لماذا الإمام علي عليه السلام دون غيره من البشر ؟؟
ذمار نيوز || مقالات ||
[ 17 اغسطس1440هـ -16 ذو الحجة 2019م ]
بقلم د / .يوسف الحاضري
يعلم الجميع بجميع مذاهبهم ومشاربهم وتوجهاتهم وأفكارهم أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم آخى بين المهاجرين والأنصار فكان يآخي بين واحد من المهاجرين مع واحد من الإنصار … إلا هو والإمام علي والذين يحسبان على المهاجرين فآخى الإمام علي بنفسه رغم أنهما من المهاجرين … فلماذا إتخذ الرسول من الإمام علي أخا له دون أحد من الأنصار ؟؟
لماذا قام الرسول بتبني الإمام علي في صغره رغم أن عمه أبو طالب (والد الإمام علي) كان سيد قريش ومن أثرياءهم (ولم يكن فقيرا كما روجت له الثقافات الباطلة ) فهو أساسا من ربى محمد بعد موت جده عبدالملطلب حتى أشتد عوده مع بقية ابناءه ، فكيف كان فقيرا ؟؟؟ وحتى لو كان فقيرا مثلا فلن تحل مشكلة الفقر برعاية واحد من اصل 10 من الأبناء بل يكمن الحل في اعطاء الأب مبلغا من المال كل فترة واخرى !!!!
عندما عزم النبي للهجرة وعلم بمؤامرة كفار قريش لقتله أمر الإمام علي الشاب ذو ال20 عاما بالنوم في فراشه والنبي كان عمره آنذاك 53عاما (وشتان بين بنيتهما في تلك المرحلة العمرية ) فأي قوة وتسليم وثقة بالله يمتلكها الشاب علي والتي فاقت قوة وتسليم وثقة إسماعيل عليه السلام عند الذبح (رغم عظمة تضحية وتسليم إسماعيل عليه السلام) فإسماعيل كان سيقتله أباه (نبي ) بأمر إلهي .. أما علي فكان سيقتله سفهاء مكة بأمر شيطاني وهنا يظهر الفارق بين القوة التي تتجسد في نفسية الأمرين والشابين ؟؟؟
حمزة بن عبدالمطلب عم النبي وعم علي أيضا كان من أحب وأقرب الناس إلى النبي وكانت مكانته تقارب مكانة علي والذين كانا موقفهما في ( بدر ) متطابقا … ولكن الله إصطفى حمزة في ( أحد) وأيضا توفى الله كل أبناء النبي في مهدهم (وهم بطبيعة الحال من صلب أطهر البشر ومكانتهم عظيمة جدا ) وأبقى الله عليا حيا دون أن يستشهد في أي معركة للنبي رغم مواقفه الأعظم على الإطلاق في كل المعارك … فهل لهذا الأمر حكمة الإصطفاء للإمام علي بعد النبي دون أن يكون هناك شخصا عظيما ذو مكانة رفيعة تضاهي الإمام علي يكون سببا للخلاف او لإيغال الأنفس عند موت النبي وقضية (الولاية ) .؟؟؟؟
معركة بدر كان للإمام علي عليه السلام الدور الأعظم فيه حيث إنبرى للقتال السابق للمعركة مع عمه حمزة وابن عمه الحارث ولم يكن من الذين كرهوا الخروج للقتال ولا الذين أرادوا أن تكون لهم غير ذات الشوكة بل كان من الذين يريدون المواجهة والقتال ليحق الله الحق ويبطل الباطل لذا كان في اولى مواجهات المسلمين مع الكفار ثابتا وقضى على من نازله بسرعه وثقة وثبات .
