الخبر وما وراء الخبر

في ذكرى المولد 1435.. السيد عبدالملك الحوثي: قوى الاستكبار بقيادة أمريكا عملت على طمس معالم الرسالة المحمدية ونسف قيم الإسلامية

181

تدفّقت الحشودُ الهائلةُ في مثل هذا اليوم من العام 1435 من مختلف محافظات اليمن إلى العاصمة صنعاء لتشهد طوفاناً بشرياً هائلاً جاء ليشاركَ في إحياء ذكرى المولد النبوي الشريف، وفي حضور كبير ولافت للعالم.. عبّر عن أًصالة وهوية الشعب اليمني، منبئاً عن عظيم المحبة وأكيد المودة والارتباط الوجداني والإيماني الراسخ بحبيب الخالق مُـحَـمَّــد صلوات ربي وسلم عليه وآله.

وفي هذه المناسبة العظيمة أكد السيد عبدالملك على أهمية الاستفادة من هذه المناسبة لتعزيز حالة الارتباط والولاء لله ولرسوله، ومواجهة مساعي أعداء الإسلام لطمس هُوية الأمة، وإبعادها عن معالم دينها الحق ورموزها ومقدساتها.
إن احتفال شعبنا بهذه المناسبة وَإحياءَها بشكل كبير هو أيضاً من مظاهر الاجلال والتوقير لرسول الله صلى الله عليه وآله، وهو بذلك استجابة لله سبحانه وتعالى القائل في كتابه الكريم {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ {.

ولفت السيد عبدالملك إلى ما يسعى إليه أعداء الإسلام من خلال الإساءات وحملة التشويه الممنهجة التي تهدف إلى الحط من مكانته، وما يجب علينا كمسلمين لتعزيز الارتباط والولاء الصادق ومواجهة الحملات العدائية المسيئة التي تشنها الصهيونية العالمية بقيادة أمريكا وإسرائيل، والتي تظهر في كثير من الحالات بقناع جديد وعناوين جديدة وبعناوين متعددة وبلدان مختلفة، وما نسمعه هذه الأيام من اساءات جديدة موجّهة إلى رسول الإسلام مقنعة هذه المرة بقناع هو (هولندا)، والحقيقة أن وراءَ ذلك كله هو اللوبي الصهيوني اليهودي الذي يجبُ أن تقفَ الأُمَّــة بوجه مؤامراته فهو يستهدف الأمة في دينها ومقدساتها، ويسعى لضربها في كُلّ مقاوماتها مستغلاً تخاذل الأمة وشتاتها ومستفيداً من قلة الوعي ومستفيداً من قوى العمالة.

