المراهق الذي جعل من السعودية “فُــرْجة” لخلق الله
نبيل لطيف *
لا أدري إن كانت السياسةُ السعودية الجديدة التي دشّنتها الرياض في ظل حكومة الملك سلمان وابنه محمد، جاءت تنفيذاً لأوامر السيد الأمريكي، دون أن يكونَ للقيادة السعودية حولٌ ولا قوة، أَوْ إنها من بنات أفكار الملك وابنه، فمن الصعب جداً قبول فكرة أن تكون هذه السياسة السعودية الحالية، هي نتاج سعودي خالص، فهي تدفع بالسعودية إلى حافة الهاوية، لما تتصف به من تخبط وعدم اتزان.
بالرغم من أنه من الصعب أن يقتنع شخصٌ ما، حتى لو كان صاحب ذكاء في حدوده الدنيا، بقيام حكومة ما في بلد ما، بالدفع مع سبق الإصرار، بالبلد الذي تحكمه إلى الانهيار والفوضى والمجهول، ولكن العارفين بطبيعة العقلية السعودية، لا يستغربون من وجود هكذا الحكومة في السعودية، فالسياسة السعودية ليست وحدها هي الشاذة في هذا البلد، فكل ما في السعودية من نظام حكم ومن نظام ديني ومن سياسة خارجية، هو شذوذ في شذوذ، فمن المحال أن تجد على الكرة الأرضية قديماً وحديثاً، أن يطلق شخص ما اسم جده على بلد كبير،وهذا البلد لا يوجد فيه دستور، ولا يحق للمرأة فيه من قيادة سيارة، ويعاقب المدنيين بذبحهم بالسيف في الشوارع والساحات العامة، والشعب ليس إلّا رعية للملك وأمراء آل سعود، فمثل هذا البلد ليس سوى السعودية.
الذي زاد الطين السعودي بلة، وجعل من السعودية “فُرْجة” للناس، السياسةُ الرعناءُ التي يعتمدها ابن الملك ولي ولي العهد وزير الدفاع الأمير محمد، فهذه السياسة جعلت من السعودية موضوعاً للتندر، فمنذ نحو عام وهي تقود تحالفاً عربياً إسلامياً، لا يوجد إلّا في عقل ابن سلمان، ضد الشعب اليمني، وبعد كُلّ هذه الفترة الطويلة وبعد كُلّ الفظائع التي ارتكبها في اليمن دون أن يحقق هدفاً من أهداف العدوان، نراه يخرج علينا بتحالف أكبر هذه المرة، تحت عنوان “التحالف الإسلامي العسكري” المؤلف من 34 بلداً عربياً وإسلامياً، وهدف هذا التحالف هو محاربة الإرهاب، ومقر قيادة هذا التحالف هو الرياض.
الغريبُ أن ابن سلمان، لم يخبر أغلب الدول الـ 33 بتحالفهم مع بلاده، كما كان حال تحالفه الأول على اليمن، فقد أعلن لبنان، على لسان رئيس وزرائه ووزير خارجيته، أنه لا علم له بهذا التحالف ولا يعرف طبيعته ولا أهدافه، ومثلُ هذا الكلام قالته باكستان على لسان كبار مسؤوليها، حتى قال بعضهم انه فوجئ بخبر مشاركة إسلام أباد بالتحالف، أما إندونيسيا فقد رفضت تقديم أي دعمٍ عسكريّ لـ”التحالف الإسلامي العسكري”، وقالت وزيرة خارجيتها إن إندونيسيا لن تشارك مطلقاً في أي تحالف عسكري مع دول أخرى، وفي كُلّ ساعة يزداد عدد الدول الرافضة لهذا التحالف، والتي أدرجها ابن سعود في قائمة تحالفه دون علمها.
لا أدري لماذا يصر ابن سلمان على إذلال بلاده ووضعها في موضع لا يُحسد عليه، فقد حول السعودية إلى “أضحوكة ” بهذه السياسة الصبيانية، التي تصطنع تحالفات “عسكرية” ضخمة بين دول بالعشرات، بجرة قلم، دون أن يكونَ هناك أدنى تنسيق مع هذه الدول، التي من المقرر أن ترسل جنودها ومدرّعاتها ودباباتها وطائراتها إلى أماكن تبعد عنها آلاف الكيلومترات لخوض الحروب مع الإرهاب “الداعشي” وَ“القاعدي”، وهذا الإرهاب بالمناسبة يحمل عقيدةَ الوهابية، وهذه العقيدة هي المذهبُ الرسمي في السعودية، لذلك أخشى أن توجّه الدول 33 المنضوية في التحالف العسكري، صواريخها نحو الرياض، للقضاء على الإرهاب الوهابي من جذوره!!.
ابنُ سعود استشعر مبكراً بغباء اطروحته بشأن التحالف العسكري، لذلك عاد مرة أُخْــرَى إلى المبدأ السعودي القديم القائم على شراء الحلفاء بالمال، حيث أعلن عن رفع استثمارات السعودية لمصر إلى ما يقرب من الثمانية مليارات دولار، وتوفير احتياجاتها من النفط لخمس سنوات، ودعم حركة النقل في قناة السويس من قبل السفن السعودية، ظناً منه، أنه سيمتلك قرار القاهرة بهذا السخاء الحاتمي، فاته أن مصر لا يمكن أن تتحول لتابع للسعودية، والانخراط في مغامراتها الصبيانية، التي أضرت بالمنطقة وبشعوبها، فمصر التي لم تنخدع بالإغراءات السعودية عندما شنت عدوانها على اليمن، سوف لن تنخدعَ هذه المرة أيضاً في الحرب الوهمية السعودية على الإرهاب “الوهابي”!!.
رغم أننا نعارض السياسة السعودية، وكثيراً ما ننتقدها لطائفيتها وضيق أُفقها وتبعيتها للتحالف الصهيوأمريكي، إلّا أننا نأسف أن تتحولَ السعودية، هذا البلد الإسلامي الكبير؛ بسبب سياسة مراهق، إلى “أضحوكة” لدى الرأي العام العربي والإسلامي.
* العهد الإخباري