لذا ومن منطلق أن الحروب هي التي تحدد مسار المستقبل للخير أو للشر … للحق أو للباطل ففي هذه الحروب يظهر الرجال الربانيون من المنافقين والمرضى قلوبا (والقرآن وضح ذلك في كثير من آياته ) …
لذا نجد أن مواقف الإمام علي في كل معركة خاضها مع النبي أعظم وأشرف وأقوى من مواقف بقية الصحابة …
ففي (معركة الأحزاب ) وفي تلك اللحظات التي استهزأ بها عمرو بن ود بالرسول والاسلام والمسلمين قال النبي لكل أصحابه من لعمرو وله الجنة (لاحظوا وركزوا في الطرح الذي يعلمه الجميع وليس طرحا قصصيا بل فكريا وعقلانيا لتصحيح ثقافات مغلوطة ) … قال النبي لأصحابه (وله الجنة ) ..يعني أن كل من كان عنده لم يكن أحد منه ضامنا للجنة او مبشرا بالجنة رغم ان معظمهم من أصحاب بدر وإلا كان سيقول ( وسأسال الله ان يزيد مكانته وفضله في الجنة ) ..لا لا .. بل قال وله الجنة ؟ .. فقال علي أنا يارسول الله … فأوقفه النبي وكرر طرحه على بقية الصحابة (لاحظوا ان كل الصحابة في كفة في خطاب النبي وعلي في كفة أخرى ) … وعند الثالثة وتكرار النبي للطرح وله الجنة … النبي يطرح موضوع قتال وتضحية مقابل الجنة وهو النبي بشحمه ولحمه ومع ذلك (خاف وتراجع الجميع رغم انه “النبي” “النبي” “النبي” الذي يبشرهم بالجنة ويحفزهم ) ولكن نفسياتهم البشرية التي غمرها حب الحياة والخوف من مواجهة إنفرادية مع مقاتل قوي وشجاع مثل عمرو بن ود غلبت على روحانية وجود النبي بينهم وعرضه للجنة مقابل منازلته (وليس التغلب عليه ) … لاحظوا ايضا ان النبي قال من لعمرو (يعني يخرج يقاتله لأنه استهزأ بالنبي والاسلام والصحابة ولم يقل من سيقتل عمرو) فمن سيخرج يقاتل عمرو له الجنة حتى لو قتله عمرو فقد استجاب للرسول إذ دعاه لما يحييه … ولكنهم خافوا بإستثناء الإمام علي الذي كان حاضرا في كل نداءات النبي الثلاث … ليخرج بعدها الامام علي ويقضي على عمرو وعندها قال
النبي ( لن يغزوكم بعد عامكم هذا ولكن تغزوهم انتم ) في إشارة إلى أن الدين الإسلامي تمكن في الأرض بعد ضربة الإسلام كله ( الإمام علي ) التي قتل الكفر كله (عمرو بن ود) … وايضا لو تأملنا قليلا لماذا لم يكتف النبي بالعرض مرة واحدة عندما قال (من لعمرو وله الجنة ) فقال الإمام علي أنا له . ولكن النبي أوقفه ليكرر الامر مرة أخرى ؟ كان يمكن للنبي ان يقول توكل يا علي وخلاص !!!