وأضاف السيد عبدالملك “احتفالَنا اليوم بهذه المناسبة هو تعبيرٌ عن تقديرنا واحتفائنا وابتهاجنا وسرورنا وفرحنا بنعمة الله واعترافنا بعظيم فضله ومنته بالرسول والرسالة والهدى العظيم والدين القويم {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ {، اللهم لك الحمد ولك الشكر على ما أنعمت وأوليت وهديت، وإن هذه المناسبة الجامعة يمكن الاستفادة منها في العمل على رأب الصدع وجمع الشتات وتعزيز الإخاء والوحدة بين المسلمين، على مستوى شعبنا وعلى مستوى أمتنا، وهذا بالتأكيد ممكن إذا توفرت الإرادة وصدقت النوايا”.
واستغرب السيد عبدالملك من البعض في الدول العربية والإسْــلَامية غير المهتمين بهذه المناسبة وعظمتها، الذين يجعلون من أولوياتهم تعزيز ارتباطهم وتحسين علاقاتهم مع أمريكا وغير أمريكا، فيما يتسرعون على المستوى الداخلي تجاه أمتهم وأبناء جلدتهم إلى اتخاذ المواقف العدائية وإلى الخصام والتباين والابتعاد عن لغة التفاهم مما أدى إلى تفاقم النزاعات والخلافات داخل أمتنا.. وإلا فإن ما يجمعنا هو أكثر وأكبر وأعظم وأسمى مما يفرقنا، بل ويمكن الاعتماد عليه لحل مشاكلنا ونزاعاتنا.
وخاطب السيد عبدالملك الأمة الإسْــلَامية قائلاً: يا أمة مُـحَـمَّــد يا أمة القرآن يا أمة الإسلام إن أكبر عامل للفرقة والشتات والتباين والنزاع هو البغي والأنانية والاستبداد والكبر، وإن للأمة من القواسم المشتركة والأسس الجامعة ما يمكن بالعودة إليها والاعتماد عليها أن تذوب وتتلاشى حالة العداء والتفرق فيما بينها، وتعود حالة الإخاء والتفاهم والتعاون، فالأمةُ يجمعُها انتماؤها للإسلام، يجمعها مُـحَـمَّــدٌ رسولُ الله صلواتُ الله عليه وعلى آله ويجمعها القرآنُ كتابُ الله ووحيه المُنزّل وكلمته التي تمت صدقاً وعدلاً، والقبلة الواحدة، وفي جمْع شتاتها ووحدة كلمتها عزتها وقوتها التي تعزز موقفها في مواجهة التحديات والأخطار الكبرى التي تستهدفُ الجميعَ ولا تفرق بين أحد لا بالاعتبارات الطائفية ولا الجغرافية وَلا السياسية.
مؤكداً أن أوامرَ الله سبحانه وتعالى وتوجيهاتِه تفرِضُ علينا كمسلمين أن نعتصمَ بحبله وأن تجتمعَ كلمتنا على الحق والخير، وهو جل شأنه يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} هذا ما يريده الله منا كأمة مسلمة ويريده منا نبينا مُـحَـمَّــد صلى الله عليه وآله وسلم حين قال “المسلم للمسلم كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضاً” وبناؤه للأمة منذ بزوغ فجر الإسْلَام على هذا الأساس.. أمة موحدةٌ متآخيةٌ متعاونةٌ في مشروع واحد ومسار واحد وتحت راية واحدة.
وأوضح السيدُ عبدالملك أن احتفالَنا بهذه المناسبة العظيمة يمثل اهتماماً بالرسالة الإلهية ومدى تمسكنا بها كأمة مسلمة، والتذكير برسل الله وأنبيائه وكيف يجب أن تكون علاقتنا بهم، وفي مقدمتهم خاتم الأنبياء مُـحَـمَّــد صلى الله وسلم عليه وعلى آله، وإن منشأ مشاكل البشرية ومعاناتها وشقائها هو الانحراف عن رسالة الله ورسله، عن رسالة الله فيما تضمنته من مبادئ وقيم وأخلاق وتعاليم لا تصلح الحياة إلا بها، ولا يتحققُ للبشر السعادةَ إلا بتطبيقها ولا يمكن أبداً الاستغناءُ عنها ولا بديل يصلح به واقع البشرية عنها.

وأردف قائلاً: حينما هيمنت قوى الاستكبار والطغيان بقيادة أمريكا على شعوب العالم وعملت على طمس معالم الرسالة ونسف أخلاقها وإضاعة قيمها فإنها بذلك جلبت الشقاء على الشعوب وأغرقت العالم في مشاكل كبيرة وعملت على الانحراف به إلى طريق الهلاك كما هلكت الأمم والأقوام التي لم تقبل ولم تلتزم برسالة الله سبحانه وتعالى على مر تأريخ البشرية، قال تعالى: {أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ ۚ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ ۖ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ{.

مضيفاً: إن هذا العالمَ هو مملكةُ الله الذي هو ملك السماوات والأرض وإنه جلَّ شأنُه بمقتضى ملكه ورحمته وحكمته وتدبيره لشؤون عباده أرسل إليهم رسله وأنزل إليهم كتبه، ودلهم على طريق السعادة والفلاح والخير والنجاة وحدد لنا مسؤوليتنا في هذه الحياة في واقعنا ونحن عبيده وخلقه وإليه مرجعنا للحساب والجزاء، والإنسان في مقام التكليف والمسؤولية حينما ينحرفُ عن رسالة الله وتعاليمه فهو يجر على نفسه الشقاء وهو مسئول امام الله سبحانه وتعالى يحاسبه ويجازيه ويعاقب.
وأشار السيدُ عبدالملك إلى أهمية الرسالة التي جاء بها النبي إلى البشرية جمعاء بقوله تعالى {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهَا وَرُسُلِهِ فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ الَّذِينَ آمَنُوا ۚ قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْرًا * رَسُولًا يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِ اللَّهِ مُبَيِّنَاتٍ لِيُخْرِجَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ{.
موضحاً أن اللهَ يحكي لنا في هذه الآية حقائق من التأريخ كثيرة هي المجتمعات والأقوام والأمم في تأريخ البشر لم تبالِ بأوامر الله ورسله ولم تتعامل بجدية ولا بمسئولية معها بل تجاهلتها وتجاوزتها وخالفتها وانحرفت عنها لأسباب وعوامل متنوعة ومختلفة من مثل هوى النفس والخضوع للطاغوت والارتباط بالمضلين، فكانت النتيجة والعياذ بالله هي المؤاخذة والعذاب الشديد، قال تعالى {فَحَاسَبْنَاهَا حِسَابًا شَدِيدًا وَعَذَّبْنَاهَا عَذَابًا نُكْرًا * فَذَاقَتْ وَبَالَ أَمْرِهَا وَكَانَ عَاقِبَةُ أَمْرِهَا خُسْرًا{.

