الخبر وما وراء الخبر

هل سقطت هيبة الدولة في ذمار بهذه البساطة..؟؟

90

خاص | أي سقوط لهيبة الدولة وهيبة الحماية والبناء في مشروعها أكثر من أن يتلقى مدير عام إحدى مؤسسات الدولة في محافظة ذمار زخات من الرصاص من أفراد مسلحين يصولون ويجولون بكل أريحية وهو في ضيافة وليمة بحضور وتواجد رأس السلطة وممثل الدولة وقوتها ونفوذها وهيبتها في المحافظة. مشهد صادم يجسد إلى اي مدى وصل الانفلات الأمني مستهدفا هيبة الدولة، التي وهب آلاف الشهداء أرواحهم في سبيل استدامتها وبسطها لينعم المجتمع بالطمأنينة والسكينة والأمان، ويقاس على ذلك حال أولئك البسطاء الذين لا سند لهم ولا حماية وهم يرون وجاهات في رأس السلطة المحلية تواجه مصيرها من الإستهداف والإغتيال المتعمد والمرصود برصاصات مفاجئة في حضرة انفلات أمني يهز كيان الدولة ويمرغ هيبتها في تراب الضعف والعجز.

إن تحقق هيبة الدولة، مطلبٌ معلن ومُضمرٌ عند كل مواطن، وشرط أساس من شروط استقراره وانتاجه وبنائه وعطائه، ورضائه عن نظامه السياسي، فهيبة الدولة هي الأمن، ومنتهى الهيبة أن يسود الأمن أثناء تواجد من يعول الناس عليه بتوفير الأمن بصفته ممثلا للدولة وهيبتها. لكن العكس هو ما يحدث، فقد أظهرت حوادث أخيرة تعديات عدة على القانون ورجال الأمن، وباتت هيبة الدولة منقوصة للأسف، وكأن ثمة رغائب عند البعض لإحالة الدولة إلى السقوط في أتون الفوضى، التي ضيعت الأوطان وبددت أمان المجتمعات وقادتها إلى الحالة الدموية التي تطورت إلى ارهاب وتطرف وتكفير.

يشكو الناس احياناً من غياب تطبيق القانون، ويعللون سبب الانفلات والطيش الفردي إلى وجود مظالم لم تحسمها الدولة ولم يجدوا منها الإنصاف، لكن تطبيق القانون بقدر حاجته لحزم وعزم وشوكة، هو بحاجة لإستئصال الفساد المخيم على مؤسسات الدولة خصوصا القضائية منها، والدولة يجب أن تظهر شوكتها وقوتها دونما وجل. ولا سبيل عنها ولا ملاذ عن غيرها، وقد بتنا للأسف في الآونة الأخيرة نجد التعدي والخروج على القانون مع صعود الهويات الفرعية وتعاظم دور المؤسسات الحمائية التي توظف لمصلحة حماية الأفراد ضد تطبيق القانون.

الدولة هي ركن الحياة الذي نستظل بظله، ولا سبيل عنها ولا بد للحكومة بمقدار سعيها للحفاظ على الأمن أن تسعى للحزم في تطبيق القانون وعدم التهاون مع كل من يخالف النظام العام. وفي التاريخ أمثلة كثيرة على اهمية الدولة وسموها فوق كل الاعتبارات والقيم ولا سبيل للحديث عن مشروعية الأفعال لرجال الأمن حين يتعلق الأمر بالأمن وتطبيق القانون وهذا ما يقوله فقهاء القانون.

إننا في بلد لا مجال فيه للارتخاء وعدم اليقظة، وعلى المواطن أن يكون رافعة موازية للقانون والدولة وألا يكون عبئاً عليها أو أداة تعطيل لها ولصيرورة أعمالها في رعاية الشأن العام، فلقد بتنا نشاهد الخلل والتسكين والطبطبة على بعض المخالفين وهؤلاء لا سبيل لردعهم الا بعقوبات رادعة، وفي المقابل مطلوب من الدولة حفظ الحرية وديمومتها كقيمة عليا في المجتمع، إذ أن التسكين والتلطيف والمبالغة في النعومة لا تقود إلا لمزيد من الارتخاء والفوضى، وهنا علينا أن نذكر بان مطالبة الناس بتطبيق العدالة ومحاربة الفساد، لا تنفصل عن تطبيق القانون وحماية الأفراد، والشرطة والأجهزة الأمنية جميعها راعية للسلم والأمن وديمومة الحياة.

أخيراً، يفترض ان يكون للدولة هيبتها بمجرد وجودها وحضورها وتغلغلها في حياة الناس ايجابيا، والدولة لا تسترجع هيبتها الا حين يكون هناك تطابق للشرعية التي تحيل الجميع الى القانون بمفهومه الواسع. ونحن في المجمل نعي وجوبية الدولة، وضرروتها، لكننا للأسف نحتاج لتمثيل هذا الأحساس عند تطبيق المسؤول للمسؤولية، ورجل الأمن لواجبه ما دام الظلم غير واقع وإنما مخالفة القانون هي التي تحدث وندافع عنها احياناً بطرق شتى منها رفض الانصياع للقانون، وتبقى هيبة رجل الأمن واحترامه من أهم ضرورات بقاء الدولة.