لا ليست القضية من لعمرو ؟؟ القضية أعظم وأكبر تتوافق في هدفها مع هدف (لأعطين الرآية غدا ) في فتح خيبر اليهودية ، من خلال شرح النبي للمؤمنين في تلك الحقبة من يكونون بجانب الإمام علي عليه السلام ، فتكرار الامر ثلاث مرات وفي الاخير يقول لعلي تحرك والبقية صامتين خائفين يعكس مكانة علي عند الله وعند الرسول وعند المؤمنين مقابل مكانة بقية الصحابة بما فيهم ابو بكر وعمر وعثمان وسعد ومعاذ وغيرهم ؟؟ ألم يكن هؤلاء الصحابة متواجدبن في تلك اللحظة التي كان يقول الرسول من لعمرو وله الجنة ؟؟؟؟؟؟
وما مدلول قول النبي عندما خرج علي لعمرو (خرج الإسلام كله للشرك كله ) .؟؟ فلو قتل علي مثلا هذا كان يعني أن الدين سيتلاشى بموت الإمام علي عليه السلام لأن الرسول قال الاسلام كله … ولكن عندما انتصر علي على عمرو ألم تكن هذه بداية نهاية الشرك في مكة والذي لم يستمر بعدها الا 3 سنوات ؟؟؟؟
إذا هناك تساؤل :- ماذا كان يمثل بقية الصحابة من رقم إسلامي بجانب رقم الإمام علي “الإسلام كله ” ؟؟؟؟
معركة خيبر كان هناك معاني عظيمة قدمها النبي تختص بالإمام علي للمسلمين أجمع … ألم يصعب على المسلمين فتح حصون خيبر رغم ان النبي أرسل سرايا عديدة لفتحها بقيادة أبو بكر ثم بقيادة عمر ثم بقيادة آخرون .؟؟؟ نعم … بدأ النبي في إرسال قادة معينين لحكمة علمه إياها الله لأنه لو بدأ بإرسال الإمام علي وفتح الحصون لم يكن هناك من دروس وأهداف ورسائل سيستخلصها المسلمون من فتح خيبر وكان سيقال ان هذه الحصون سهلة وربما لو ارسل النبي شخصا آخر كان سيفتحها مثله مثل علي !! أليس هذا حال المقال في مثل هذه أوضاع ؟؟
ولكن الرسول أخر الإمام علي كما أخره في غزوة الخندق ليلزم بقية المسلمين الحجة ويقتنعوا مستقبلا في (ولاية الإمام علي) بل وأحقيته بها دون غيره … بل هناك أمور خطيرة جدا في خيبر … ألم يقل النبي في حديثه المشهور ( لأعطين الراية غدا رجلا يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كرار غير (فراااار) يفتح الله على يديه ) … لماذا تركها للغد ولم يقل الآن خاصة والأمور حامية وهناك مسلمون ينهزمون تلو المسلمين ؟؟ الهدف من الغد ليجعل كل المسلمين يفكرون ويجلسون مع أنفسهم ليلا متسائلين (من هذا الذي يحبه الله ورسوله ؟ ومن هذا التكرار ؟ وماذا يعني الرسول ب”غير فرار” ولماذا ذكرها الرسول في سياق وصفه للرجل هذا خاصة وهناك سرايا انكسرت وانهزمت وعاد منها من عاد بصفة (الفر والهروب ) ؟؟؟ وهل أيضا السابقون له لم يكن الله ورسوله يحبهم ولا هم اساسا يحبونه ؟؟
بالفعل .. ستكون هناك أوضاع نفسية وأفكار تتجذر في الأنفس جميعا تجعل من الرجل الذي سيقول عنه النبي صباح الغد أنه الأفضل دون منازع ولا جدال مادام يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله كرار غير فرار ؟؟؟
يعلم الجميع أنه كان المقصود بالرجل هو (الإمام علي ) هذا الذي يحب الله ويحب الرسول (وهذا الحب ليس مشاعر بل مشاعر تترجم لأفعال وحركات وصفات وسمات ومنهجية ) فالمحب يبذل مهجته فداء للمحبوب، هذا الذي يحبه الله ورسوله مما يعني أننا نستطيع ان نطلق عليه نفس ما نطلق على النبي ب(حبيب الله ) ، فكيف بكم برجل يحبه الله ويصرح بذلك الحب على لسان نبيه والله يقول في جزئية الحب ( يا أيها الذين آمنوا من “يرتد” منكم عن دينه فسوف يأتي الله بقوم “يحبهم” و “يحبونه” أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون في الله لومة لائم “ذلك فضل الله ” يؤتيه من يشاء والله واسع عليم ) ، فهذه الصفات فضل من الله يؤتيها من يشاء وممن شاء الله بمشيئة عظيمة وكبيرة هو ما أعطاها للإمام علي في معركة تجلت فيها كل معاني “أذلة على المؤمنين” و “أعزة على الكافرين” و جهاده في سبيل الله وهدفه سبيل الله وليس اهداف ونزوات شخصية ولا يخاف أحد وهذه صفة “الكرار” وليس “الفرار” … لينتهي على يد الإمام علي آخر فصل من فصول اليهود في تلك الحقبة كما إنتهت أيضا من قبل على يديه آخر فصول من فصول الشرك في تلك الفترة في (معركة الأحزاب) …
