قمم ومؤتمرات السعودية دليل سياساتها الفاشلة
في شهر رمضان المنصرم، عقدت في مكة المكرمة ثلاث قمم برئاسة السعودية، الأولى لأهل بيت الخليج. والثانية لسائر الدول العربية المنضوية تحت جامعتها المهترئة، والثالثة لسائر المسلمين عبر «رابطة العالم الإسلامي» التي توقظها كلما احتاجت إليها. أما كون عقدها في مكة المكرمة قبلة المسلمين، وفي أواخر رمضان حيث يوجد فيها أعداد من المعتمرين في مكة تفوق أعدادهم أعداد الحجيج في موسم الحج، فلهذا دلالته في أنها تريد أن تعطي صورة عن نفسها أنها تتزعم المسلمين، وأن الاعتداء عليها هو اعتداء على المسلمين، أما هدف السعودية من عقدها في هذه الظروف المأساوية الاستثنائية من الهجمة الدولية على المنطقة واستهدافها في دينها وركائز حياتها، فليس دعوة الذين دعتهم من أجل التنادي للم الشمل والتوحد ووضع كل الإمكانات التي تحصن جبهة المسلمين وتقطع أصابع الشر التي تكيد لهم، كما تفترض الزعامة أن تتصرف، بل من أجل تكريس الانهزام والاستسلام.
إن السعودية التي أرادت أن تظهر أنها الزعيمة، ظهرت على عكس ما أرادت، خائفة مستجدية ضعيفة، والسعودية التي دعت إلى هذه المؤتمرات الطارئة هي متَّهمة ومدانة، وهناك شك في كل مواقفها السياسية، فهي متهمة بتواطئها في السر مع أميركا وإسرائيل لإنجاح خطتهما «صفقة القرن» الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية. ومعلوم أن هذه الصفقة هي صفقة بيع فلسطين بأموال خليجية، والتنازل عنها. فمن يريد زعامة المسلمين حقيقة هو من يتبنى قضاياهم الحقيقية، وأولاها قضية فلسطين التي يجب أن تكون جزءًا من بلاد المسلمين الموحدة تحت راية الخلافة.
إن الصراع القائم بين السعودية وإيران هو صراع مصيري بالنسبة لعروش حكام الخليج، ولا سبيل لمواجهته إلا بقيام حلف تدخل في نسيجه إسرائيل؛ بحيث تصبح من الدول المعترف بها في المنطقة، بل والدخول معها في أحلاف، وأول هذه الأحلاف هو الحلف ضد إيران، ولا يغرنكم تضمين القمم ببند أن القضية الفلسطينية هي قضية مركزية، وما شاكل ذلك من الألفاظ… فالعبرة بما يجري على الأرض، وليس بما يكتب على الورق، فقرارات القمم ما هي إلا حبر على ورق، ويأكل بعضها بعضًا، ولو نجحت هذه القمة لكان من نتائجها أن السعودية هي زعيمة المسلمين، دولًا وشعوبًا، تتكلم باسمهم، وتتنازل باسمهم، وتوقع باسمهم… فتجرهم معها حيث توجهت بها السياسة الأميركية.
إن حكام السعودية يتهمون إيران بالمذهبية الشيعية وفي الوقت نفسه هم يتلطَّون بالمذهبية السنية لمواجهتها، فاستعمال المذهبية من قبلهم هو من قبيل الاستغلال وحماية عروشهم، وليس له علاقة بحماية الدين، بل هو اعتداء عليه، وتحريش بين المسلمين، وجعلهم يتقاتلون ويمكنون لعدوهم منهم.
هذه هي السعودية اليوم، إنها تريد أن تقود المسلمين ليسيروا معها في خيانة «صفقة القرن»، وفي سياسة تحويل طبيعة الصراع مع كيان يهود، وفي إدخال المنطقة في أحلاف ضد إيران… إن سياسة سلمان وابنه فضحت المستور من هذه العائلة العدوة للإسلام والمسلمين منذ أول نشأة دولتها… نعم إن الحل لكل مآسي المسلمين هو في إقامة الخلافة الراشدة التي بشر بها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنها أولًا هي حكم الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولأنها ثانيًا لن تقوم إلا على أكتاف المسلمين المخلصين الواعين. الذين يظهر الله بهم الدين.