الخبر وما وراء الخبر

أدمغة التصنيع الحربي اليمني من الداخل … جولة في حقل النار

96

صنع اليمنيون الصواريخ المجنحة أو ما تسمى بالصواريخ الجوالة، وكذلك الطائرات المسيرة، وهذه أسلحة عالية التطور تمنح من يمتلكها تفوقاً عسكرياً رادعاً في حالة الدفاع، وقوياً يصعب مواجهته في حالة الهجوم. تقنيات تصنيع هذه الأسلحة ليست بالسهلة، ولكنها لم تكن بالمستحيلة على عقول اليمنيين الذين تمكنوا من الوصول إليها. في هذه السطور نلقي نظرة على تقانة الصواريخ المجنحة والطائرات المسيرة التي أدخلت اليمن ضمن دول معدودة تُصنِّعها، بفضل العقول والأيدي اليمنية الواعدة.

ما هي الصواريخ المجنحة؟

كشفت وحدة التصنيع الحربي عن صاروخ مجنح أطلق عليه “قدس”، في معرض ضم صواريخ باليستية وطائرات مسيرة قبل أيام، وصواريخ كروز المجنحة أو ما تسمى أيضاً بالصواريخ الجوَّالة، وهي فئة من الأسلحة ذاتية الدفع تحلق في الأجواء مثل الطائرات، كما أنها رادارية ذاتية التوجيه والتحكم، وتصيب أهدافها بدقة عالية، حتى أنها تستطيع ضرب أهداف بحجم سيارة. حتى الآن لا تزال هذه الصواريخ عصية على أنظمة الرادار والإنذار المبكر وأسلحة الدفاع الجوي. كما أنها أنواع كثيرة يبلغ مدى بعضها مئة كيلومتر وبعضها 3 آلاف كيلومتر، وتمتاز بأنها صغيرة الحجم، وتطير “بسرعة عالية جداً” وعلى ارتفاع منخفض، وتحتاج لتكنولوجيا هندسية متقدمة ومعقدة لتصنيعها.

يستطيع الصاروخ المجنح حمل رأس نووي، أو رأس حربي متفجر وزنه 500 – 1000 كجم. منها ما هو دون سرعة الصوت وبعضها يفوق سرعة الصوت 3 مرات، فقد تصل سرعته إلى 5 آلاف كلم/ ساعة. وتطلق هذه الصواريخ من البر والبحر والجو. يشار إلى أن الدول الرائدة في صناعة هذا النوع من الصواريخ هي روسيا وأمريكا، ولحقت بها عدة دول منها الصين والهند. وتاريخياً فهذه النوعية من الصواريخ وليدة العام 1983 في الاتحاد السوفييتي.

مزايا فوق العادة

عادة ما تكون الصواريخ المجنحة مزودة بجهاز استشعار تصويري يعمل بالأشعة تحت الحمراء، نظام توجيه ملاحي، وحدة اتصالات وبيانات، كاميرات رقمية متطورة، رأس حربي يزن 500-1000 كجم، أداة إضاءة لنظام التوجيه، خلية وقود، نظام خرائط وملاءمة التضاريس، ومحرك نفاث تيربو. ويزن الصاروخ كاملاً مع الحمولة المتفجرة حوالى 1450 كيلوجراماً.

“قدس” يدحض “يا علي”

المعلومات التقنية العسكرية عن الصواريخ المجنحة المقدمة في التقرير تالياً توصف بأنها حكر أمريكي وروسي بشكل رئيسي، ثم تليها الصين وفرنسا والهند وباكستان وإيران ودول كبرى أخرى. ولكن إعلان الجيش اليمني واللجان الشعبية صناعتها واستخدامها بنجاح يعني أن المهندسين العسكريين اليمنيين قد استشرفوا عالم هذه التقانة وقطعوا شوطاً كبيراً فيها في زمن قياسي. كما أن المعلومات تشير إلى آلية عمل الصاروخ المجنح الذي ينطلق من منصات أرضية كما هو المجنح اليمني “قدس”. وبحسب مصادر وثيقة الصلة، فإن “قدس” هو الأول من نوعه من حيث مواد تصنيعه، فهو مصنوع من اللدائن والفيبرجلاس.