قد يتسائل أحدهم (وهو محق قي تساؤله ) لماذا لم ينبريء النبي بنفسه لقتال عمرو بن ود وايضا لماذا لم يقود النبي بنفسه فتح حصون خيبر وهو القادر على قتل عمرو وفتح الحصون ؟؟
الرد واضح جدا .. الكل يعرف ذلك ولكن سيقولون (هذا نبي؟؟) يعني مؤيد من الله امر لا جدال فيه ولا شك ولن يزيد النبي هذه الامور فضلا فهو المفضل على العالمين وصاحب المكانة الأسمى دون غيره ، ولكن هذه الأحداث مواطن هامة ليكشف النبي للجميع نفسياتهم ج
ميعا وليضع عامل القتال والانتصار في سبيل الله هو المقياس للتفضيل بين أصحابه (كما كان الحال مع نبي الله داوود عندما قتل جالوت أعطي الحكم والنبوة وكان قبلها رجلا عاديا) وايضا ليقول للجميع هذا علي مولاكم ووصيي وخليفتي من بعدي . فمادام حي فلا يوجد من هو أفضل منه في الأرض ولا أجدر منه على قيادة أمتي بعدي كقيادته للمعارك في وجودي ، فلم يخاف ويتراجع عندما خرج عمرو بن ود لقتالنا والبقية تراجعوا ، ولم يكن فرارا في فتح حصون خيبر بل كان كرارا ، وهو من صرح النبي بحب الله له وبحبه لله ، وهو الإسلام كله الذي نسف الشرك كله في الأحزاب والذي نسف اليهودية كلها في خيبر ،
عوضا عن انه لو قام النبي في غدير خم وأعطى الإمامة والوصاية للإمام علي كذا بدون أي مقدمات عظيمة في مجالات العظماء (الجهاد) كانت كثير من الانفس ستمتلأ استغراب واستهجان قائلة لأي سبب يجعل النبي ابن عمه وصي له ؟؟ هل لأنه ابن عمه وزوج إبنته ؟؟ هذا الامر سيكون مجاملة ومحاباة !!! ولكن الامر أبعد من ذلك … فكل هذه المقدمات جعلت حوالي 120 الف مسلم يقرون بالإمامة والولاية لعلي حتى أن عمر بن الخطاب قال لعلي بعدها بخ بخ يا إبن ابي طالب ها أنت أصبحت مولاي ، قالها النبي وهو يعلم لمن سيعطي الولاية وماهي صفاته وسماته ومكانته وعظمته .
أما في معركة (تبوك ) عندما جعل النبي عليا خليفة له في المدينة .. جعل من منافقي المدينة يتحدثون عن ان ابقاء عليا في المدينة ليس الا استثقالا له وغير ذلك من أحاديث يشتهر بها المنافقون على مدار الأزمنة وحتى زمننا هذا ؟؟ فقال النبي لعليا كلمات ممتلأه كل حب وكل حنية وكل ثقة وكل إيمان وكل مكانة إجتماعية وكل منزلة رفيعة (أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي) ،،، يعلم النبي والكل أن كل معركة خاضها المسلمون كانت اليد الأولى والطولى للإمام علي دون غيره ، لذا كانت ضرورة قصوى خروج الامام علي في جيش تبوك لأنهم سيقابلون قوة عالمية كبرى (الروم) ويحتاجون الى أقوى مقاتليهم وأكيد الإمام علي يتصدرهم جميعا ، لكن الله والنبي أرادا أيضا تأسيس فكرة وثقافة ومعلومة هامة في هذا الخروج هو أهم وأعظم من معركة المسلمين ضد الروم وهذه الفكرة أن منزلة علي من النبي محمد تماما كمنزلة ومكانة هارون من موسى في كل جزئيات الفكر العلمي والواقع المجتمعي والقدوة الحسنة والإمامة البشرية بإستثناء ان يكون نبي لأن محمد هو آخرهم ولولم يكن آخرهم كان سيكون نبيا ، فبمجرد ما ذكر النبي محمد عبارة (إلا أنه لا نبي بعدي) أسست هذه العبارة مفهومية مكانة علي العظيمة لأن الجميع اساسا يعلم انه لا نبي بعد محمد ولكن النبي محمد عندما رفع عليا لمنزلة هارون من موسى رفعه في جميع الصفات والمنازل والمفاهيم والعلوم والدين والعظمة والقدوة الحسنة والإمامة والخلافة من بعده وووو بإستثناء أن يكون نبيا ويطلق عليه مسمى نبي …ولكم ان تراجعوا من كان خليفة موسى بعد موته في قومه بني إسرائيل ؟؟؟ لتعلموا معنى الإمامة والولاية !!!!
