الخبر وما وراء الخبر

 قرين القرآن

65

ذمار نيوز | من هدي القرآن 19 رمضان 1440هـ الموافق 24 مايو، 2019م

لا يمكن للأمة أن تعرف كيف ترسم طريقها، لا يمكن للأمة أن تعرف كيف تسلك المنهج الذي تمثل في سلوكه الالتفاف مع الصادقين، الإنضواء تحت رايات أعلام الدين، لا بد من استقراء الأحداث، لا بد من معرفة الأسباب، لابد من معرفة الخلفيات.

وهذه قضية ليست جديدة، نحن عندما نربط سقوط الإمام علي (عليه السلام) بحادثة السقيفة على الرغم من قربها فليست قضية مستبعدة، فنحن نسمع اليوم من يقولون عن اليهود: إن الذي جعل اليهود على هذا النحو: يتعاملون مع الأمة بهذه القسوة هو ثقافتهم، تأثر بثقافتهم، تلك الثقافة التي عمرها قرون طويلة قد لا تقل عن ثلاثة آلاف سنة.

فعندما تسمع محللين من هذا النوع يقولون لك: إن تلك الثقافة قبل قرون من الزمن هي التي جعلت اليهود على هذا النحو في نظرتهم للبشرية، في تعاملهم مع الأمم، في انزوائهم على أنفسهم بأرواح شريرة، بقسوة بالغة، بنظرة ملؤها الحقد والكراهية للبشرية، وبالذات للمسلمين إنما ذلك نتيجة انحراف حدث قبل قرون.

لأن ما هم عليه الآن ليس امتدادًا لشريعة موسى في أصلها، في جوهرها، في حقيقتها، ولا تطبيقًا لشريعة عيسى بالنسبة للمسيحيين في أصلها، وجوهرها، وحقيقتها، وما تدعو إليه، لا يمكن لدين من أديان الله سبحانه وتعالى أن يكون أثره في أمة من الأمم على هذا النحو الذي نرى عليه اليهود اليوم، على هذا النحو الذي نرى عليه النصارى اليوم.

إذًا فالكل متفقون، بل لقد سمعنا بعض المحللين من قساوسة المسيحيين يقول: إنما جعل المسيحيين على هذا النحو هو تأثر بثقافة يهودية اخترقت صفوف المسيحيين، فقال: [لدينا مسيحيين يهود، وأنتم عندكم -قال- مسلمين يهود، لكنكم لا تجرؤون على أن تقولوا هذا، فكما لدينا مسيحيين يهود أنتم لديكم أيضًا مسلمين يهود].

لأن اليهود اشتغلوا عملوا في الخطين: داخل المسيحيين من قبل، وداخل هذه الأمة وما زالوا يعملون على هذا النحو إلى اليوم.

بهذه الطريقة، وبهذا الأسلوب نحن نجيب على تساؤل، أو نطرح تساؤل: لماذا استشهد علي؟ لماذا قُتل علي (عليه السلام) وعلى هذا النحو: في المسجد، في شهر رمضان، في ليلة القَدْر، بسيف محسوب على المسلمين، رجل محسوب على هذه الأمة، وبمؤامرة شخص حكم فيما بعد هذه الأمة؟!

إنه الانحراف السابق، الانحراف الذي أدى إلى ماذا؟ على الرغم من تأكيدات الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) لأولئك الذين كانوا على يقين من صدقه، كانوا على يقين من نبوته، كانوا على يقين من حرصه على المؤمنين، كانوا على يقين من حرصه على هداية هذه الأمة، وألا ترتد هذه الأمة، وألا يسيطر الضلال على هذه الأمة.

فلقد قال لهم (صلوات الله عليه وعلى آله): “علي مع القرآن، والقرآن مع علي”، وقال لهم أيضًا وقال للناس جميعًا من بعدهم: “إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا من بعدي أبدًا كتاب الله وعترتي أهل بيتي إن اللطيف الخبير نبأني أنهما لن يفترقا حتى يَرِدَا عليّ الحوض” والإمام علي (عليه السلام) هو رأس أهل البيت، هو رأس العترة الطاهرة، هكذا قال لهم (صلوات الله عليه وعلى آله).

لنأتِ إلى حديث واحد هو قوله (صلوات الله عليه وعلى آله): “علي مع القرآن، والقرآن مع علي” حتى يتجلى لنا أن تلك الانزلاقة التي يراها البعض لم تشكل خطورة على الإسلام والمسلمين أنها في واقعها كانت على هذا النحو.

نحن متأكدون والمسلمون جميعًا يعرفون أن الإمام عليا (عليه السلام) أُقْصِيَ، أُزِيْحَ، أُبْعِدَ عن المقام الذي اختصه به الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) وحل محله أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان.

فعندما نرى الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) يقول: “علي مع القرآن، والقرآن مع علي” فعندما يُقْصَى علي على جنب فبالتأكيد أن القرآن أُقصِيَ معه أيضًا؛ لأنه قرين القرآن لا يمكن أن تتصور أن أحدًا من الناس بإمكانه أن يُقصيَ عليًا جانبًا ويبقى القرآن يعمل، ويبقى القرآن حيًا، ويبقى هو مطبقًا للقرآن، ويبقى هو على منهجية القرآن، لا يمكن ذلك، لو قلنا ذلك لكنا مكذبين بهذه المقارنة المؤكدة، الصريحة، التي قالها الرسول (صلوات الله عليه وعلى آله) في هذا الحديث المتواتر، المعروف عند الجميع: “علي مع القرآن، والقرآن مع علي”.

وعندما يُقصى علي ففي الواقع أُقصيَ القرآن معه على جنب، أليس هذا انحراف خطير؟ لذا كان طبيعيًا بعد ذلك الانحراف أن نرى العظماء، أعلام الدين، الصادقين، يسقطون واحدًا تلو الآخر داخل هذه الأمة، ونرى الكاذبين المنحرفين هم من يَلُوا أمر هذه الأمة، هم من يتحكمون في شؤون هذه الأمة، هم مَنْ بعد تحكموا في هذا الدين فقدموه بشكل آخر.

يصبح هذا طبيعيًا، أن ترى معاوية يحكم البلاد الإسلامية، بعد أن رأيت أمير المؤمنين قرين القرآن سقط شهيدًا في محرابه؛ لأنه: لولا أبو بكر لما كان عمر، لولا عمر لما كان عثمان، لولا عثمان لما كان معاوية، هذا شيء مؤكد لا شك فيه.

ماذا يفيدنا هذا بالنسبة لنا؟ بالنسبة لنا؟ بالنسبة لنا سنرجع إلى نفس الحديث: “علي مع القرآن، والقرآن مع علي” وسنظل مع علي أينما كان، نظل مع منهجية علي أينما كان حتى وإن كان قد أُقصيَ، نحن لا نلتفت إلى الكراسي، إلى العروش، إلى القصور، فمن وجدناه في سُدَّة الحكم قلنا: ذلك أمير

#دروس_من_هدي_القرآن_الكريم

#ذكرى_إستشهادالإمام_علي_”ع”

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

بتاريخ: 19 رمضان 1423هـ

اليمن – صعدة

الله أكبر

الموت لأمريكا

الموت لإسرائبل

اللعنة على اليهود

النصر للإسلام