الخبر وما وراء الخبر

 “باسم الله يُقتل اليمنيون”

42

بقلم د.| أسماء الشهاري

تُرى يا إلهي هل مازلت أعيش الكابوس المرعب الذي بدأت قصتي معه في منتصف إحدى الليالي الموحشة ؟!
لا أعرف كيف دخلت فيه، لا أعرف لماذا لا أستطيع الاستيقاظ منه؟!

حاولت أكثر من مرة أن أستجمع قواي وأصرخ بأعلى صوت وبكل ما أوتيت من قوة علّني أستطيع أن أفيق منه، ثم أتركه يغادرني ويغادر مُخيلتي ولا يعود ثانيةً إلى الأبد.
لكن لا جدوى فمهما حاولت لا أزداد إلا إيغالاً فيه وكأنّي وسط رمال متحركة تسحبني إلى باطن الأرض دون أن أمتلك القدرة على عمل شيء، فلا قدرة لي على دفع جسدي خارجاً منها أو بعيداً عنها.

منذ أن دخلت فيه، بل منذ أن أتى إليَّ وأنا أرى في كل ليلة أشلاء متفحمة لجثث المئات بل الآلاف من الأطفال ومنازل مهدمة ومبعثرة ونساء مجندلات مع أجنّتهن في بطونهن أو أطفالهن إلى جانبهن وفوق صدورهن، وأرى أيضاً جماجم تملأ الأفق لرجال كُثر. كثر جداً، لم أعد أعرف هل أنا أراهم في أسواق أم صالات أفراح وعزاء أم مصانع ومساجد أم على قارعة الطريق؟!

بل أعتقد أن هناك طفلة كانت ذاهبة إلى المدرسة فأصبح حجابها محنّى بدمائها الطاهرة.
يا إلهي. أين أنا، لماذا لا أُفيق؟! خذ بيدي يا إلهي. أيقظني من هذا العالم المخيف أو اقبضني إليك، فما عُدتُ أقوى على البقاء.

في كل يوم أسمع صراخاً لأطفال دُفِنوا تحت فِناء منازلهم.
أرى دماءهم وجماجم رؤوسهم المهترئة .

لا أيها العالم الخانع الأعمى والأبكم، لا تُسيء فهمي، فأنا لا أقصد استرجاءك ولا استدعاء عطفك ولا استدرار دموع عينيك العميائين، فأنت ميت. نعم. أنت في حكم الأموات، وقد أخبرنا الله أن لا فائدة تُرجى من مناداة الموتى واسترجائهم.

هل تعلم لو كان للجبال قدرة على أن تترك هذا العالم لما تأخرت هنيهة ولكانت قد تركته منذ أمدٍ بعيد، ولكانت البحار والمحيطات قد تبخّرت وتلاشت في الهواء ولكانت الكواكب قد تبعثرت في الأرجاء من هول ما ترى وتسمع من مظلومية شعب اليمن وأطفال اليمن؟!
وأنت. أنت فقط لم تحرك ساكناً، لأنك ميت. لم يعد فيك شيء يسمع ولا يبصر ،
لا قلب ولا روح ولا في عروقك دماء .

كم ناشدتك أيها الإنسان. يا أخي في الإنسانية . أخبرتك والصور هي من تتحدث عن نفسها أن هناك مجازر بالجملة في كل يوم ومكان على أرض الحكمة والإيمان، وفي كل مرة تفنن منقطع النظير في ارتكابها؛ إذ إنه لا بدّ لمصاصي الدماء أن يتفننوا في كل مرة باقتراف جريمة أشنع وأفظع من سابقاتها وأن يحصدوا أكبر عدد ممكن من أرواح الأبرياء حتى يرضوا الشيطان الأكبر، ولكي تتلذذ أرواحهم الشيطانية القذرة بمشاهدة أشلاء الأطفال المضرجة بالدماء وكأنهم يحتسون شراب نشوة الانحطاط من جماجمهم الحية التي تصطرخ بين أيديهم وفي وجوههم وتلعن الساكتين عنهم ومؤيديهم.

أعرف أني مهما قلت فليس هنالك من يسمع نداءات الأطفال واستغاثات أبدانهم الغائرة في جوف الأرض ولا أرواحهم الحزينة الباكية المحلّقة في هذا الفضاء، أعرف أني مهما ناديت يا أهل هذا الكوكب أن انظروا وأفيقوا. فلا صدى لصوتي وبين الناس لا أحياء .

أيها المجرمون أبيدوا الإنسانية إن أردتم فلا رادع يردعكم ولا وازع من دين أو قيم تجري في عروقكم ولا إيمان بالله وآخرته وعقابه وناره يخيفكم، لكن على الأقل كفى كذباً على الله وقتلاً باسمه.