الإمام علي عليه السلام أختاره الله ليكون ندا وزوجا لفاطمة إبنة خير البشر محمد ، وقد قال في الموضوع النبي محمد ( لو لم تكن موجودا يا علي ماكان هناك من هو ندا لفاطمة ) ؟؟ أيعني النبي أن كل اصحابه كبيرهم وصغيرهم مهاجريهم وانصارهم السابقون والمتأخرون حتى ابو بكر وعمر وعثمان وسعد ومعاذ و و و هاشميهم وأمويهم وعباسيهم وخزرجيهم وأوسيهم ويمانيهم وحجازيهم ونجديهم وفارسيهم ووو ليسوا ندا لفاطمة ؟؟ نعم هؤلاء جميعا ليسوا ندا لها … ولم يكن ندا لها الا علي عليه السلام ، وهنا يتجلى عظمة مكانة الإمام علي المجتمعية في العالمين !!!
الإمام علي عليه السلام عندما توفي النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم ينشغل بأمر آخر بتاتا بقدر ما أنشغل بأمر تجهيز الجسد الأطهر على الإطلاق ليقبره ، ولم يؤثر على نفسيته أخبار صراع الناس على موضوع خلافة النبي في “سقيفة بني ساعدة” فالعظماء يجب أن تكون مشاريعهم وأهدافهم بتلك المنزلة العظيمة التي اصبحوا لأجلها عظماء وهناك أولويات لهم ، عوضا عن تناسي الناس لأمر نبيهم وأنه مات رغم انه مازال بينهم لم يدفن بعد وتوليتهم له ظهورهم ليتنازعوا على السلطة كان أمرا خطيرا جدا تعكس نفسيات كثير من الذين عاشوا سنينا مع النبي محمد ، خاصة والدولة الاسلامية في تلك الحقبة لم يكن يخاف على إنهيارها كون الأخبار اساسا لا تصل لمناطق اخرى الا بعد اسابيع وأشهر وموضوع تجهيز النبي وقبره لن يأخذ منهم الا ساعات معدودة ، لتتضح الرؤية جلية عن سبب تسابق بعض النفسيات على الاستحواذ على الحكم على حين غرة ، وعلى الرغم أنه لم يمض على حديث الغدير سوى 86يوما او اقل من 18ذي الحجة (10هجرية) إلى 12 (او 17) ربيع أول (11هجرية ) وذلك التهديد الشديد من الله لنبيه ان لم يبلغ بوصاية الامام علي فكأنه ما عمل شيء في الرسالة النبوية خلال23عاما … بمعنى مجهود 23 عاما كان مرهون بتبليغ موضوع واحد لن يتجاوز دقائق معدودة (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته والله يعصمك من الناس )… هل يمكن لنا أن نتجاهل موضوع هام وخطير كهذا الموضوع ببعض مبررات لا ترتقي لمخالفة شديدة لهذا الأمر العظيم ؟؟
الإمام علي عليه السلام بعمل عظيم واحد جمع بين عملين عظيمتين لنبيين عظيمين هما إبراهيم وإبنه إسماعيل ، فقد رمى علي نفسه لنار الموت المحقق (فراش النبي عند الهجرة) كما رمى الآخرون إبراهيم في النار غير أن عليا رمى وضحى وافتدى وبادر بذاته ولم يكن مغصوبا او مجبورا، وكذلك الذبح الذي أمر الله ابراهيم لإسماعيل كان ينتظر عليا ذبحا أيضا ولكن دون ان يكون الله هو الآمر فيكون التسليم مطلقا دون تراجع او تردد عوضا عن ان سكين اسماعيل كانت بيد نبي وأب له بيد ان سكاكين (وليس سكين) علي كانت بأيدي عشرات من مشركي قريش بتخطيط شيطاني . حيث ان فارق الحفظ والحماية بين الأمرين كبير ولا مقارنة