وجدير بالذكر هنا شهادة المجلة الأمريكية “جينز” التي قالت إن صاروخ “قدس” الذي عرضه اليمنيون صناعة يمنية. حيث قالت المجلة إن الصاروخ “قدس” اليمني بدا مختلفاً عن صاروخ “يا علي” الإيراني نوع (TJ100) ذي المحركات التوربينية، وأن صاروخ “قدس” لديه محرك يشبه (TJ100) لكنه ليس نسخة منه حسب معلومات وبحث أجرته المجلة.

وكان متحدث تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، تركي المالكي، ادعى الشهر الماضي أن صاروخ “قدس” الذي ضرب مطار أبها الدولي هو صاروخ إيراني اسمه “يا علي”.

ينطلق الصاروخ المجنح “قدس” بدءاً من البر ويتلقى دفعة الإقلاع الأولية من محرك أو جهاز دفع ينفصل بعد مسافة قصيرة عقب انطلاقه في الجو، بعدها تتولى أجنحته وأنظمة الملاحة والاتصال مهمة التحكم به. ويوجه الصاروخ المجنح بواسطة أنظمة الـ(GPS)، بالإضافة إلى أنه مزود بأنظمة حاسوبية تقوم بعمليات حسابية داخل الصاروخ توجهه مستندة إلى حركته منذ لحظة الانطلاق في مجال تحليقه ليحقق استجابة تخطي الجبال والتضاريس الوعرة، حيث يحوي جسم الصاروخ برنامجاً إلكترونياً لمضاهاة التضاريس.

تستخدم الصواريخ المجنحة في عملها أربعة من أحدث أنظمة توجيه الأسلحة، وهي:

نظام مطابقة الرؤية الرقمية (DSMAC)، ونظام التوجيه الرئيسي (IGS)، ونظام تحديد المواقع (GPS)، ونظام رصد خطوط الكنتور (Tercom).

ويعتمد نظام التوجيه الرئيسي (IGS) على تسارع الصاروخ ليبقى في مساره. ويقوم نظام تحديد المواقع (GPS) باستخدام خواص وخدمات أنظمة الأقمار الاصطناعية التي تزوده بمعلومات عن موقعه في أجواء الكرة الأرضية بأكملها، وموقعه بالنسبة للهدف الذي يتجه نحوه. بينما يوظف نظام تحديد خطوط الكنتور (Tercom) قاعدة البيانات التي تحوي خرائط ثلاثية الأبعاد مخزنة في الجزء الأمامي من الصاروخ والمرتبطة بنظام الرادار فيه لعملية قراءة خطوط الكنتور الجغرافي للمنطقة التي يطير فوقها، ليتمكن الصاروخ من مقارنة الخريطة الثلاثية الأبعاد المخزنة مسبقاً لديه مع البيانات الواردة له من الرادار أثناء الطيران نحو الموقع المستهدف، وهذا النظام هو ما يمكن الصاروخ من تجنب التضاريس والمرتفعات التي تواجهه خلال تحليقه.

انقضاض مميت

في مرحلة الوصول المباشر فوق الهدف يبدأ نظام التوجيه النهائي الأكثر دقة بالعمل، وهو نظام مطابقة الرؤية الرقمية (DSMAC)، عندها يقوم الصاروخ بالمقارنة بين ما تلتقطه كاميراته الرقمية الدقيقة وإحداثيات الموقع وأبعاده على الأرض، مع المدخلات وصور الهدف المحفوظة في قاعدة بياناته. وعندما يتأكد الصاروخ من أنه يحلق فوق الهدف المطلوب يهوي عليه بسرعة 5 آلاف كلم/ ساعة على الأقل ويفجر رأسه الحربي الذي يتراوح وزنه بين 500 و1000 كيلوجرام.

يمكن أن تقتصر هذه الصواريخ في نسخها الأولية على أهداف معينة، حيث يزود الصاروخ بخارطة ثلاثية الأبعاد للمسار الجغرافي نحو هدف عسكري (مطار أو قاعدة أو مصفاة أو محطة…). ويعتمد نجاح الصاروخ المجنح في أداء مهامه على تزويد برنامجه الالكتروني بإحداثيات نقطتي انطلاق ووصول محددتين بدقة، لكي يتعرف على المكان الذي يطير فيه وكذلك على دقة الخرائط التي يحملها.

