إستهداف قرين القرآن إستهداف للقرآن والدين والأمة.
ذمار نيوز | خاص | تقرير :فؤاد الجنيد 18 رمضان 1440هـ الموافق 23 مايو، 2019م
في مثل هذا اليوم الـ18 من شهر رمضان المبارك قبل أربعة عشر قرنا من الزمان، شهدت البشرية اسوأ عملية اغتيال في تاريخها، استهدفت فيها الأمة في دينها وكيانها وقوتها وصلابتها، كيف لا والمستهدف في هذه الجريمة هو الإمام علي عليه السلام، والحديث عنه لا تسعه المجلدات ولا تحصيه الأرقام، حتى قال ابن عباس، لو أن الشجر أقلام، والبحر مداد، والإنس والجن كتاب وحساب، ما أحصوا فضائل أمير المؤمنين عليه السلام.
شخصية استثنائية
الكتابة أو الحديث عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام ليس بالأمر السهل على الاطلاق، لأننا لسنا أمام شخصية تاريخية احتلت مكانة مرموقة في المجتمع الإسلامي فحسب، حتى نقدم ضبطاً لمفردات هذه الشخصية وحركتها الاصلاحية من خلال التراث التاريخي المكتوب، كما نتعاطى مع أي مصلح وإمام في العالم، بل نحن أمام شخصية قدمها اللَّه تعالى كإنسان كامل، وفق خطوط رسمها القران الكريم وحددت معالمها مفاهيم الإسلام العظيم، ولذلك كانت حياة الإمام عليه السلام تجسيداً للإسلام، وحينما نقدم الإمام عليه السلام فنحن نقدم الإسلام بأبهى صورة وأدق تطبيق، وعلينا أن لا ننظر للإمام عليه السلام كشخص عاش في التاريخ، بل الإمام عليه السلام تجاوز زمانه ومكانه ليكون المحور الذي يصاغ على أساسه الحضارة الإسلامية. ومن هنا فإن شخصية الإمام علي عليه السلام مؤهلة لأن تكون القدوة لصنع واحياء الفرد المسلم وكذلك لنتعلم كيف يحيا المسلم، بناء على هذا إذا أردنا أن نتحدث عن أمير المؤمنين عليه السلام لا ينبغي أن يكون للتيمن والتبرك بذكره فقط، بل للتعلم منه والاستفادة من مشعل نوره لحل المشكلات ولإزالة العوائق.
سليل النبوة
هو عليه السلام إبن عم الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأول من لبّى دعوته واعتنق دينه، وصلّى معه، وأفضل الأمة مناقباً، وأجمعها سوابقاً، وأعلمها بالكتاب والسنة، وأكثرها إخلاصاً وعبادةً لله تعالى، وجهاداً في سبيل دينه، فلولا سيفه لما قام الدين، ولا انهدت صولة الكافرين، حيث قال رسول الله صلى الله عليه وآله مراراً وكراراً في ردع المنافقين والطلقاء من الأمة: “ما قام ولا إستقام ديني إلا بشيئين: مال خديجة وسيف عليّ بن أبي طالب عليهما السلام”. فهو أمام المتقين والصراط المستقيم وسيف العدالة السماوية وقسيم النار والجنة وقاتل صناديد الكفر والنفاق والشقاق ومؤدب الطلقاء وأب الايتام وكافل الارامل وأعلم الصحابة بأسباب نزول القرآن، ومعرفة تأويله، وأخا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال: “أنت أخي في الدنيا والآخرة”، وقال: من أحب عليا فقد أحبني، ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغض عليا فقد أبغضني، ومن أبغضني فقد أبغض الله ومن أبغض الله كفر.
البديل السماوي
لقد كان الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، هو ذلك البديل الذي اعده رسول الله صلى الله عليه وآله اعدادا رساليا خاصا ليحمّله المرجعية الفكرية والسياسية من بعده، كي يواصل عملية التغيير الطويلة الرائدة بمساندة القاعدة الواعية التي اعدّها الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم له من المهاجرين والانصار. ولكن الجاهلية المتجذرة في اعماق ذلك المجتمع ما كانت لتندحر في “بدر” و “حنين” وخلال عقد واحد من الصراع والجهاد، وكان من الطبيعي ان تظهر من جديد متسترة بشعار اسلامي كي تستطيع ان تظهر على المسرح الاجتماعي من جديد ولو بعد عقود من الزمن، وكان من الطبيعي ايضا ان تتسلل الى المواقع القيادية بشكل مباشر او غير مباشر.
تيار جارف
لقد اصطدم التخطيط الرائد بواقع كان متوقعا للنبي صلى الله عليه وآله، وبتيار جارف يعود الى نقصان الوعي عند الامة التي تشكل القاعدة الامينة لحماية القيادة الرشيدة بحيث لم يكن يدرك عامة المسلمين بعمق ان الجاهلية تتآمر وراء الستار عليهم وعلى الثورة الاسلامية الفتية، وان القضية ليست قضية تغيير شخص القائد بقائد آخر، وانما قضية تغيير خط الاسلام المحمدي الثوري بخط جاهلي متستر بالاسلام.
الإمام المظلوم
إنّ هذا الإمام الملهم العظيم أوّل مظلوم في دنيا الإسلام ، فقد طافت به المحن والأزمات يتبع بعضها بعضا بعد وفاة أخيه وابن عمّه الرسول صلىاللهعليه وآله وسلم، وراحت القوى الحاقدة عليه تهتف بقوى محمومة:” لا تجتمع النبوّة والخلافة في بيت واحد”. واُقصي الإمام عن الخلافة وقيادة الامّة، وقبع في أرباض بيته يسامر الهموم ويبارح الأحزان ويصعّد آهات آلامه، فقد عامله القوم كمواطن عادي، والغيت في حقّه جميع وصايا الرسول.