الخبر وما وراء الخبر

الجنوب بين فكي الإحتلال

50

كتبت/ سعاد الشامي

عدن هي المدينة الهادئة ، ثغر اليمن الباسم ، السمراء الفاتنة، الجذابة بسواحلها الذهبية ، والمثيرة بثرواتها البحرية ، والمغرية بموقعها الإستراتيجي ، هي تلك المدينة التي تحول بريقها إلى بؤرة أطماع يجذب ضؤوها أحلام الغزاة الذين عقدوا العزم على إحتلالها ونهب ثرواتها واستعباد أهلها ؛ هي الجنوب والجنوب كله عدن عزهم بعزها وهوانهم بهوانها .

ربما لم تتوقع عدن كمينا محكما كهذا يسلبها حريتها، ولم تكن تدري أي فخ نصب لها ليوقعها في جحيم الذل والهوان والقتل والدمار ، فلقد أوهمها الغزاة أنهم تطوعوا لمساعدتها ؛ لذلك صمت آذان أبنائها وغلفت قلوبهم عن الإصغاء لكل صرخات الإنذار التي كانت تلوح لهم بخطر الوقوع في مهاوي هذا الإحتلال!

عدن التي عجزت أن تتنفس نسائم الحرية بعد أن تلوث هواءها بغبار العبودية واستخف الإماراتي والسعودي برجالها فجعلوهم أدوات استعمالية لتمرير مصالحهم الاستعمارية وحولوها إلى مسرح للجريمة وساحة للعصابات التخريبية والجماعات الفوضوية ، ومرتع لقوى الإرهاب الداعشية وملجأ لكل الخلايا الارتزاقية ، بعد أن هاجت على رمالها ريح الخضوع التي تقاذفت كرامة المواطن الجنوبي وأوردتها موارد الحتف والهلاك.

كانت قد تجلت أهداف قوى العدوان في الجنوب من خلال ميناء عدن الراكد بعنوة الرغبة في تدمير الاقتصاد ، وجزيرة سقطرة المحتجزة بقانون السطو والنهب، وسكاكين الذبح التي تتربص بالأهالي القتل والفناء ، والمعتقلات السرية التي يشرف عليها ضباط إماراتيين من غلظة الإكباد وذوي الأفئدة المتعطشة إلى الفاحشة والإجرام يلقون خلف قضبانها كل ناشط سياسي حر أو إعلامي وطني ثائر أو عالم دين تقي يعارض فكرهم الإحتلالي ويدعو إلى وجوب التحرر ، والمشاهد المؤلمة لفتيات يمنيات يداهم شرفهن ذئاب بشرية محملة بأحاسيس وحشية ليتم خطفهن واغتصابهن وأخفائهن في فنادق جعلوها وكراً لفسادهم وعشاً لحقارتهم ودناءتهم .

ولكن هاهو الجنوب اليوم يدخل فصل جديد من فصول الإحتلال ينفذه من يفترض أن يحميه ووفق مخطط قذر من دول العدوان وتحت مسميات وهمية شبيهه بتلك الشرعية المزعومة التي فضحت حقيقتها الأحداث الأخيرة ، فلا شرعية للمحتل إلا شرعية القتل المتعمد والدمار الممنهج ، والأمن المفقود والاعدامات الوحشية والاغتيالات اليومية ، والمداهمات الليلية والتفجيرات اليومية والتهجيرات القسرية والتصفيات الفئوية ، ولاسلطة لمجلس يدعي الانتقال إلى مرحلة التحرر ويتغنى بحب الجنوب ومازال الإماراتي يقوده كما تقاد الحمير.

لا شك أن نار الإحتلال لفحت بلهيبها بشرة عدن السمراء فأسودت أيامها وأوشكت أحلامها على التفحم ولمست ثراها بلهيبها المستعر ، وهربت عصافير السلام من على أشجارها المتهالكة، وخلفها الغربان تنعق فوق الخرائب، ولكن لابد أن تشرق شمس الحرية وتثمر شجرة الكرامة وذلك باستئصال بذور الارتزاق واجتثاث جذور الإحتلال بصواعد رجال أحرار منهجيتهم في حب اليمن “ثورة مستمرة وكفاح لا يتوقف” .