الخبر وما وراء الخبر

 سلسلة سورة آل عمران (3- 4) دروس من هدي القرآن الكريم

209

سورة ال عمران الدرس الثالث
ولْتَكُنْ مِنْكُم أمَّة
( 1 )
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي بتاريخ : 11/1/2002م اليمن ـ صعدة

بسم الله الرحمن الرحيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُون وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:102ـ104) . عرفنا [في الجلسة السابقة] تفسير هذه الآيات ووصلنا إلى قولـه تعالى:{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية103 هكذا يكون بيان من الله سبحانه وتعالى، من منطلق رحمته بكم، وأنه لا يريد لكم أن تُظلموا، ولا يريد لكم أن تكونوا كافرين، ولا يريد لكم أن تعودوا على شفى حفرة من النار كما أنقذكم منها أول مرة فتعودون إليها من جديد، إذاً فالله سبحانه وتعالى عندما يبين لنا يبين لأنه رحيم بنا، من منطلق رحمته، وهذا أهم ما رسخه القرآن الكريم هو: أن الله [رحمن رحيم]، وأن الله رحيم بعباده، فلأنه رحيم بعباده يهديهم، يبين لهم آياته، ويسميها آيات؛ لأنها علامات على حقائق، حقائق لا تتخلف، حقائق لا يمكن أن تتخلف عن أن تحصل نتائجها سواءً كانت سلباً أو إيجاباً. فمتى ما تفرقتم، متى ما توانيتم وقصرتم في مواجهة أهل الكتاب فقد ترتدون بعد إيمانكم كافرين، وقد تعودوا إلى شفى حفرة من النار. {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية103) تهتدون إلى ما أنتم في حاجة إلى أن تهتدوا إليه، ألا نشعر بالحاجة الماسة إلى أن نهتدي إلى ما به نحافظ على أنفسنا أن نبقى مسلمين، إلى ما به نبتعد عن أن يحوّلنا أهل الكتاب إلى كافرين بعد إيماننا. نهتدي إلى ما به نبتعد عن النار التي قد كنا على شفى حفرة منها، هل هناك حاجة إلى هذا أم لا؟. أنا لست بحاجة إلى أن أهتدي حتى لا أتحول إلى كافر! ما الذي سيحصل إذا أصبحت كافراً ؟. هل الكفر مشكلة كبيرة أم لا!؟. الناس في الدنيا يرون بعض الأشياء مشكلة كبيرة جداً وغايتها ما هي؟. النتيجة منها التي ترعبهم ما هي؟. قد يكون إما سجن أو يخسر قليلاً من المال، أو وجع في رأسه، أو مغص في بطنه، هل نعتبرها مشاكل؟. أو قد تكون في نظره مشكلة كبيرة لأنه قد تُؤخذ عليه قطعة أرض، أو قطعة [مَشْرَب] لقطعة أرض، أو تصبح مشكلة كبيرة عليه إذا لم يشاجر خصمه بعنف ويبذل كل أمواله في سبيل أن لا تخرج من تحته تلك القطعة من الأرض، حتى وإن كانت حقاً للآخر، فتصبح مشكلة لديه تشغله وهو يأكل، تشغله وهو يصلي، تشغله وهو متوجه إلى فراشه للنوم، تشغله وهو يمشي. أليست هكذا تحصل الأمور بالنسبة للذين يشاجرون على قطعة [مَشْرَب] أو على أشياء من هذه؟، تصبح مشكلة لديه كبيرة تشغل بَالَه وتأخذ كل تفكيره وكل اهتمامه، فيعيش البعض في حالة تقشف، ويحاول عندما يطلع وين‍زل إلى المحكمة يحاول أن يصبر على أن يأكل أكلاً كيفما كان من أجل أن يستطيع أن يواصل شريعته وشجاره مع خصمه، من أجل أن [لا يربطه غَرِيْمَه] – كما نقول – يواصل لأن تلك مشكلة كبيرة لديه. نقول: أليست مشكلة كبيرة أن تقع في حالة يمكن أن تؤدي بك إلى جهنم؟، أليست هذه مشكلة كبيرة؟، هل هناك شيء أشد من جهنم؟، هل هناك شيء أسوأ من جهنم؟، من عذاب النار؟، من عذاب الحريق؟.{كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ}(آل عمران: من الآية103) إذا كانت تهمكم أنفسكم فتبحثون عما يهديكم إلى ما فيه نجاتكم فلا تُظلمون في الدنيا، ولا تصيرون إلى ما تستوجبون به عذاب جهنم في الآخرة. ثم أي طرف في الدنيا أي جهة في الدنيا يمكن أن تكون أكثر رحمة بنا من الله سبحانه وتعالى؟. هل هناك أحد؟. وإذا افترضنا أن هناك من هو رحيم بنا، فهل هناك من يستطيع أن يهدينا كما يهدينا الله سبحانه وتعالى؟. لا. قد ترحمك أمك، قد يرحمك أبوك، قد يرحمك إخوانك، قد يكونون حريصين على نجاتك، حريصين على سلامتك، لكن لا يمتلكون علم الغيب، لا يمتلكون ما يستطيعون به أن يرسموا لك طريق الهداية التي تعتبر حقائق لا تتخلف، بل قد يحصل العكس، قد توجهك أمك أو يوجهك أبوك أو أخوك إلى الترك، أن لا تتحرك في قضية يكون في الواقع سلامتك وهدايتك وعزتك ونجاتك في أن تتحرك فيها، فتنطلق أمك من باب العاطفة من باب الرحمة فتقول: [اترك ذلك يا ولدي، لا تثير على نفسك المشاكل، لا تضيع مالك، لا تضيع وقتك، انطلق في شغلك وعملك]. أليست تتحدث من منطلق الرحمة، لكنها لا تستطيع أن ترسم لك الهداية الحقيقة، لا تستطيع مهما كانت رحيمة، فبالنسبة لله سبحانه وتعالى تجتمع أشياء كثيرة: رحمته العظيمة بنا، وعلمه فهو الذي يعلم السر في السماوات والأرض، يعلم الغيب والشهادة، علمه كيف يهدينا وما هو الذي فيه هدايتنا؟. ولهذا يتحدث بأن ما يهدينا إليه هو آيات. معنى آيات: أعلام على حقائق، حقائق لا تتخلف، حقائق هي تمثل إذا سرتم عليها وفي طريقها هدايتكم، فآياته أعلام على حقائق نمشي وراء هذه الأعلام لنهتدي بها، ولا بد أن تحصل – إذا ما مشينا مهتدين بها – لا بد أن تحصل تلك الحقائق من وراءها، سواء ما كان منها في الدنيا من عزة ومكانة وشرف ورفعة واستقامة، وبالنسبة للآخرة الفوز العظيم بالجنة، أليست هذه هي الهداية الحقيقية؟. عندما يهدينا هو يهدينا إلى ما نحن في أمس الحاجة إليه في الدنيا قبل الآخرة، هذا شيء مؤكد، الثمرة ليست مرتبطة بأنه فقط ثمرتها هي الجنة ولا شيء قبلها، بل يهدينا إلى ما نحن في أمس الحاجة إليه في الدنيا ؛كي لا نُظلم، لا نُذل، لا نُقهر، لا نصبح جنداً للشر والباطل، لا نصبح عبيداً للشيطان، أليست هذه أشياء تهم الإنسان أن لا يقع فيها؟. وعلى الرغم من ذلك أيضاً يكتب لنا أجراً على كل ما نسير فيه مما نحن في أمس الحاجة إليه فيكتب لنا أجراً عليه، ويكتب لنا الفوز بالجنة، وما أعظم الجنة، وما أعظم رضوان الله الذي هو أعظم من الجنة. أليست هذه هي منتهى الرحمة؟. ولهذا قال تعالى:{فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ}(آل عمران: من الآية107) كما سيأتي بعد في هذه الآيات، هذه هي الرحمة. أمك أبوك خالك جدتك أي واحد من أقاربك أي شخص يهمه أمرك لو انطلق بكامل الإخلاص فلن يستطيع أن يهديك على هذا النحو، ومتى ما هداك فإنه لا يملك لك شيئاً
من بعد، لا يملك جنة ولا يملك ناراً، وقد لا يملك فعلاً أنك متى ما سرت على النحو الذي هداك إليه أنه سيقف معك بكل ما يملك، قد يكون مجرد نصح فقط، أما الله فقد وعدك أنك عندما تسير على ما هداك إليه فإنه سيقف معك، وسيؤيدك، وسينصرك، وسيهديك، ويوفقك، ويرعاك، ويرشدك. الإنسان إذا تأمل لا يجد أي طرف إطلاقاً يمكن أن يهديه كهداية الله، لا يمكن أبداً، و لا يتحقق له من أي طرفٍ مهما كان ناصحاً له كما يتحقق له على يد الله سبحانه وتعالى. ولأن الآيات هي في سياق الحديث عن أهل الكتاب وعن أعمالهم الخبيثة وخططهم الماكرة، بدأ التوجيه نحو الهداية من الأمر بتقوى الله حق تقاته، ثم الاعتصام بحبله، ثم ماذا؟. {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (آل