وأكد السيد عبدالملك أنه لا يمكن للبشر أن يتحقق لهم السعادة والخير والرشاد وأن يسلكوا مسلكَ النجاة والفوز إلا بالعودة إلى الله والاستجابة له والارتباط الواعي والعملي برسالته ورسله عليهم السلام، فهكذا وجّه الله كلماته إلى جميع عباده إلى الناس جميعا فقال تعالى: {يَا بَنِي آدَمَ} خطاب لكل بني آدم لكل البشرية من ربهم من ملك السموات والأرض {يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي ۙ فَمَنِ اتَّقَىٰ وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ{.

لافتاً إلى أن الاستجابة الصادقة لرسل الله وآياته هي بالالتزامُ العملي بالتقوى والصلاح فمن اتقى وأصلح فلا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون وبها يتحقق للإنسان ما وعده الله به من الخير والفلاح، وإن صلاحَ البشر وفلاحهم حينما يرتبطون بالأنبياء وبرسالة الله سبحانه وتعالى، وإن القرآنَ الكريمَ والإسلامَ العظيمَ والنبي الخاتم مُـحَـمَّــداً صلى الله عليه وآله هو صلة الارتباط الصحيح لكل رسالات الله وبكل رسل الله.. وبه يتحقق الإيمان الصادق..قال تعالى: {قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ{.
وقال السيد عبدالملك: إن الإيمان برسول الله مُـحَـمَّــد والارتباط به هو بوابة للارتباط بكل أنبياء الله ورسله، وإن القران الكريم هو الوثيقة الإلهية المقدسة المصونة المحفوظة السليمة من التحريف المتضمنة للرسالة الإلهية، وهو حجة الله على كُلّ عباده على جميع أمم الأرض قاطبة من بعد نزوله، والرسول مُـحَـمَّــد صلى الله عليه واله وسلم بكتاب الله ومع كتاب الله بلغ رسالة الله وتحرك بها في واقع الحياة في مساراتها الثلاث: نوراً يخرج به الناس من الظلمات، وقيماً وأخلاقاً يتخلق بها الإنسان ويبني واقعه على أساسها، وحتى تكون سلوكياته وتصرفاته وأعماله متفرعة عنها، وفي مقدمة هذه القيم الرحمة، والإحسان، والعدل، والصدق إلى غيرها من الأخلاق مع زكاء النفس وطهارة القلب للارتقاء بالإنسان ليرقى إلى مستوى الكرامة الإلهية.

