الخبر وما وراء الخبر

صنعاء عاصمة كل اليمنيين

33

عبدالفتاح علي البنوس

صنعاء عاصمة العواصم ومدينة التاريخ والأصالة، عاصمة كل اليمنيين، مدينة التعايش بلا منافس، تحتضن بين جنباتها كل أبناء الوطن من صعدة والجوف والمهرة وسقطرى، ومارب وحجة وحضرموت وشبوة، وعمران والمحويت، وعدن ولحج، وصنعاء وريمة، وأبين والضالع، والحديدة وذمار، وإب وتعز والبيضاء، الجميع تحتضنهم صنعاء بكل ترحاب، يعيشون فيها بكل أريحية وطمأنينة، ينعمون بالأمن والأمان، لم يحصل أن طلب من أحدهم إبراز الهوية الشخصية، كلهم يشعرون بأن صنعاء جزء لا يتجزأ منهم، ولا يشعرون للحظة أنهم في غير مسقط رأسهم مطلقا، صاحب عدن في صنعاء لا يحتاج إلى بطاقة تعريفية، فهو بين أهله وناسه، وقس على ذلك بقية أبناء المحافظات الجنوبية الذين يقيمون في العاصمة، لا مضايقات، ولا فرز للأحقاد والضغائن، الهوية الوطنية الجامعة ليمن الوحدة أذابت كافة الانتماءات المناطقية، فالكل شركاء في هذا الوطن من المهرة إلى صعدة، ما يؤلم صنعاء، يحزن عدن، والعكس، ومن لا تتوفر فيه هذه السجايا ومن لا يمتلك هذه المشاعر فهو يعاني من نقص حاد في الوطنية، وما يزال خاضعا لرواسب الماضي البغيض الذي يسعى الغزاة والمرتزقة للعودة إليه، نكاية باليمن واليمنيين، وتحاملا على الوحدة والوحدويين، مشاهد أكثر من رائعة وثقتها عدسة قناة المسيرة الفضائية في تغطيتها العيدية للأجواء الكرنفالية العيدية التي شهدتها العاصمة صنعاء، وشدتني كثيرا تلكم المشاعر الفياضة التي عبر عنها عدد من أبناء المحافظات الجنوبية المقيمين في العاصمة صنعاء والذين أدوا صلاة العيد بجامع الشعب والذين عبروا عن سعادتهم الغامرة بتواجدهم في صنعاء والتي تمثل بالنسبة لهم القلب النابض بالحياة، والتي منحتهم الأمن والأمان والطمأنينة وراحة البال، وعاشوا في ظلها أعزاء كرماء، حتى عقب الفعال الخسيسة التي قام بها مرتزقة الإمارات في عدن بحق أبناء المحافظات الشمالية المقيمين هناك من عمليات ترحيل وأعمال تعسفية ومضايقات عنصرية بغيضة ومستقبحة ومستنكرة ؛ لم يحصل أن سمعنا بأن هناك من تطفل على أي مواطن من أبناء المحافظات الجنوبية مقيم في العاصمة صنعاء بأي تصرف أرعن من باب ردة الفعل على ما حصل في عدن، لأن أخلاقنا وقيمنا ومبادئنا تعاف ذلك وتحول بيننا وبين مثل هكذا ممارسات رعناء وسلوكيات خرقاء، ولا غرابة فهذه صنعاء درة المدن اليمنية، هكذا عرفناها على مر العصور، الملاذ الآمن، والحضن الدافئ لكل اليمنيين ولكل من يحط رحاله فيها من مختلف الدول الشقيقة والصديقة، من زارها تعلق بها، وظل محتفظا بسجل ذكرياتها في مخيلته، ومن عاش فيها، هام فيها عشقا وحبا، وصارت بضعة منه، من المستحيل أن يفرط فيها، أو يقبل عليها بأي سوء أو مكروه، ولذا تجد الغزاة والمحتلين يحيكون الخطط والمؤامرات ضدها، ويسعون لتخريبها والانقضاض عليها، ويعمدون إلى قصفها وإرعاب أهلها، لأنها تمثل لنا كيمنيين عنوانا للصمود والثبات والمواجهة والتحدي، ولكنهم مهما شرقوا ومهما غربوا، لا يستطيعون تجاوز صنعاء أو القفز عليها أو إغماض دورها والتقليل من مكانتها، فما تزال عاصمة كل اليمنيين وحاضنتهم الفريدة.

بالمختصر المفيد، كانت صنعاء وما تزال وستظل عاصمة لليمن الواحد الموحد، عاصمة لكل اليمنيين الشرفاء الأحرار من تخوم حوف إلى أقاصي صعدة والجوف، ومهما ادلهمت من أحداث، ومهما بلغت من خطوب، ستظل صنعاء في الصدارة، محتفظة بمكانتها، سامقة بتاريخها، متعالية بتعايش سكانها، متباهية بطيب هوائها وصفاء قلوب أهلها، ستظل قبلة لكل الأحرار، ومقصدا لكل الباحثين عن السعادة، وملاذا لكل الخائفين، ومنطلقا لتحرير الأرض، واستعادة السيادة، وتحرر العقول من العبودية والوصاية والتبعية للخارج، وستظل صنعاء متفردة على باقي المدن اليمنية بسعة ورحابة صدرها، فلكل يمني فيها نصيب، وليست حكرا على أهلها كما قد يتخيل البعض.

هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.