من الرمضاء إلى النار

شدة سرعة هذه الصواريخ وحجمها وتحليقها المنخفض يجعل اعتراضها غير ممكن، وتزداد الأمور تعقيداً عندما تطلق هذه الصواريخ المجنحة بدفعات كبيرة، وهي تقريباً غير مرئية لأجهزة الرادار والمضادات الجوية والطائرات الاعتراضية المعادية. وحسب معلومات عسكرية فإنه يصعب حالياً اكتشافها من خلال أنظمة الإنذار المبكر، لأنها تحلّق بالقرب من الأرض بعيداً عن مجال تغطية ورؤية أجهزة الرادار.

وفي حين يتعذر على أحدث التقنيات ردع الصواريخ المجنحة، فإنه يمكن فقط إعاقتها بطرق بدائية، باللجوء إلى الطريقة التي اتبعها العراق إبان حربه في مواجهة الغزو الأمريكي عام 2003 حيث أشعل نيراناً بواسطة الوقود ومواد أخرى أطلقت أدخنة كثيفة في المواقع المتوقع استهدافها، وهو ما يؤدي إلى عدم تطابق الصور التي يلتقطها الصاروخ فوق الهدف مع الصور المخزنة مسبقاً في نظامه، فيكون الخيار الذي يتخذه الصاروخ هو الانفجار في الجو. فهل تعتزم الرياض وأبوظبي ودبي إشعال النيران في مطاراتها ومصافي نفطها ومواقعها الحيوية والحساسة لتفادي هجمات مجنحات اليمن؟

في حديثه مع “لا” يقول العميد الركن الأردني المتقاعد ناجي الزعبي: “إن العقل العسكري اليمني الفذّ استطاع مواءمة ومزج الحرب التقليدية الكلاسيكية لقوات الجيش اليمني واللجان الشعبية التي تخوض حرب تحرير شعبية طويلة الأمد وتنجح في جر العدو لمعركة استنزاف بأبسط الوسائل المبتكرة وأقلها كلفة مادية وعسكرية وبشرية. إن هذا العقل العسكري عقل يصعب كسره والتنبؤ بخطوته التالية والمفاجآت التي يدخرها والأضرار التي سيلحقها بالخصم”. ويضيف العميد الزعبي: “تسمية الصواريخ المجنحة “قدس” دلالة على تمسك شعبنا اليمني وقيادته بالموقف الثابت الداعم للقضية الفلسطينية”.

ويختم العميد الزعبي: “صنع اليمنيون أسلحة حديثة قلبت معادلات المواجهة والمفاهيم العسكرية التقليدية استعصى على العدو إدراك كنهها وديناميتها وتقدير مدى خطورتها ليس على المستوى الميداني التكتيكي وحسب بل والاستراتيجي ذي التأثير على مسرح العمليات، والمستوى الإقليمي والدولي”.

وقال لـ”لا” العميد عبدالله الجفري، ناطق القوات الجوية السابق: “صواريخ كروز المجنحة التي بدأ اليمنيون صناعتها وتطويرها، هي أسلحة استراتيجية مهمة للغاية لقوام القوة الصاروخية بجميع أنواعها (أرض -أرض، وجو-أرض، وأرض- بحر، وبحر- بحر)، تستطيع بلوغ عمق أراضي العدو السعودي والإماراتي وتحقيق إصابات قوية”.

ويضيف: “هذه الأسلحة تعني الكثير بالنسبة للقوات المسلحة والجيوش بشكل عام، والقوات المسلحة اليمنية على وجه خاص، وبشكل أخص في ظرفها اليوم، وهي حالياً تُصنع من قبل هيئة التصنيع العسكري اليمني، كحق يمني مشروع وطموح يكبر كل يوم بأيادٍ وكفاءات يمنية خالصة”.

ويردف: “هي أسلحة تمتاز بسهولة الإطلاق والتمويه، وتصل سرعتها إلى 970 كيلومترا في الساعة، ودقة الإصابة ثلاثة أمتار، ويبلغ طول الجناحين 3.3 وطول الجسم 7.5 مترا وقطره 51 سنتيمترا ويزن 450 كجم، ويمكنها الطيران على مستويات مرتفعة أو منخفضة”.

