الخبر وما وراء الخبر

 “رجال النصر” الحلقة ال (8).

23

بقلم / فاضل الشرقي

لا زال حديثنا عن “رجال النصر” الذين هم الفئة الاضعف في المجتمع يعني من حيث الموقع والمنصب والسلطة والرفاهية، وعادة ما يكونوا من الشباب، والشي المهم الذي يجب أن يترسخ لدينا ولدى هذه الفئة هو عدم الإرتباط بكبار الناس الذين سبق الحديث عنهم في الحلقات السابقة، وبالنسبة لنا في العمل والدعوة والحركة الثقافية والجهادية يجب أن لا نربط عملنا بهم، وهذا يحتاج كما أسلفنا إلى فهم منهجية القرآن ووسائله وأساليبه في العمل والحركة والخطاب والتخاطب، وخلاصتها أن هناك باب واحد للدين يدخل منه الجميع بالتساوى وهو باب واسع يتسع للجميع، ويكسر روحية الكبر والغرور والتعالي تتحقق من خلاله الإنطلاقة الصحيحة التي تحقق الأخوة والتساوي بين الجميع، ويتمتعون بأرقى درجات المحبة والولاء والأخوة والإحترام مع بعضهم البعض بعيدا عن استجابة وانطلاقة المكرهين والمتأقلمين مع الظروف والمتغيرات (الإنتهازيون والمتسلقون) أمثال “أبي سفيان ومعاوية” وغيرهم من الطلقاء، ومن المهم التنبه للغلطات التي تحصل أثناء العمل فقد تنطلق بحرص ومسؤولية واخلاص فتركز عملك واهتمامك وتؤقلمه مع هذا الشخص أو هذا الشيخ أو هذا الحزب أو هذا الزعيم على أمل أنه سيمثل مكسبا كبيرا للحركة والمسيرة وأنه إذا استجاب استجاب بقية الناس فتضيع معه الوقت والجهد الكبير والطويل الذي لو بذلته مع عامة الناس لاستجاب لك العشرات بل المئات قبل أن يتزحزح هذا الشخص من مكانه أو يتأثر ويتغير، والمهم في العمل هو التركيز على أن تكون الاستجابة لله والعمل مع من هم من هذا النوع ولو لم يستجب لك إلا شخص واحد وهو من هذه النوعية فإن هذا هو المكسب الكبير لأنه ممن سينصرون الدين حقا وحقيقة، وفي سورة “عبس” وما حصل مع رسول الله “صلوات الله عليه وآله” والرجل “الأعمى” وكبارات رجالات “قريش” درس كبير لنا في العمل والحركة، يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه”:

(لا تربط نفسك بكبار من هؤلاء ولا تربط عملك الثقافي بكبار من هؤلاء، ولا تربط عملك الجهادي بكبار من هذا النوع، ليشترك الكبار والصغار ويدخلوا سويا من هذا الباب، ومتى ما دخلنا سويا من هذا الباب فنحن من سيقدر بعضنا بعضا أكثر تقديراً مما يتطلبه أولئك الكبار منا، وهو التقدير الذي يريدون أن نضحي بديننا في مقابله، نقول ستحظون بتقديرنا وسنحظى جميعا بتقدير بعضنا بعض وإجلال بعضنا بعض إلى درجة الأخوة الإيمانية هل هناك أرقى منها؟. الأخوة الإيمانية هي أرقى درجات الولاء، احترام متبادل، تقدير متبادل، بذل للمعروف متبادل، نصيحة، تواصي، أخوة تصافي، تآلف للقلوب. خطير جداً أن يعشعش في ذهنك وأنت تطمع في هذا العمل أن يكبر، أو في ذلك العمل الثقافي أن يكبر، فتحرص على أن يدخل هذا الكبير، وهذا الكبير، وتدخل هذا الحزب وتظم هذا الحزب إليك، أو تنظم إلى هذا الحزب من أجل أن توسع هذا العمل.. خطير جداً. [سورة عبس] من تأملها سيدرك الخطورة البالغة، ألم تأت آيات عتاباً للنبي (صلوات الله عليه وعلى آله)؛ لأنه بحرصه على الهداية وبحرصه على أن يسلم أكبر عدد ممكن من الناس ليهتدوا ليس ليضمهم إلى مقامه أنه يريد أن يتزعم أو أن هذا هو همه، إنما لينجوا من عذاب الله، ليهتدوا بهذا الدين العظيم فيسعدون في الدنيا والآخرة، حريص على الأمة. عندما اجتمع مع ملأ من أولئك وتوجه إليهم بكل مشاعره حريص على أن يسلموا، جاء ذلك الأعمى، فكأنه رأى أنه جاء في غير الوقت المناسب، قطع الموضوع، فكأنه حصل لديه نوع ما من التقزز والاستياء أنه جاء في غير الوقت المناسب قطع عليه حديثه، وجعل أولئك يأنفون من مجيئه، وينفرون من أن يروا هذا الأعمى عنده، تأتي هذه الآيات: {عَبَسَ وَتَوَلَّى أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى} (عبس1 – 5). لأن المهم هو: أن تجد الرجل الذي تنفعه الذكرى، هذا هو المهم. هنا: {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ}. فليكن عملك في هذا الوسط مع هذه النوعية، ولو شخصا واحدا، سيكون مكسبا كبيراً من هذه النوعية. {أَمَّا مَنِ اسْتَغْنَى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى وَأَمَّا مَنْ جَاءَكَ يَسْعَى وَهُوَ يَخْشَى فَأَنْتَ عَنْهُ تَلَهَّى كَلَّا} (عبس(:5 – 11) كلا: إنزجر عن هذا الأسلوب، وهو من قال الله له: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (القلم:4) وهو من انطلق بحرصه الشديد على هداية الناس).