وأضاف: بدون هذه القيم يتحول الانسان إلى وحش مفترس ويفقد كرامته الإنسانية وتسوء تصرفاته وأعماله ويصبح ألعوبة بيد الشيطان، ومشروعاً عملياً، وفي هذا الإطار تكمن مسؤولية الإنسان في الحياة، الإنسان الذي استخلفه الله في الأرض وسخر له ما في السماوات وما في الأرض وحمله مسؤولية عظيمة في ظل استخلافه وواقع حياته، فالله سبحانه لم يخلقنا عبثاً ولم يتركنا سداً وهو القائل: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}، وإن رسالةَ الله تقدّم للإنسان برنامجه في الحياة، ومسؤوليته فيها وتحدد له مساره الذي يوصله إلى الخير والسعادة والنجاة والفوز العظيم وإن انحرف عنه سلك مسلك الخسران والشقاء ثم الهلاك والعذاب الدائم، حيث الخلود في نار جهنم والعياذ بالله، {وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ{.
لافتاً..الى إنه يجب علينا كأمة مسلمة أن نتحمل المسؤولية في أن نقدم الشهادة الحقيقية في واقعنا وحياتنا ومواقفنا وأعمالنا بما يدل على عظمة الإسلام وعظمة الرسول والقرآن، ليتجلى لبقية امم الارض وبقية اقطار العالم عظمة هذا الدين فينجذبوا إليه ويدركوا حاجتهم اليه وذلك لا يتحقق إلا بالوعي الصحيح لمبادئه والالتزام بأخلاقه وقيمه وتجسيدها في الواقع والانطلاقة العملية في مشروعه العملي في الحياة، ولقد تمكن رسول الله صلى الله عليه وآله من خلال حركته برسالة الله وهديه العظيم في زمن الجاهلية الأولى والوضع العالمي المظلم آنذاك من صنع تغيير حقيقي، وَإحداث تأثير كبير ونقلة نوعية غيرت واقع العالم ومسار التأريخ، وقدم فعلاً الشواهد الكبرى على عظمة الإسْلَام في أثره في الحياة وأثره في الإنسان، أولاً في تغييره لواقع المجتمع العربي الأمي الجاهلي آنذاك، الغارق في الشرك والكفر وعبادة الأوثان والأحجار، المجتمع الذي يسودُه آنذاك الظلمُ والجهلُ والكفرُ والخُرافة والفرقة وَالشتات والتناحر وانعدام القيم والأخلاق، فجعل من ذلك المجتمع أمةً يسودُها الصلاحُ والخيرُ والعدلُ والحق وتحمل رسالةَ الله إلى العالمين، وتجاهدُ في سبيل الله، أمةً متوحدةً عزيزة لها مشروعٌ هو أقدسُ مشروع في الحياة، ولها قضيةٌ هي أشرفُ قضية ولها دورٌ حضاريٌّ بنّاءٌ تُصلح في أرض الله وتأمُرُ بالمعروف وتدعو إلى الخير وتؤمنُ بالله وتنهَى عن المنكر والفساد والظلم.
وأشار السيدُ عبدالملك إلى التراجع الكبير في واقع الأمة في مسارات دينها الثلاث في الوعي والبصيرة والاستنارة بنور الله، في القيم والأخلاق، وفي المسؤولية والمشروع العملي.. وإلى التراجع الكبير في واقع الأمة في مسارات دينها ورسالة ربها حتى فقدت هذا الدورَ المهمَّ والريادي في العالم، وبقدر ما فقدت من النور اعتمت عليها الظلمة وفي جُنح الظلمات وبعتمتها وعماها غابَ عنها الكثيرُ من الحقائق وفقدت الوعي، وأصبحت قابلة إلى حد كبير للتضليل والخداع..!! أمة النور أصبحت غارقة في الظلام!!

وقال: إن ما يمارسه أعداء الأمة الإسْــلَامية من الأمريكيين والإسرائيليين ومن معهم وَبأسلوب الخداع والتضليل، قد أثر ذلك فيها بشكل مؤسف ولدرجة عجيبة، حتى أصبحت محط سخرية وَتلعُّب أعدائها بها، كما أنه أيضاً وبقدر ما فقدت من القيم والأخلاق، انعكس ذلك على واقعها سوءً وانحطاطاً وشراً وبؤساً، ودفعت الثمن من كرامتها ومن عزتها ومن مجدها وَمن أمنها ومن استقرارها، وبقدر ما تبتعد عن المشروع العملي ومسؤوليتها الكبرى، بقدر ما تعيش الضياع وفقدان الهدف، والشعور بغياب المسار، والغرق فيما لا يفيد ولا ينفع، والاستهلاك للجهود والإمكانات في غير محلها وأسوء من ذلك كله يستغلها أعداؤها ويحاولون دفعها هي عملياً في مشاريعهم ومؤامراتهم ومكائدهم التي تضربها في النهاية هي وَالله المستعان، ومع عظيم المعاناة وبلوغ الحال والواقع إلى مستوى فضيع أصبح لدى الكثير من أبناء أمتنا قناعة بضرورة التغيير والتصحيح للوضعية القائمة وهذه فرصة كبيرة، في ظل تطلع الأمة وتوجه الشرفاء من أبنائها إلى مشروع عملي جادٍ وفق ثقافة القرآن الكريم وقيم وأخلاق وتعاليم الإسْلَام وأهدافه الكبرى وهذا ما يكفل للأمة أن تعود من جديد إلى دورِها الحضاري والبنّاء في واقع الحياة، وإلى أن تتمكنَ من مواجَهة التحديات والأخطار وتتخلصَ من واقع البؤس والذل والهوان.
وأضاف السيدُ عبدالملك قائلاً “إن العالمَ في هذا العصر يعيشُ في مشاكلَ حقيقية وَكبيرة، وقد تجلى عجزُ قوى الاستكبار والطغيان عن حلها؛ لأنها هي عامل أساسي فيها، وهي كذلك لا تمتلك القيمَ والأخلاق وَالرؤية التي تؤهلها لحلها، ويقع على المسلمين المسئولية الكبرى بدءً من تصحيح واقعهم وصولاً إلى القيام بدور إيجابي عالمي، ولديهم كُلُّ مقوماته المعنوية والمادية إذا أصلح أفرادها أنفسهم وواقعهم”.

