هذه المرحلة يشهد بذلك، وهذه هي منهجية الإمام علي(ع) التي سار عليها، وفي عهده لمالك الأشتر حين ولاه “مصر” قال:(وإنّما عماد الدين وجماع المسلمين والعدّة للأعداء العامّة من الأمّة فليكن صغوك لهم وميلك معهم).
والواقع يسير في صالح هؤلاء العامة نتيجة صبرهم وتضحياتهم، أما كبار الناس والشخصيات والمستكبرين فكل همهم هو الحفاظ على مقاماتهم، والبحث واللهث وراء المناصب والمكاسب والإمتيازات، إلا من أخلص وتواضع لله واستجاب له، والذي يجب علينا هو التوازن في العمل والحركة وفق هذه المنهجية القرآنية، وأن لا نضحي بعملنا وديننا من أجل فلان وفلان أو الإنتضار لهم والإرتباط بهم مع حرصنا كل الحرص على هداية الجميع، ولكن ليس على حساب المستضعفين والإهتمام بهم والتركيز عليهم، مع العمل على تحييد بعض الشخصيات المعارضة، وإزاحة الشخصيات الضاغطة من طريق العمل والحركة وكل ما يحول بين الناس والإستجابة، والإنطلاقة بوعي وحكمة وبصيرة مع حسن الإستيعاب الكامل للمنهجية والوسائل والأساليب والطرق والمناهج القرآنية، وعدم الإساءة والتجريح والعداوة الشخصية والوسائل والأساليب المنفرة والأخطاء التي تتجمع فتصد عن سبيل الله بدلا من حسن الدعوة إليه، ونعرف كيف نتعامل مع هذه الطبقات السياسية والإجتماهية والتجارية؟، يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه”:
(أولئك المستكبرون الذين كانوا يقولون لمحمد (صلوات الله عليه وعلى آله): اطرد أولئك الضعاف، تغيرت الأوضاع وإذا بهم يرون الضعاف يجثمون على صدورهم في بدر ويحتزون رؤوسهم. هكذا الأحداث كلها تنبئنا، وآيات القرآن أيضا تنبئنا بأنه لا تطمع في الكبار بالشكل الذي تضحي بعملك من أجل أن ينضموا إلى صفك، أو يقبلوا أن يكونوا من يتحركون ضمن هذا العمل. رأينا آخرين ممن يعملون مع [مشايخ]، تجد ذلك الشيخ في واقعه لم يتغير ولم يتبدل إلى الأفضل هو هو، ولديه مركز في بيته مركز أو قريبا منه مركز يدعمه من المراكز الأخرى، أو لديه داعية من أولئك الدعاة، ما يزال هو هو الأول، لم يتغير فيه شيء، أولئك يفرحون بأنهم كسبوه وهو يرى نفسه أنه كسبهم هو، وأنه يريد من خلالهم أن يلمع وجهه أمام الآخرين، ليقولوا أصبح من أولياء الله. تراه هو ما يزال في مكره وخداعه، وإثارة المشاكل بين الناس، وظلم هذا وظلم هذا، تراه لا يصبغ نفسه بصبغة المتقين ولا يتأثر حتى بأولئك الذين يفتح لهم مجلساً في بيته لا يتأثر بهم، لكن عندما تقول لهم: ما بالكم؟ يقولون: نريد أن نكسب هذا، ونكسب هؤلاء. ويرون أنفسهم في الأخير أنهم أصبحوا أصحاب عمل مهم؛ لأنهم كسبوا هذا وهذا وهذا، وهم لا يدرون أنهم في الواقع إنما كسبهم أولئك الأشرار، هم الذين كسبوهم، وأن هؤلاء المساكين الذين ينطلقون – وقد يكون بحسن نية – هم من ضحوا بالدين وقدموه بالشكل الذي يخدم أولئك الأشرار، يلمعون أنفسهم أمام الآخرين فيحصلون على ما يحافظ على مصالحهم ومكانتهم الاجتماعية. إذاً فلنأخذ العبرة من قوله تعالى: {وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ}(السجدة: من الآية15) لأن صفة الخشوع لله هي الصفة الرئيسية لديهم {خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}(السجدة: من الآية15) وهم من ينطلقون في العبادة أيضا، هم أنفسهم من قد يكون التذكير لمرة واحدة يكفي أن ينطلقوا، ليسوا ممن يحتاج دائما إلى تذكير مستمر، تذكير مستمر، وإلا فيريد أن يرجع إلى طريقته التي قد ألفها، هؤلاء يقول عنهم: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} (السجدة:16). هؤلاء من يكون لآيات الله إذا ذكروا بها الأثر الكبير في نفوسهم).
نسأل الله أن يجعلنا من هؤلاء المؤمنين المستضعفين الواعين الذين إذا ذكروا بآيات ربهم خروا سجدا وهم لا يستكبرون.