الهجوم الحوثي الكبير على حقل الشيبة في العمق السعودي ماذا يعني وما هي دلالاته؟ وما هي الرسائل التي يريد ارسالها الى الرياض وأبو ظبي؟ وهل له علاقة بحرب الناقلات والتوتر في الخليج؟ اليكم قراءة مختلفة.
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 17 اغسطس1440هـ -16 ذو الحجة 2019م ]
بقلم / عبدالباري_عطوان:
الهجوم الذي شنته عشر طائرات مسيرة تابعة لحركة “انصار الله” اليمنية الحوثية على حقل الشيبة ومصفاته التابعة لشركة ارامكو العملاقة، يعتبر التطور الأهم في الحرب اليمنية منذ اشعال التحالف السعودي الاماراتي لفتيل هذه الحرب في شهر آذار (مارس) عام 2015.
من المفارقة ان هذا الحقل والشريط الترابي شرقه الذي يمتد حوالي 40 كم على طول الخليج جنوب خور العديد القطري، موضع نزاع بين الشريكين الرئيسيين في التحالف، أي الامارات والسعودية، وعدلت دولة الامارات خرائط حدودها رسميا عام 2007 بحيث تشمل ملكية هذا الحقل الذي ينتج حاليا نصف مليون برميل يوميا، ويمكن ان يصل انتاجه الى مليون و200 الف برميل يوميا، ويملك احتياطي يُقدر بحوالي مليار برميل، ولكن دولة الامارات قررت تجميد هذا النزاع، وفق النظرية التي تقول “ان لم تستطع هزيمتهم انضم اليهم”، ولو مؤقتا، وهذه قصة أخرى.
خطورة هذا الهجوم تكمن في عدة جوانب يمكن ايجازها في النقاط التالية:
أولا: ان هذا الهجوم، مثل الهجوم الآخر الذي وقع في شهر آيار (مايو) الماضي واستهدف مضخات نفط لخط انابيب شرق غرب السعودية بسبع طائرات مسيرة، يعكس استراتيجية عسكرية حوثية تركز على ضرب المصالح النفطية السعودية، العمود الفقري للاقتصاد السعودي، في اطار خطة استنزافية للدولة السعودية بعيدة المدى.
ثانيا: وصول هذه الطائرة لإمارة أبو ظبي على بعد عدة كيلومترات من ساحل الخليج، يعكس تطورا عسكريا لافتا، واختراقا امنيا هو الاضخم من نوعه، فالسؤال الذي تتداوله أوساط الخبراء العسكريين، والامنيين هو كيفية وصول هذا العدد من الطائرات الحوثية المسيرة الى هذا الحقل الاستراتيجي، واشعال حريق فيه، وتعطيل انتاجه بالتالي، دون ان يتم رصدها والتصدي لها واسقاطها رغم انفاق المملكة مئات المليارات لشراء الرادارات المتطورة، ومنظومات صواريخ باتريوت الدفاعية.
ثالثا: استهداف حقل الشيبة بالذات المتنازع علية اماراتيا وسعوديا، ربما أراد إيصال رسالة مزدوجة للحليفين الرئيسيين للتحالف في حرب اليمن، الأولى محاولة تفجير ما تبقى من هذا التحالف المتضعضع، والثاني محاولة احداث شرخ في العلاقات بين الحليفين، والانحياز الى الجانب الاماراتي، او مكافأته على سحب قواته من اليمن، او التذكير بالنزاع، وهذا أضعف الايمان.
رابعا: الرسالة الأهم الذي يريد الحوثيون ارسالها من بين ثنايا هذا الهجوم تقول ان من يصل الى حقل الشيبة وبطائرات مسيرة، يمكن ان يصل الى الحقول الأخرى، مثل حقل “الغوار” النفطي السعودي العملاق، الذي ينتج حوالي 5 ملايين برميل من النفط يوميا، أي حوالي نصف مجموع الإنتاج السعودي.
خامسا: تحذير واضح وصريح لدولة الامارات بأن مدينتي أبو ظبي ودبي يمكن الوصول اليهما ومطاراتهما بسهولة اذا تراجعت عن سحب قواتها من اليمن وعادت الى التحالف، وشاركت وطائراتها في قصف المدن اليمنية محددا.
سادسا: كان لافتا ان معظم الغارات التي شنتها حركة “انصار الله” في العمق السعودي، سواء في مدن الحد الجنوبي في جازان ونجران وعسير ومطاراتها، تجنبت احداث خسائر في صفوف المدنيين، على عكس غارات طائرات التحالف الاماراتي السعودي التي استهدفت مستشفيات ومدارس، وأسواق، ومجالس عزاء، وحفلات زواج، واذا وقعت خسائر بشرية مثلما حدث في مطار ابها نتيجة قصفه بصاروخ مجنح، فانها حدثت بالخطأ، كانت معظمها إصابات طفيفة.
سابعا: الحرب في اليمن التي كانت بطريق من تجاه واحد في سنواتها الأربع الأولى، أي هجوم سعودي اماراتي على اليمن، باتت الآن طريقا من اتجاهين، ويبدو ان الاتجاه اليمني المعاكس سيكون الاوسع والأكثر زحاما في الأيام والاشهر المقبلة، اذا استمرت الحرب بالنظر الى الهجوم الحوثي الأخير على حقل الشيبة ومصفاته ودقته.
ثامنا: لا يمكن عزل هذه التطورات عن التوتر الحالي بين ايران والولايات المتحدة في مضيق هرمز، رغم حرص الجانب الحوثي على الفصل المطلق، فحركة “انصار الله” وحلفاؤها باتوا ركنا رئيسيا من اركان محور المقاومة الذي تتزعمه ايران، ويضم سورية والعراق وحزب الله في لبنان وحركتي حماس والجهاد الإسلامي في فلسطين المحتلة، ومثل هذا الهجوم سواء كان له علاقة بالتصعيد في مضيق هرمز، ام جاء بمعزل عنه، وفي اطار الحرب اليمنية فقط، وردا على التحالف السعودي الاماراتي، سيشكل ورقة ضغط على السعودية وامريكا تصب نتائجها في مصلحة ايران وحلفائها، ومصلحة المطالبات بإنهاء الحرب اليمنية أيضا.
اعتراف السيد خالد الفالح وزير الطاقة السعودي بوقوع هذا الهجوم، والسيطرة على الحريق الذي نتج عنه، يعكس شفافية سعودية لا يمكن نكرانها، وان كان السيد الفالح حاول التقليل من الاضرار المادية، وهي فعلا قليلة بالمقارنة مع الاضرار المعنوية والنفسية، وانعكاسا