مؤكداً في ختام خطابه على الخروج من هذه المناسبة العظيمة بعدد من النقاط وهي كالتالي:
1- ضرورة أَن تتحمل الأمة مسؤوليتها في مواجهة الخطر الداهم عليها كأمة مستهدفة مستباحة لا يرعى لها أعداؤها حُرمة ولا كرامة، ولا لمقداساتها ولا لرموزها، وما تفعله أمريكا وَمن معها في العالم الإسلامي من قتل وهتك للحرمات وسيطرة على القرار السياسي وتدخل في كُلّ شئون شعوبنا ونهب للثروات أوصل الأمة إلى حالة من الهوان لا مزيد عليها.
2- أن يتعاونَ الجميعُ في دعم الشعب الفلسطيني ومناصرة قضيته؛ لأنها لا تخصه، هي قضية الأمة كلها فالمقدسات في فلسطين هي مقدسات الأمة كلها، وشعب فلسطين هو جزء لا يتجزأ من الأُمَّــة العربية والإسلامية، وأرض فلسطين هي جزء من الأرض العربية والإسلامية، والخطر الإسرائيلي خطر على الأمة بكلها، ولذلك لا بد أن يخترق الإطار الرسمي العربي الذي كبل الشعوب عن القيام بدورها من خلال التواصل المباشر المنظم من شعوب المنطقة مع الشعب الفلسطيني والمقاومة في فلسطين.

3- إن الدورَ الذي يقومُ به حزب الله في لبنان في مواجهة إسرائيل والتصدي لها، هو دور لصالح العرب جميعاً وَلصالح المسلمين ولصالح لبنان الذي هو كذلك شعب وبلد عربي، وفي مواجهة عدو لكل العرب ولكل المسلمين، ومن يسعى من قوى العمالة والارتهان للإساءة إلى هذا الدور او تشويهه فهو فاشل، فكل شعوب أمتنا تعرف من هو حزب الله، وماذا قدم حزب الله لبلده وأمته.

4- ضرورة أن تتظافر جهود كُلّ الشرفاء والأحرار والصالحين من أبناء الأُمَّــة في إفشال مؤامرة الأعداء لخلق فتنة طائفية وعداوة بين المسلمين من خلال التكفيريين الذين يعملون لصالح أعداء الإسلام، وهم خطر على السُّنة بقدر خطورتهم على الشيعة كذلك، والذين يعتمد عليهم العدو الخارجي للأمة وَالإسلام لمآرب متعددة منها تشويه الإسلام من خلال جرائمهم الفظيعة المقززة وَالوحشية باسم الإسْلَام وباسم الجهاد، ومنها ضرب المسلمين من الداخل في حروب داخلية تمزق الأُمَّــة وتضعفها وتمكن أعداءَها من السيطرة عليها بكل سهولة، إضافةً إلى استنزاف خيرات الأمة وثروتها وطاقاتها البشرية فيما لا ينفعُ ولا يجدي بل يضر، كما يفعلُ البعضُ حينما يقدمون لأولئك المليارات من الدولارات والتي لو قدموها للشعب الفلسطيني ولصالح القضية الفلسطينية لكان الوضعُ قد تغيّر تماماً، واليوم فإنه يتوجبُ على المسلمين جميعاً العمل على إفشال هذه المؤامرة، من خلال تعزيز الروابط بين أبناء الأُمَّــة بكل مذاهبها، ونشر الوعي الذي يكشف زيف وتضليل أولئك وعمالتهم لأعداء الإسلام.
5 – مطالبة كُلّ المكونات والقوى في بلادنا بالتعاون والتكاتف للحيلولة دون استمرار أمريكا في استباحة سيادة بلدنا، وقتل أبناء شعبنا بطائراتها وبارجاتها، وإخراج جنودها المارينز المنتهكين لسيادة البلد والذين يمثل وجودُهم خطراً على استقلال واستقرار وأمن البلد، باعتبار هذا كله مسؤوليةً، ما أحد يتفضل ولا أحد له مسوغ أن يتنصل، مسؤولية على الجميع.

6- ضرورة المسارعة بالمصالحة الوطنية، حتى تُسد منافذ الشر على مُثيري الفتن الذين يريدون لبلدنا أن يبقى دائماً في صراعات داخلية، ونؤكد على أن يدنا بالإخاء والتعاون والمحبة ممدودة إلى كُلّ مكونات شعبنا بلا استثناء بما فيه مصلحة شعبنا وصالح بلدنا واستقراره.