الخبر وما وراء الخبر

الخالد سمير ( سقراط) القنطار ….

162

بقلم الدكتور/أحمد عبدالله الصعدي


 

عام ١٩٧٩ وعمرة سبعة عشر عاما قاد عملية ( جمال عبد الناصر ) الفدائية في (نهاريا) بفلسطين المحتلة . أوجعت العملية الكيان الصهيوني بقوة إذ كان بين القتلى الصهاينة عالم نووي فأعلن رئيس حكومته/ مناحين بيجن إن القنطار الذي وقع في الأسر سيلقى ردا لا يستطيع حتى الشيطان نفسه تخيله .

وبالفعل كان التعذيب الذي تعرض إليه الأسير/ سمير القنطار يعجز عن إبتكار أساليبه الشيطان نفسه كما ذكر ذلك سمير القنطار لاحقا .

حكمت المحكمة الصهيونية على الفدائي/ سمير القنطار بالسجن ٥٤٢ سنة ، إلا إنه حرر عام ٢٠٠٨ بعد ثلاثين سنة في الأسر ، في تبادل أسرى بين حزب الله والكيان الصهيوني إثر عملية الوعد الصادق .
بعد أن أصبح عميد الأسرى اللبنانيين أسطورة كان يستطيع (( إستثمار)) نضاله بأن يفعل كما يفعل كثيرون من القوميين واليساريين السابقين فيعرض خدماته على قنوات الإعلام الخليجي ( الجزيرة أو العربية مثلا ) ليسفه المقاومة الفلسطينية والعربية ضد الكيان الصهيوني والقومية واليسار ويجني مقابل ذلك مبالغ مالية طائلة وإمتيازات تجعله يحيا حياة مخملية باذخة في عاصمة خليجية أو أوروبية .

لكن سمير القنطار إنسان قضية ومبادئ فكان أول ما قاله مخاطبا حشود مستقبليه في الضاحية الجنوبية ببيروت في يوم عودته محررا من فلسطين ، قال : جئت من فلسطين لأعود إلى فلسطين ، وكان عند وعده . لذلك كرس حياته بعد التحرير لتنظيم المقاومة في الجولان المحتل ما جعل مخابرات الكيان الصهيوني تسعى بكل الوسائل لإغتياله مستفيدة كالعادة من تعاون عدة أجهزة مخابرات غربية وعربية .

وهو الواعي المدرك لما تحيط بحياته من أخطار ،،،

قال في مقابلة مع قناة ( الميادين) :’’ حتى لو أغتالوني المقاومة أصبحت حقيقة قائمة وستستمر’’ .
كان بوسع (سقراط) أن يهرب من السجن عندما عرض عليه تلاميذه وأصدقائه هذه الفرصة إلا أنه رفض الهروب مفضلا الموت رغم إقتناعه إن الدعوة القضائية التي حكم عليه بالإعدام بناء عليها دعوة كيدية .

قال سقراط لتلاميذه وأصدقائه : قد أنجو بحياتي إذا هربت من السجن لكن لا أستطيع بعد ذلك أن أقول أنني أعيش وفقا لمبادئي وقناعاتي .

وكانت مباديء سقراط وقناعاته تلزمه بإحترام القانون حتى لو كان الإحترام هذا يقتضي أن يتجرع السم تنفيذا لأمر القضاء .

هذا الفعل البطولي هو الذي خلد سقراط وفلسفته .
والشهيد الخالد/ سمير القنطار عاش حياة ثرية نواتها الإخلاص للمبادئ والقضايا العادلة وعلى رأسها قضية فلسطين والشعب الفلسطيني .

لقد وضع فلسطين في عقله وقلبه ودفع حياته لهذا سيبقى خالداً في عقول وقلوب الملايين من الجماهير العربية التواقة إلى التحرر من هيمنة الإمبريالية وربيبتها الصهيونية والرجعية العربية .

شكرًا يا سمير القنطار شكرًا أيها الشهيد النبيل ، كنت ملهما في نضالك وحياتك وملهما في شهادتك .