عمران:104) في طريق أن تكونوا بمستوى أن تواجهوا أهل الكتاب لا بد أن تؤهلوا أنفسكم فتتحركوا أولاً في مجال إصلاح المجتمع من الداخل لأن أهل الكتاب سينفذون إلى داخلكم إلى أعماق بيوتكم، إلى أعماق نفوسكم. فلا بد أن تكونوا معتصمين بحبل الله جميعاً. ثم تنطلقون بشكل جماعي – بعد أن تؤهلوا أنفسكم وتجعلوا من أنفسكم أمة قادرة على أن تتحرك في الداخل أولاً- في الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. لا تتصور أبداً بأن معنى المسألة في مواجهة أهل الكتاب هو: أن تتجه بعينيك إلى [نيويورك] أو إلى إسرائيل أو إلى [لندن] أو [باريس] أو نحوها، بل من هنا العمل يبدأ في مواجهتهم من هنا من الداخل؛ لأنهم – وهم في مجال أن يضربوا الأمة- يتغلغلون إلى داخلها بمختلف وسائلهم الخبيثة، {وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَاداً}(المائدة: من الآية33) فساداً ثقافياً، فساداً أخلاقياً، فساداً اقتصادياً، فساداً في البيئة، فساداً في كل مجالات الحياة. إذاً فلا بد للأمة – وهي في طريقها إلى أن تؤهل نفسها لتكون بمستوى مواجهة أهل الكتاب، وفي مجال أن تحصّن نفسها من خبث أهل الكتاب حتى لا تتحول إلى أمة كافرة، إلى أمة مرتدة بعد إيمانها – سواء الأمة على مستوى الأمة أو أي مجتمع داخل هذه الأمة لا بد أن تتحرك في مجال الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير، وإلا فماذا؟. قد تكون أنت تفكر بأنك تجهز قطعاً عسكرية لتضرب [واشنطن]، وهم يضربونك في داخل كل بيت من بيوت مجتمعك، هذا لا يتأتى، وهذا هو ما حصل فعلاً، أليس هذا هو الحاصل؟. تعقد الدول صفقات أسلحة للسعودية لليمن لمصر لهذه الدولة ولهذه الدولة صفقات أسلحة طائرات دبابات، كل مرة نسمع بصفقة أسلحة، لكن من الذي سيحرك هذه الأسلحة؟. بدأً من الكبير من الرئيس أو الملك إلى آخر شخص في المجتمع من هو؟. لقد ضُربت الأمة من الداخل. والأمر بالمعروف لا يعني فقط أن تقول لفلان: يغطي ركبته فقط!، بل بكل ما هو معروف، بكل ما الأمة بحاجة إلى أن تهتدي به، أن تتحلى به أن تمتلكه، أن تعمل به في مجال السياسة في مجال الاقتصاد، في مجال الأخلاق، في كل مجالات الحياة، في كل مجالات الدين. المعروف باب واسع جداً، إن من المعروف أن نقول للآخرين: إن عليكم أن تهتموا بالجانب الاقتصادي فتجعلوا الشعوب قادرة على أن تقف على أقدامها مكتفية بذاتها فيما يتعلق بقوتها الضروري؛ لتستطيع أن تقف في مواجهة أهل الكتاب، أليس هذا من المعروف؟. ليس المعروف فقط كما نتصور، حتى أصبح هذا المبدأ العظيم مبدأ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر يعني فيما يتعلق بأشياء بسيطة، بسيطة جداً مثل [غلِّق المسجلة، غَطّ ركبتك]. ألم يصبح هكذا؟، تقريباً تنتهي إلى هذا مسألة الأمر بالمعروف! ولهذا نحتاج إلى أن تكون هناك أمة، أن يؤهل الناس أنفسهم إلى أن يصبحوا أمة قادرة على أن تدعوا إلى الخير تحت عنوان (الخير) بمفهومه الواسع، وأن تكون أمة تأمر بالمعروف تحت هذا العنوان الواسع، وتنهى عن المنكر بعنوانه الواسع، هذه ثلاثة عناوين واسعة جداً، ثلاثة عناوين مهمة هي تشمل كل مجالات الحياة، سواء ما كان من وجهة نظرنا لا نراه متعلقاً إلا بالدنيا، وما كان منها متعلقاً بالدين. إذا تتأمل الإنسان في هذا يجد أنها هداية حقيقة، فتجعلك تثق بالله، يجعل الإنسان يثق بأن الله يضع الخطط الحكيمة للأمة لتمشي عليها. وهو يعلم ما سيعمل أهل الكتاب، وكيف ستكون أساليبهم، وأنهم سيغزون