رجال النصر الحلقة (1).
بقلم / فاضل الشرقي
النصر لا يتأتى بسهولة ولا يمكن احرازه بقوة السلاح فقط، وإن حصلت سيطرة أمنية وعسكرية على منطقة ما، ومجتمعا ما، وشعبا ما، وهي مفروضة بقوة السلاح فإنها في الأخير ستنتهي ومصيرها أن تتبخر، ومع تغير الظروف، ومستجدات الحياة وأحداثها ومتغيراتها سينقلب عليك هذا الشعب وهذا المجتمع ويمكن أن يسقطوك بثورة شعبية وتصبح في خبر كان، وهناك نماذج معاصرة كثيرة في وقتنا الراهن، والحياة على طول امتدادها مليئة بهذه النماذج والشواهد.
النصر له قاداته ورجاله العظماء المرتبطون بالله، والذين يبنون الأمة بناء قرآنيا ودينيا، ويربطونها بالله مباشرة، هذه الخطوات الأولية والأساسية هي صمام الأمان لاحراز النصر وضمان استمراره وديمومته وحيويته ونشاطه، فالذين ينطلقون من منطلق عظمة الله في نفوسهم، وعظيم حبه في قلوبهم، ومكانته وحضوره الدائم في أعماقهم، وخشيته الكامله، هم رجال النصر والإنتصار بغض النظر عن عتادهم وعديدهم، وهم من يرفعون رأس الأمة عاليا، ويحققون لها العزة والكرامة، ويحققون النصر والإنتصار على العدو مهما كان عديده وعداده، وفي أي عصر وزمان، يقول الشهيد القائد “رضوان الله عليه”:
(المؤمن نفسه إذا ما ذكر بآيات الله، سواء تذكره موقفاً هو لديه معرفة نوعاً ما عنه، لكن آيات الله من خلال تذكيره بها سيظهر له أكثر وأكثر أهمية أن يكون له عمل، أن يكون له موقف أن ينطلق بجدية. وعندما يقول: {خَرُّوا سُجَّداً}(السجدة: من الآية15) أولئك الذين يخرون لله سجداً هم من يرفعون رأس الأمة. ليس معنى أن آيات الله هي تنكس الناس، وأن آيات الله هي التي تضع الناس فيخرون إلى الأرض. الناس الذين يخرون إلى الأرض سجداً لله خشوعاً لله وخضوعاً لله لا يستكبرون أبداً.. هم أولئك الذين يعلون كلمة الله، هم أولئك الذين يعلون رأس الأمة، هم الذين يعلون الدين ويظهرونه فوق الأديان كلها، هم هؤلاء {إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآياتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّداً وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ} (السجدة:15) هم من سينطلقون انطلاقة فاعلة. لأنه ما هو الذي ينقصنا نحن ونحن نجمد، ونحن لا نتكلم سواء من كان منا باسم عالم، أو متعلم، أو عابد، أو أي لقب يحمله: أستاذ، أو نحوه، فلأنا لم نصل إلى هذه الدرجة بعد: الخشوع الكامل لله الذي لا يحصل إلا من خلال معرفته بشكل جيد، التسبيح لله بألسنتنا وقلوبنا، الثناء على الله هذا هو ما ينقصنا، أن هذه ليست حالة مترسخة في أعماق أنفسنا. فإذا ما ترسخت في نفوس الناس تراهم أمة قابلة للنهوض، تجتمع كلمتهم بسهولة، يتحركون بمسارعة).