الإمام علي (الإسلام كله ) عندما قضى على عمرو بن ود (الشرك كله ) لينتصر الاسلام نهائيا على الشرك ضاهى ذلك العمل ماقام به نبي الله داوود عندما قتل جالوت لينتصر بعد الاسلام على الباطل ، ولكن الفارق ان داوود عظمه اصحابه ورضوا به حاكما لهم ونبيا من رضاهم بحكم الله واصطفاءه له بيد ان أصحاب علي لم يمتلكوا تلك النفسية المجتمعية التي إمتلكها قوم داوود بل سلبوه الحكم والولاية والوصاية التي أمرهم بها الله في غدير خم .
الإمام علي صبر على قومه بعد موت النبي ولم يخرج منهم مغاضبا أسفا كما خرج يونس عليه السلام بسبب جحود قومه له … بل صبر وبقى ببنهم كبقاء موسى وهارون في قومهم في زمن التيه كي لا يتركا للضعف والوهن والدمار النفسي ان يسيطر على قومهم والاجيال التي بعدهم رغم أن الوضعين شديدان على الجميع .
الامام علي صبر صبرا عظيما طما صبر نبي الله أيوب … فمصائب علي التي صبر عليها كانت معظمها (نفسية ) وليست مرض جسدي كحال نبي الله ايوب ، فسلب الولاية وذهابها لمن هو دونه مصيبة نفسية صبر عليها وتحملها ثم تناقلها لمن هم دونه كذلك صبر عليها امتد الصبر لحوالي 25 عاما عوضا عن قيام أصحاب النبي وزوجته عائشة بمناصرة معاوية (والكل يعرف مايعني معاوية) عليه وهذه مصيبة نفسية شديدة وقاسية عليه تحملها وصبر ايضا ، فكيف تقارن مصيبة جسدية متاعبها ونتائجها السلبية على شخص واحد بمصائب نفسية انعكاساتها أصابت أمة بجلها زادت بلاء بتولي (النفاق ) أمر أمة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم بشخصية معاوية بن ابي سفيان ؟؟؟؟
حكمة وحنكة الإمام علي الإدارية أنبثقت من حكمة وحنكة نبي الله يوسف عند حكمه ( مصر) ولكم ان تراجعوا (عهد مالك بن الأشتر) عندما ولاه الامام علي (مصر) أيضا
لم يعان الإمام علي ادنى معاناة عند ذهابه لليمن ليدعوهم للإسلام كما عانى نبيا الله عاد وصالح عندما أرسلا الى اليمن رغم ان الأول رسول رسول الله والاثنين كانا رسولين لله مباشرة … رغم ان اليمن هي اليمن والدعوة الدينية هي الدعوة الدينية …
كل هذا يعكس مدى أرتباط الإمام علي عليه السلام بالقران وبأحداثه وأحاديثه التي ترجمها في كل مراحل حياته ولم يزغ عنه او يحيد او يهمل او يقصر حتى في حرف واحد منه …
هذه قطرات فقط من بحار الإمام علي عليه السلام والذي دعا النبي له في غدير خم بقوله ( اللهم وال من والاه وعادي من عاداه وأنصر من نصره وأخذل من خذله )