ويختم الجفري: “قدرات القوة الصاروخية اليمنية تتطور من فترة لأخرى لتصبح قوة وازنة ورادعة تتجاوز الحدود الجغرافية وخطوط الاشتباك التي يتوقعها العدوان، وهي التي ستغير المعادلة وتُجبر قوات العدو على وقف عدوانها”.

فضاء المسيَّرات اليمنية

أما سلاح الطائرات المسيرة فقد غيَّر مفاهيم المعارك التقليدية في العالم منذ عام 2000، واتجهت الدول الكبيرة لامتلاكه مدركة أهميته. وإذا كانت المسيَّرات حكراً على دول قليلة في مقدمتها أمريكا والكيان الصهيوني وبريطانيا الرائدات في هذه الصناعة منذ السبعينيات، فقد أنتج الجيش اليمني طائراته المسيرة الخاصة متعددة المهام وبقدرات قتالية عالية ودقيقة، أهمها “صماد 1-2-3″ وقاصف2K”. وانضمت اليمن بذلك إلى الـ41 دولة المصنعة لهذا السلاح النوعي، فأمكن لها قصف مطار أبوظبي كواحدة من أبعد النقاط المستهدفة، حيث تزيد المسافة بينها وبين اليمن عن 1500 كم. وتمكنت “في عملية التاسع من رمضان” من اقتناص أنبوب النفط الرئيسي في محطة أرامكو وسط مساحة شاسعة تقع عليها المحطة تبلغ 115 ألف كيلومتر مربع، محدثة كسراً بعرض 4 أمتار، في الأنبوب الذي يبلغ حجمه 11 متراً مكعباً.

وما يزيد الوضع تعقيداً بالنسبة للعدو السعودي أن اليمنيين يستطيعون إنتاج هذه الطائرات المسيَّرة بوفرة. فحسب مصادر وثيقة الصلة فإن تكلفة إنتاج الطائرة الهجومية الواحدة لا تتجاوز 10 آلاف دولار.

المسيَّرات من الداخل

المسيرات طائرات ذاتية التوجيه يمكن برمجتها مُسبقاً بإحداثيات المواقع المستهدفة، وتقوم بمهامها دون الحاجة إلى اتصال مباشر معها، أو يتم توجيهها أثناء تحليقها عبر أنظمة الأقمار الاصطناعية، وتتميز المتطورة منها بتحكم ذاتي عالٍ، لاعتمادها على برامج حاسوبيّة تلقائيَّة تتيح لها جمع المعلومات والرصد واتخاذ القرارات المناسبة من تلقاء نفسها، ولديها مقدرة على معالجة البيانات وتحديد الأهداف وتمييزها بدقة، وتكون كذلك مزودة بأنظمة الخرائط والكاميرات الدقيقة، ويمكن أن تطلق من عربة أو قاذف هوائي أو صاروخي أو أن تقلع من مدارج أو بشكل عمودي أو بالقذف اليدوي عقب تشغيلها في الأنواع الصغيرة منها. وتعتمد طرق طيران ودفع مختلفة، منها ما هو نفاث ومنها ما يدفع بالمراوح ومنها ما يطير بأسلوب المنطاد، وتعمل بالوقود السائل. ومن ميزاتها أنها خفيفة الوزن واستهلاكها للوقود منخفض، والبعض منها يعمل بتقنية الخلايا الشمسية.

