الخبر وما وراء الخبر

أفي سلامة من ديني ؟

56

بقلم | سعاد الشامي

إلا يحق لنا أن نطأطئ رؤوسنا خجلا ونحن نقرأ هذه العبارة ” أفي سلامة من ديني ؟” لنعترف أمامها بالضعف والهوان ويزملنا الفشل والخزي والعار ونحن نشاهد بأم أعيننا التدهور الذي وصل إليها حال ديننا الإسلامي ؟!

قائل هذه العبارة هو إنسان كان قد بلغ أعلى درجات الكمال الإيماني وأرقى مقامات المبادئ الإنسانية والأخلاقية وحاز على المحبة السماوية والولاية الإلهية ومن منا لايعرف أمام المتقين وسيد الوصيين نفس رسول الله ورفيق دربه وابن عمه الأمام المرتضى علي بن أبي طالب صلوات ربي وتسليمه عليهم أجمعين.

الأمام علي عليه السلام بمنزلته السامية وخصوصياته المقدسة قال هذه العبارة في أصعب وأحرج موقف قد يتعرض له الإنسان بفطرته البشرية عندما يسدى إليه خبر كيفية وفاته ونهاية أجله ليعتريه مايعتريه من الخوف والقلق والاضطراب على زوال روحه من هذه الحياة ومغادرتها إلى عالم الغيب ولكن الأمام علي هنا حين أخبره رسول الله بقصة أستشهاده وبأن لحيته ستخضب من دم رأسه كان خوفه على سلامة هذا الدين و بعد أن حصل على الطمأنينة من رسول الله بكلمة نعم قائلا بعدها “والله لا أبالي أوقعت على الموت أو وقع الموت عليا “. لا يهمه الموت ولو تقطع أربا أربا مادام ودينه سالما له.

أين هم اليوم أبناء الاسلام من موقف الأمام علي عليه السلام ؟!

هل مازالون يحملون في أفئدتهم شيئا من الحرص على سلامة هذا الدين ؟!

أم أن سلامة أجسادهم ووجوهم وبطونهم وجيوبهم وسلطانهم ونفوذهم هو الهم الوحيد والسرمدي المرافق لهم في سائر أيامهم وشتى أحلامهم؟!

كم هو مؤلم فعلا أن يستهدف هذا الدين الإسلامي في ثوابته وماهيته وحقيقته وروحه من خلال حملات التدجين والإنحراف والضلال التي يشنها أعدائه من اليهود والنصارى بعد أن نجحوا في نشر الجراثيم الداعشية والفيروسات القاعدية الضارة والفاتكة بجسد الدين وصنع إسلام مزيف على الطريقة الوهابية اللعينة وتسويقها كنموذج لهذا الدين.

ولكن الأشد إيلاما أن لايلتفت أبناء هذا الدين إلى هذا الخطر الكبير والمخطط اللعين ويصيبهم من الغباء والحماقة ما يجعلهم تجاه هذا الدين كجذوع النخل التي اجتثتها رياح الكفر وأبقتها خاوية على عروشها.

سلامة الدنيا والحرص على البقاء والإستمتاع فيها بعيدا عن الدين السليم هي ما ولدت اليوم لدى الكثير من الناس شعور الدهشة والتعجب والإستغراب تجاه تضحيات الشهداء وإستبسال المجاهدين ورواد الثقافة القرآنية لذلك نراهم تارة يجزمون بأن هؤلاء مغرر بهم وتارة يؤكدون بأن بذل هؤلاء ماهو إلا تحت مفعول السحر وتارة أخرى يتهمونهم بتعاطي مواد تجعلهم فاقدي الوعي والإحساس بحيث يمتلكون الجرأة على التنازل عن هذه الدنيا وملذاتها بكل سهولة خاصة ومازال معظمهم في مقتبل العمر !

من فرط غبائهم وتدجين أفكارهم باتوا لا يدركون أن سلامة الدين هو المرتكز الرئيسي لضمان السلامة الجوهرية والحياة الكريمة في الدنيا والآخره وأنها منهجية الأولياء والأتقياء من قرناء القرآن وحامليه إبتداءا بالامام علي عليه السلام ومن لحق به من أبنائه وأحفاده إلى أن سطع من صعدة نجم حسين العصر ليسير بذات الدرب الجهادي ويتخرج من مدرسته النورانية ومشكاته القرآنية عمالقة هذا الزمان الذين باعوا الله دنياهم فلم يخرجوا بطرا ولا أشرا ولم ينطلقوا رياء ولا سمعة ولم يهبوا طمعا في سلطة ولا رغبة في شهره ولا طلبا لجاه ولا سعيا لثروة وأنما حرصا على أن يلاقوا ربهم ومازالوا في سلامة من دينهم.