كفى تشويهاً لرسول الله وتحريفاً لما جاء به.
كفى إساءةً للإسلام الذي هو دين الرحمة والسلام، لا دين الوهابية وسعود.
لماذا تنسبون القبح والشر إلى من بيده الخير سبحانه ؟!

فأنتم تدعون زوراً وبهتاناً أنكم الدولة التي تمثل الإسلام وتقوم على خدمة الدين وتسعى لنشره في الأرض!
لكن الدين الذين تسعون لنشره هو دينٌ آخر لا يمُت لدين الإسلام الحنيف الذي جاء به محمد بن عبدالله صلى الله عليه وآله وسلم بأي صلة، فأنتم منحرفون وبعيدون عن تعاليمه ونهجه بعد السماوات عن الأرض بل ومخالفين لكل حرف جاء به حتى لم يعد يخفى ذلك على أحد إلا من في قلبه مرض مثلكم، بل أنتم يد الأعداء الطولى في حربه وتشويهه في جميع أسقاع الأرض.

إن ما تدعون أنه الإسلام الذي تمثلونه إن هو إلا دين إرهابي وهابي مُتأمرِك يمثل نفسياتكم الخبيثة المنحدرة في كل جوانب الرذيلة والانحطاط والسفاهة والصغار حتى أصبحت نفوس الأعداء الذين يستخدمونكم يعافون حتى ارتداءكم كأحذية لهم!

وعن أي خدمة حرمين تتحدثون وأنتم لم تألوا جهدا في محاربة وقتل كل من يقصدونه في شتى بقاع الأرض بشتى السبل وحتى من يعيشون في بلدانكم ولم تتورعوا عن استخدام أبشع الطرق وأشنعها والتي لم يسبق لها مثيلا في تاريخ الجريمة وقواميس الخزي والعار!
فأنتم منسلخون عن الدين القويم وحتى عن كل معنىً من معاني الإنسانية!

إذن إسلامكم هذا هو ليس دين الإله ولا الرسالة التي أرسل بها محمد بن عبدالله ولا الكتاب السماوي الذي أنزله وارتضاه وحاشاه.

فلتتركوا الإله من افتراءاتكم . كفاكم كذباً عليه أيها الأدعياء، فطائراتكم اللعينة تقتل الأطفال وهي تحمل اسم الله ومكتوب عليها شعار “لا إله إلا الله محمد رسول الله”،
وكأنكم تريدون اضفاء الشرعية إلى جرائمكم والقداسة إلى قبائحكم..
ألا يكفيكم حرباً لهذا الدين وإجراماً باسمه.
آلله أمركم بالاعتداء وترويع الآمنين ودفن الأحياء؟
آلله ورسوله أذنا لكم بموالاة أعداء ربكم وأعداء دينكم ونبيكم وقتل المسلمين وأن تكونوا سُلّما وعونًا للأعداء وناراً وحربًا على الأتقياء؟
آلله أذن لكم أن تتزعموا وتكونوا في مقدمة من يحاربونه ودينه ونبيه وتعيثون في الأرض فساداً ودماراً وسفكاً للدماء؟
لماذا تغتالون كل جميل وتحاربون كل فضيلة؟
لماذا طائراتكم في السماء لا تستحي أو ترتدع من قتل الأطفال باسمه ودواعشكم في الأرض تستبيح الحرمات باسمه أيضاً؟
وكأنكم تحاربون تحت لوائه المقدس وما أنتم إلا وحوش تقاتل تحت راية الشيطان.

لكنكم مهما حاولتم ادعاء الإيمان
ولبس عباءة الإسلام حتى حال ارتكابكم كل هذه المجازر البشعة؛ فهذا لن يستر قبحكم وعمالتكم وارتماءكم في أحضان الصهاينة واليهود وتنفيذكم لمخططاتهم وبيعكم لقضايا أمتكم وأوطانهم.

وإن حاولتم التستر على حقيقتكم البشعة تحت هذه الشعارات، فلن تستطيعوا طمس الحقيقة، لأنَّكم هكذا تزدادون قبحا وبشاعة مهما تواطأ معكم الكثير من دول العالم إلا أن هناك أحراراً كثر في جميع شعوب العالم يدركون حقيقتكم ويتنبهون لخطركم
والأهم من ذلك أننا على ثقة ويقين أننا أنصار دين الله، وأبناء أنصار رسول الله،َ وأنكم أهل الكفر والنفاق كما قال تعالى “الأعراب أشدُّ كفراً ونفاقاً”
وأننا صامدون حتى تحقيق النصر وكسر طغيانكم، أنتم بتحالفكم ونفاقكم ونحن بإيماننا وثقتنا بربنا، ويقيننا بتأييده لنا.
وما النصر إلا من عند الله