فرائس

تمثل المسيرات منصات عسكرية طائرة، فهي تشن الغارات على الأهداف المعادية البعيدة وتستطيع حمل مئات الكيلوجرامات من المتفجرات. كما تقوم بمهام التجسس والرصد وإسناد بقية الوحدات القتالية من مدفعية وقوة صاروخية ومشاة، أو تكون ملغمة وتنفجر بنفسها على الهدف، فهي طائرة وصاروخ مُوجَّه في آن واحد. والنسخ اليمنية تنفجر على ارتفاع 20 متراً من الهدف. وتقوم بإرسال تقارير عن ساحة العمليّات القتالية وتجمع المعلومات عن الأهداف المُحتملة الجديدة والمستحدثة والمقترحة، وتعترض الاتصالات السلكيّة واللاسلكيّة وتسجلها، كما تشوش على منصّات إطلاق الصواريخ وبطاريات الدفاع الجوي، ومن مهامها العزل الجوي، والدعم الجوي القريب، والبحث والإنقاذ أثناء المعركة، إضافة إلى تعقُّب الأهداف وتحديدها للقوة الصاروخية والمدفعية والطائرات الهجوميّة وتعديل ضربات المدفعية، وإنذار القوات العسكريّة بشكل مُسبق بأي جديد أو تحرك معاد.

الطريدة بلا حيلة

تعاني وسائل الدفاع الجوية في مواجهة الطائرات المسيرة. وبالنسبة للطائرات اليمنية فقد عجزت وسائل الدفاع الجوي السعودي (الأمريكية الغربية) أمامها بشكل تام، نظراً لتقنيتها والمسارات التي تسلكها والمواد التي صنعت منها، وحجمها، ولا يمكن تجنب خطرها إلا باكتشافها وتفجيرها على مسافة عالية جداً، وهذا أمر عجزت عنه وسائل الدفاع الجوية المصممة للتعامل مع الطائرات الكبيرة. أما محاولة تفجير الطائرة عندما تقترب من الهدف فهو خيار متأخر جداً، لأن هذه المرحلة هي مرحلة تفجير الطائرة لنفسها ولن يضيف تفجيرها من الدفاعات الأرضية التقليدية إذا تمكنت إلا مزيداً من الشظايا.

وحسب معلومات عسكرية فالـ”الباتريوت” الأمريكي يستخدم نظام «الإطلاق الساخن»، حيث يبدأ محرك الصاروخ في العمل قبل إطلاقه بلحظات، وهو لا يزال على الأرض، وهذه الثواني تصنع فارقاً حاسماً لصالح أي هدف متحرك، خاصة عندما يكون سريعاً جداً كصاروخ “قدس” المجنح أو قريباً كالطائرة المسيرة.

جدير بالذكر أن السعودية لجأت لحلول كثيرة لإيقاف الطائرات المسيرة اليمنية، كالاعتماد على أجهزة تعتمد مواصفات الشكل والحجم، لكن تلك الأجهزة لا يمكنها التفريق بين الطائرة والطائر، فهناك طائرات يمنية تزن 300 كيلوجرام، وتبدو كالطائر. كما لجأت لنظام بصري كهربائي يراقب السماء ويلتقط صوراً مباشرة للطائرة، لكن هذا النظام لا يعمل في الليل، فتم تطوير أجهزة تعمل بالأشعة تحت الحمراء تعمل ليلاً، لكن الأشعة الحمراء تحتاج لأن تتقاطع مع الطائرة بشكل مباشر، فلا تستطيع رصدها إن كانت خلف مبنى سكني أو تضاريس جبلية.

تم اللجوء إلى أنظمة رصد الصوت وضوضاء الطائرات، لكن الحل فشل، لأن صوت الطائرات قد يكون هادئاً أو غير مدرج في قاعدة بيانات الجهاز، كما أن تجهيز قاعدة بيانات بكل أصوات أو أشكال الطائرات المحتملة يعد تحدياً تكنولوجياً هائلاً صعب المنال وعالي التكلفة على السعودية.

ولا يبدو أن السعودية ستجد حلاً لمعضلتها قريباً، فقد أقيمت عام 2016 تجربة عالمية تقدمتها أمريكا لأنظمة الدفاع ضد الطائرات بدون طيار، وشاركت فيها أكثر من ثمانية أنظمة مختلفة مضادة للطائرات دون طيار من عدة دول، لكن عدداً من الطائرات المسيرة التي تنتمي لشركات ودول مختلفة استطاعت تخطي جميع الأنظمة الثمانية، واعترفت أمريكا حينها أن الطائرات بدون طيار لديها مناعة قوية جداً ضد أنظمة الدفاع الجوي.

الأمر –إذن- أشبه باستراتيجية النملة في مهاجمة الفيل من نقطة ضعفه، المتمثلة بخرطومه.