الخبر وما وراء الخبر

 علم وجهاد: هكذا نقرأ خطاب السيد القائد للمشاركين في إقامة المراكز الصيفية.

86

تقرير: فؤاد الجنيد

ما من شك أن الجيل الناشئ يعيش اليوم مرحلةً من أهم المراحل على الإطلاق على مستوى الواقع العام، أو على مستوى واقع أمتنا الإسلامية، سيما ونحن في مرحلة امتلكت فيها قوى الضلال من الامكانيات، والوسائل، والقدرات، والأنشطة التضليلية التي تركِّز على الاستهداف للإنسان في فكره وثقافته ووعيه، ما لم تمتلكه فئات الضلال على مرِّ التاريخ، مع انتشار الوسائل المؤثرة والفعَّالة كالشبكة العنكبوتية والقنوات الفضائية والمناهج المدرسية المختلفة، والتي تتوجه جميعها للتأثير على فكر الإنسان ونظرته ونفسيته، ومن ثم على مواقفه ومسيرة حياته برمتها. وفي هذه الظروف التي تواجه فيها أمتنا تحديات غير مسبوقة على كل المستويات، يسعى الأعداء بكل جهد إلى السيطرة التامة عليها إنساناً، وأرضاً، وثروات، وكذلك بكل وسائل السيطرة التي تهدف إلى إحكام السيطرة على هذه الأمة المسلمة. من هنا كان لا بدَّ أن يتسلح هذا الجيل الناشئ بالوعي والمعرفة الصحيحة والمفاهيم النيِّرة؛ حتى يتحرك في شتى مجالات هذه الحياة، متحمّلا المسؤولية بوعي وفهم ومعرفة صحيحة وبخطوات موثوقة حتى لا يكون فاقداً للمنعة الثقافية، والمعرفة الفكرية الصحيحة؛ فيكون قابلاً لما يأتي من هنا وهناك من أفكار ظلامية، ومن مفاهيم مغلوطة، ومن ثقافات خاطئة، تهدف إلى الانحراف به والسيطرة عليه. هكذا وضع السيد القائد رضوان الله عليه الخطوط العريضة لأهمية المراكز الصيفية في خطابه بالأمس.

ومن سياق الخطاب يرى السيد القائد أن تربية النشئ على مبادئ الإسلام وأخلاقه الفاضلة وإعداده الإعداد الأمثل سيكون اللبنة الصالحة في المجتمع والأمة، وهذا يمثل دعما رئيسيا لانتماء الطلاب لدينهم وقياداتهم ووطنهم، وتنمية روح المحافظة عليها ورعايتها والدفاع عنها والتضحية في سبيلها، إلى جانب استثمار أوقات الفراغ لدى الطلاب ومن في مستواهم ببرامج تربوية متنوعة وهادفة، وإكسابهم المهارات والخبرات الميدانية واكتشاف مواهبهم ورعايتها. وفي ذات الإطار تنمية إحساس الطلاب بمشكلات المجتمع وإعدادهم للمشاركة في حلها، وتنمية روح التعاون والعمل الجماعي المثمر، وتربيتهم على الحياة المستمدة من التوجيه الإسلامي الحقيقي بما فيه من خصال حميدة وأخلاق فاضلة، وتدريبهم وتعويدهم على التخطيط والتنفيذ للبرامج والمشروعات وتحمل المسؤولية وإدارة الآخرين. إلى ذلك ستسهم المراكز الصيفية في تزويد الطلاب بالقدر المناسب من المعلومات والخبرات التي تجعلهم عناصر فعالة في مجتمعاتهم، وتكوين الاتجاهات الإيجابية نحو العمل المهني والتدريب على ممارسته وإتقانه، والاستفادة من القيادات التربوية المؤهلة من خلال عقد اللقاءات التربوية والتوجيهية للنشء والشباب، ناهيك عن الاهتمام بالموهوبين ورعايتهم وإيجاد برامج مستقلة لهم تتناسب مع قدراتهم وميولهم وتنمية جوانب الإبداع لديهم.

ومن خطاب السيد القائد نستشف أمورا كثيرة واتجاهات عميقة فيما يخص أهمية المراكز الصيفية للطلبة، فهي تسعى لحمايتهم من آثار الفراغ السلبية، واستثمار الوقت بالبرامج المفيدة وتدريبهم على تحمل المسؤولية والمشاركة الاجتماعية وخدمة المجتمع بمجموعة من الأنشطة التربوية الهادفة والمتنوعة التي يتم تنفيذها من قبل وزارة التربية والتعليم بما يعود عليهم بالنفع والفائدة تحت إشراف معلمين مؤهلين تربوياً، ويتم تنفيذ خطة النشاط وفق برامجها التي تشتمل على أنشطة منوعة تحقق رغبات الطلبة، وتشتمل أيضاً وسائل متعددة لتحقيق الأهداف العامة للمراكز؛ مما يؤكد على جانب الإبداع والتجديد، وتفعيل النشاط الثقافي والتوعية الإسلامية، والذي يمارس عن طريق المسرح، المكتبة، الإذاعة، الصحافة، البحوث، المسابقات، الندوات، الدروس العلمية، المهرجانات وغيرها.

إن هذه المرحلة كما يراها ويصفها السيد القائد، والتي يواجه فيها شعبنا اليمني المسلم العزيز العدوان الأمريكي السعودي الظالم، والذي هدف أيضاً إلى تدمير كل ما من شأنه أن يساعد على التعليم: المدارس، التجمعات التعليمية في كثيرٍ من المناطق، المساجد، وسعى كذلك إلى التأثير بأنشطة تضليلية يحركها في الساحة بشكلٍ أو بآخر، بعنوانٍ أو بعنوانٍ آخر، ونحن نواجه هذا التحدي من جانب، ونحن نعيش في ظل نعمة الحرية والاستقلال والكرامة، التي يتهيأ لنا فيها التحرر الفكري، والتحرر الثقافي، والانعتاق من رِبَقْ العبودية الثقافية، والأغلال التضليلية الفكرية الهدّامة، أيضاً هناك فرصة حقيقية وفرصة مهمة لنشاط ثقافي، وعملية تعليمية نسعى فيها أن تكون مبنيةً على أسسٍ صحيحة، وعلى أسسٍ سليمة، وعلى توجهاتٍ وبأهدافٍ سليمةٍ وصحيحةٍ أيضاً. من هنا وفي ظل كل هذه الظروف، وفي ضوء كل هذه الاعتبارات نجد أنفسنا في موقع المسؤولية تجاه أبنائنا ألَّا نهملهم، ألَّا نضيعهم، ألَّا نتركهم من الاهتمام في هذا الاتجاه المهم جداً، هذا الاتجاه الرئيسي في حياة الإنسان في شتى مجالاتها التي تعتمد على العلم والمعرفة والتعليم والتثقيف، وبالذات إذا كان تعليماً صحيحا تقدَّم فيه المفاهيم الصحيحة، والأفكار النيِّرة التي تبني جيلاً حراً واعياً مسؤولاً، يتخلق بمكارم الأخلاق، ناهضاً بالمسؤولية، ومتحلياً مستشعراً بها، يعي واقعه، ويعي مسؤوليته، ويعي واقع العالم من حوله، ويتحرك على ضوء هذه المعرفة والمفاهيم الصحيحة، فهي مسؤولية تقتضيها مسؤوليتنا الدينية، وتقتضيها الظروف والتحديات التي نعيشها.