الخبر وما وراء الخبر

ذكرى مولد الحبيب المصطفى

121

بقلم / د. احمد حسين الديلمي


بعد ايام قليلة ستحل علينا ذكرى مولد أمامنا وقائدنا ونبينا الرسول الاعظم محمد صلى الله عليه وآله, هذا الرسول الذي بفضله تحول الظلام الى نور, وانتصر الحق على الباطل, وتأسست بفضله دولة اسلامية قائمة على الحق والعدل والمساواة وحقوق الانسان …, ستحل علينا هذه الذكرى والأمة الاسلامية تعيش اسوأ حالاتها, من ذل وهوان وخلافات وانقسام, فقد عانت من المآسي والمحن بشكل لم يشهد له مثيل, دمار في أوطانها وسفك لدماء ابنائها وحروب دائرة بين بعضها البعض, كل هذا وراءه قوى الشر والهيمنة, حاملة العداء للدين والامة الاسلامية ورسولها, على رأسها امريكا والكيان الصهيوني وحلفائهم الاوروبيون, اما السبب الحقيقي لهذا الدمار والتخريب والفتنة بين ابناء الامة الاسلامية فهو نتيجة لما ارتكبته من ذنب كبير في حق هذا الرسول العظيم,

عندما ابتعدت عن المنهج والرسالة الآلية التي جاء بها رسولنا صلى الله عليه وآله, اما الذنب الاعظم الذي ارتكبته هذه الامة فهو تخليها عن رسولها عندما قام الاعداء بكيل الاساءات الى رسول اصطفاه الله وارسله رحمة للعالمين, فهؤلاء الاعداء قبل ان تكون لهم اليد ليصنعوا ما يصنعوه اليوم من خراب وتدمير, لجأت الى استخدام عملية اختبار لهذه الامة كي تعرف صلابة ارادتها وكيفية ردود افعالها, فتعمدت شن الاساءة تلو الاساءة لشخصية الرسول المعصومة, تارة بالمقالات وتارة عن طريق الصور الكاريكاتورية, حتى وصل الامر بعمل افلام فيها تشوية واساءة ليس لرسول الله فقط بل لكل فرد في الامة الاسلامية, وتفاجأ الاعداء بردود افعال امة محمد الضعيف, فالحكومات لاذت بالصمت والعلماء اكتفوا بإصدار بيان ركيك, اما شعوبها فمنه من خرجت في مظاهرات هنا وهناك, اما الغالبية العظمي فقد اكتفت بالقول “لعنهم الله” و “امرهم الى الله”.

اطمأنت قوى الشر والعداء من خلال هذه التجربة او هذا الاختبار, ان هذه الامة قد تخلت عن كرامتها, ومن يتخلى عن كرامته هان عليه كل شيء بعدها, فما بالك عندما تخلت عن نبيها ورسولها الذي كان اساساً ورمزاً لكرامتها وعزتها وقوتها, سيصبح من السهل على اعدائها ان تضع فيها وفي دينها وفي مجتمعاتها ما تشاء, من فتنة ودمار وهيمنة… والله لو ان هذه الامة وقفت امام هذه الاساءات وقفة رجل واحد حكومة وشعب وعلماء, وقفة جادة لتضع حداً لهذا الاستخفاف والاستهتار والتشوية بالدين والرسول والقيم بكل الوسائل, ابسطها استمرار المظاهرات والاحتجاجات وقطع العلاقات مع منع الاستيراد من تلك الدول التي تسببت في هذه الاساءة وغيرها الكثير والكثير, كتقليل توريد النفط, لو تم هذا هل كانت ستتجرأ قوى الشر والهيمنة على القيام بما تصنعه اليوم في اوطان ومجتمعات الامة الاسلامية من حروب وفتنة وتدمير؟؟

كلا والف كلا, كانت ستعمل لكل خطوة الف حساب. لهذا فمن الواجب علينا القيام بالاحتفال بهذه الذكرى لهذا العام بطريقة مختلفة, فأتمنى من الجهات المختصة تكليف علماء الدين بالقيام بواجبهم ودورهم عن طريق اقامة الندوات والمحاضرات والخطابات التي تتركز حول شخصية رسولنا الكريم ودوره في ارساء دعائم اسمى السلوكيات, وأجل القيم واتمام لمكارم الاخلاق, اما الرسالة التي جاء بها فهي من ارقى الرسالات السماوية التي فيها الخير كله للفرد والاسرة والمجتمع بل وللعالم كله. كما اتمنى من وسائل اعلامنا المختلفة وبالأخص المرئية, فبدلاً من عرضها للأفلام النمطية والمكررة والتي معظمها تدور حول نزول الوحي والهجرة, بدلاً من ذلك ان تستضيف اساتذتنا المتخصصين في علوم الاجتماع والاقتصاد والسياسة كي يشرحوا للعالم ان الرسول محمد صلى الله عليه وآله منذ 1400 عام هو من أسس المقومات الاساسية لتلك العلوم, وانه هو الداعي الاول للحرية والمساواة وحقوق الانسان من قبل ان تكون امريكا مضغة في رحم امها بريطانيا,

كما لا ننسى دور المدرسة والاسرة في غرس كل الحب والولاء في قلوب اطفالنا لرسولنا حبيب الله محمد صلى الله عليه وآله. اما اذا اردنا ان تتخلص من المأزق الذي تعيشه الامة الاسلامية من فتنة وتدمير وخلاف, فليس امامنا الا الالتفاف حول رسولنا والتمسك برسالته السمحاء والتطبيق لمنهجه الصحيح, والتي اثبتت الاحداث والايام ان لا خلاص لنا الا بهذا, فهل حان الوقت ان نستوعب الدرس ام لا ؟