الأمة من الداخل فيجعلوا الأمة تقف مستسلمة أمامهم، طائعة لهم، متولية لهم، كبارها جنود لهم، وصغارها ضحية لفسادهم، فتتجمد وتتعطل كل وسائل القوة الأخرى. البترول في الأرض يصبح لا يمثل ما يمكن أن يمثله من آلة ضغط عليهم، هذه الخيرات المنتشرة في معظم البلاد الإسلامية كذلك لا تعد تمثل وسيلة للضغط على دول الغرب: اليهود والنصارى، هذه الأسلحة المتطورة التي يمتلكها هذا الشعب وهذه الدولة وتلك الدولة أصبحت قطعاً متجمدة لا معنى لها لا قيمة لها، بل ستصبح قطعاً تتحرك بفاعلية في خدمة أمريكا وإسرائيل لضرب الشعوب نفسها! أليس هذا من الدهاء اليهودي؟. أليس هذا من الخبث اليهودي الشديد؟. وفعلاً كم وجدنا أن الأسلحة العربية والجيوش العربية تحركت لخدمة أمريكا وإسرائيل – سواءًً من حيث تشعر أو لا تشعر- عندما تحركت جميعاً في مواجهة [الثورة الإسلامية] في إيران ومواجهة [الإمام الخميني]، الذي برز كأعظم قائد يحمل أفضل نظرة منبثقة من القرآن الكريم في مواجهة اليهود والنصارى، تتحرك جيوش من مختلف الدول العربية، وقطع عسكرية من مختلف دول العالم، قطع أسلحة تتحرك في مواجهة هذه الدولة المسلمة وهذه الثورة الإسلامية ! فتكون النتيجة في الأخير هي أنهم حموا إسرائيل من أخطر جهة كان يمكن أن تواجهها في هذا العصر، كان يمكن أن تقضي عليها فعلاً، كان يمكن أن تقضي على إسرائيل. وكان [الإمام الخميني] رحمة الله عليه يرفع شعار: ((أن إسرائيل غُدّة سرطانية يجب أن تُسْتَأصَل))، وكان فعلاً جاداً في أن يستأصل هذه الغُدّة، لكن العرب الذين يصرخون الآن من إسرائيل، العرب الذين تحولوا إلى جنود لإسرائيل هم الذين وقفوا في وجه ذلك القائد العظيم، وذلك الشعب العظيم، وتلك الثورة العظيمة؛ لتقف إسرائيل محميّة دون أن تخسر شيئاً، ومتى ما انتهى خطر ذلك الشبح المخيف تستمر إسرائيل في عملها، لا ترعى -على أقل تقدير- لا ترعى جميلاً: أن هؤلاء خدموها فتتعامل معهم بوداعة وسلام،لم يحصل هذا. {هَا أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ}(آل عمران: من الآية119) مهما عملتم لهم لن يقدروا لكم جهودكم، لن يرعوا لكم جميلاً، لن يكافئوكم بإحسان، وهذا ما حصل، وهذا الذي نشاهده الآن، أما كان من المفترض أن إسرائيل ترعى ذلك الجميل لهذه الدول العربية التي انطلقت لتقف بدلاً عنها في مواجهة [الثورة الإسلامية] و[الإمام الخميني] فتزيح ذلك الخطر عن وجهها، أما كان من المفترض أن إسرائيل تتحول إلى دولة مسالمة؟، دولة تهتم بأمر العرب وشأنهم. [لاحظ العرب]كانوا يقولون: لا بد من تحرير فلسطين حتى آخر ذرة من تراب أرض فلسطين، ثم أصبحت المسألة بالعكس سيخدمون إسرائيل حتى آخر ذرة، وآخر جندي من أبناء أوطانهم، لكن تحت عناوين أخرى، اليهود هم يعرفون كيف يرسمونها، وكيف يشغِّلون الأمة ويشغِّلون الشباب في التحرك تحتها. إذاً فإذا غاب العمل على تصحيح الوضع من الداخل تحت العمل في إطار الدعوة إلى الخير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فلن تقف الأمة على قدميها أبداً ً مهما امتلكت من أسلحة في مواجهة اليهود والنصارى ؛لأن هذا الأمر أتى في إطار وضع الخطة الحكيمة والمستمرة التي تؤهل الأمة لمواجهة أهل الكتاب اليهود والنصارى، سواء في حماية أنفسهم منهم كي لا يتحولوا إلى كافرين مرتدين بعد إيمانهم أوفي رفع ظلمهم عنهم، وفي قطع أيديهم عن بلدانهم، لا بد من تفعيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير. لكن ما الذي حصل؟.