أمريكا: أسدُ على نعاج الجزيرة وفأر أمام إيران؟
ذمار نيوز | مقالات 9 شوال 1440هـ الموافق 13 يونيو 2019م
بقلم | منير الشامي
من يتأمل في تصريحات النظام الامريكي يجد فيها الشيئ الكثير وحينما يقارن كيف يخاطب هذا النظام السعودية وآل سعود وكيف يخاطب ايران وحكومتها يكتشف حقيقة النظام الأمريكي .
فمعاملة النظام الامريكي للنظام السعودي لم يعد وفقا لمبدأ الندية السياسية بل تعدى هذا المستوى وتجاوز إلى ما هو ابعد بكثير عن مستوى التعامل المألوف والمتعارف عليه وفقا للعلاقات الدولية بل وخرج عن مستوى معاملة التبعية حتى وصل إلى مستوى الاستعباد والامتلاك متجاوزا لكل الحدود التي من المفترض أن يكون عليه التعامل بين دولتين صديقتين ومتحالفتين ولهما مصالح مشتركة .
ويعود السبب في ذلك إلى أن النظام السعودي خضع للنظام الأمريكي خضوع العبد لربه وخضوع الغلمان لسيدهم وأصبح آل سعود ينظرون إلى ترامب ونظامه كما كان ينظر كفار قريش إلى هبل وما جاوره من اصنام ،ويقدمون له مئات المليارات من ثروة الأمة كما كان كفار قريش يقدمون القرابين لهبل واللات والعزى ومناة الثالثة الاخرى.
فآل سعود آمنوا بأمريكا كرب لهم وأشركوا بالله فأصبحوا يعتقدون أن النظام الامريكي هو القوي الحامي لهم وهو العظيم المدافع عنهم وهو المديم لملكهم والمتفضل والمنعم عليهم وأن الامر كله بيد أمريكا فهي من تهب الملك لمن تشاء وتنزع الملك ممن تشاء.
وهذا ما رآه الحقير ترامب فشعر بتأليههم له ولنظامه ودولته ولأنه يعلم ضلال اعتقادهم ويدرك غيهم وضلالهم وأن دولته ونظامه أوهن من بيت العنكبوت ولأنه أيضا ليس له من الفطنة ما كانت في الرؤساء الذين سبقوه فلم يستطيع أن يخفي حقيقة آل سعود ولم يقوى كسابقيه على ستر ذلهم وهوانهم وغيهم وتيهانهم فجعل من نفسه إله لهم وأستعظم نفسه أمام خضوعهم واستكبر لركوعهم ونظر إليهم نظرة المالك لمملكته وعبيده فاستحقرهم ووصفهم بأقبح الأوصاف وعيرهم بأقبح العبارات وشبههم بالبقرة التي تدر له ولنظامه الحليب ومتوعدا بذبحها إن جف منها الحليب وقال فيهم ما لا يصبر عليه احقر البشر وادناهم لكنهم لم يتأثروا بتحقيره لهم واستعباده وتشهيره بل زادوا تذللا وخضوعا تحت نعاله.
وفي المقابل نجد ترامب ونظامه يعامل النظام الايراني المعادي له والمناهض لسياسته والمهدد لمصالحة عكس معاملته للنظام السعودي تماما.
بل إن النظام الامريكي خرج عن التعامل الندي المألوف والمتعارف عليه والذي يمكن أن يكون بين دولتين مختلفتين سياسيا ومتعاديتين فكريا ومتباينتين في المصالح والاهداف.
فظهرت امريكا بإمكانياتها وترسانتها أمام إيران دولة ضعيفة هشه أمام دولة قوية ومتماسكة وانكشف عجزها وجبنها عن مجرد التفكير في خوض مواجهة عسكرية مع إيران حتى تبين للعالم أن امريكا بهيلمانها وقوتها وامكانياتها وتكنلوجييتها ليست سوى بالونة كبيرة وأن أصغر شوكة إيرانية قادرة على نسفها والقضاء عليها.
كل ذلك ظهر في أوضح صورة خلال احداث الاسابيع الماضية بمواقف النظام الامريكي تجاه إيران والتي بدأها ترامب باعلان التصعيد ضد إيران وبلهجة الإستعلاء والوعد والوعيد ضد إيران وحرك ترسانته البحرية واساطيله العملاقة المزود بمنظومات الصواريخ العملاقة والعابرة للقارات وباكبر حاملتي طائرات في العالم لضرب ايران
وفجأة أوقف كل ذلك ولم يكتفي بإعلان التراجع فحسب بل إن لهجته في مخاطبة إيران إنقلبت من نغمة التهديد إلى نغمة التعظيم والإشادة ثم انخفضت إلى مستوى التودد والمغازلة ثم تدنت إلى ما هو أدنى من ذلك بكثير ووصلت إلى مستوى الترجي والاستعطاف الترامبي لإيران طالبا من النظام الإيراني أن يمن عليه حتى بمكالمة تلفونية وقاضيا ليالي وايام قرب التلفون في انتظار المكالمة التي لن تأتي بفارغ الشوق والصبر.
فلماذا هذا الانقلاب العكسي في الموقف ولماذا هذا الانبطاح الامريكي لأيران ؟
لا شك أن هناك أسبابا قوية حولت المستكبر إلى عبد والمتجبر إلى ضعيف والمتأسد إلى فأر ، وأيا كانت هذه الاسباب فلا تهمنا حاليا بل ما يهمنا هو العبرة من هذا الموقف الامريكي
وهنا يحق لنا أن نسأل ونتساءل هل سيتعض بعران الجزيرة من هذه الاحداث ويدركوا أنهم يعبدون صنما عاجزا عن الدفاع عن نفسه ؟
أم أنهم سيظلون كأسلافهم الاعراب خاضعين تحت أقدام الصنم ؟.