الخبر وما وراء الخبر

“اليمن.. المغامرة تفشل والحلفاء يسارعون لإنقاذ السعوديين!”

124

هشام الهبيشان


يراقب العالم كله اليوم مسار ونتائج وتداعيات الحرب السعودية الشعواء على اليمن، هذه الحرب العدوانية التي تعتبر في توقيتها ونتائجها المستقبلية عنواناً لمرحلة جديدة قد تغرق المنطقة بأكملها في مسار فوضوي قد يمتد لسنوات عدة ، هذه الحرب العدوانية التي وصفها بعض الساسة السعوديين عند بدايتها “بالصفعة القوية للتمدد الايراني في المنطقة العربية”…وهنا بالتحديد نعرف جميعا أن النظام السعودي هو الذي تلقى الصفعة الكبرى والقوية نتيجة هذه المغامرة ” في المحصلة، وبغض النظر عن الأسباب المعلنة أو المخفية وراء الكواليس للعدوان السعودي على الدولة اليمنية، يمكن القول اليوم أن النظام السعودي قد أخذ المنطقة العربية والاقليم ككل برمته إلى مغامرة ومقامرة جديدة، ستكون لها تداعيات ونتائج خطيرة، بل خطيرة جدا.

القوى الإقليمية والدولية بدورها تدرك جيدا، أنّ مغامرة السعوديين الأخيرة على حدودهم الجنوبية وإشعال فتيل حرب وصراع جديد في المنطقة، كانت لها تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة واستقرارها الهشّ والمضطرب، وتدرك هذه القوى أنه ستكون لنتائج هذه الحرب العدوانية آثار كارثية على مستقبل المنطقة وأمنها ،والمرحلة المقبلة من المؤكد أنها ستحمل الكثير من التكهنات والتساؤلات، بل المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، وذلك لأنّ للمعركة أبعاداً مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسارها يخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً ،بعد مرور ما يقارب التسعة أشهر على انطلاقها.

ونحن هنا عندما نتحدث عن مغامرة النظام السعودي باليمن وهذه الحرب العدوانية ،لا يمكننا أبداً أن نفصل ما يقوم به النظام السعودي باليمن عن ما جرى وما زال يجري وما يقوم به النظام السعودي من مغامرات مباشرة وغير مباشرة في سورية والعراق وليبيا، فاليوم هناك ترابط عضوي بين مجموع هذه الأحداث، والنظام السعودي بالدرجة الأولى يتحمل جزء كبير من نتائجها ، فهناك معادلة شاملة لكل الأحداث والحروب والصراعات التي تعصف بالمنطقة، ومن الطبيعي أن تكون لهذه المعادلة “أدوات تحركها”.
وبالعودة إلى الملف اليمني ،اليوم وبعد مرور ما يقارب التسعة أشهر على الحرب العدوانية السعودية على اليمن ،يمكننا القول إن اليمنيين نجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة هذه الحرب، وهم اليوم يعملون على التصدي والرد على هذه الحرب العدوانية، وهناك معلومات مصدرها دوائر صنع القرار العسكري اليمني التابعة للجيش اليمني وأنصار الله ،تؤكد أن هناك اليوم تحضيرات عسكرية كبرى للرد على هذا العدوان بشكل مباشر من خلال العمل على تدعيم خطوط الدفاع العسكرية الأولى بالشمال اليمني والسعي لاسترداد بعض المحافظات الجنوبية التي أصبح بعضها وبفضل العدوان السعودي مرتعا خصبا للتنظيمات المتطرفة “داعش والقاعدة “، وعلى محور آخر يبدو واضحا أن هناك عملا عسكريا قد بدأ على أرض الواقع فعليا يقوده الجيش اليمني وأنصار الله ويهدف إلى التعمق داخل مدن الجنوب السعودي “جيزان ونجران وعسير ” المحاذية للحدود الشمالية اليمنية .

السعوديون بدورهم يدركون جيدا حجم الضرر والخطر اللذين قد يلحقان بالمملكة، نتيجة هذا الخطأ الفادح وتأكيد فشل هذه المغامرة وهذه الحرب العدوانية على اليمن ، وخصوصا بعد انهيار تحالفهم العشري ،ولهذا بدأوا اليوم فعليا يبحثون عن مخارج سياسية ،ويتخبطون بتصريحاتهم السياسية والعسكرية عن نتائج ومستقبل هذه الحرب العدوانية على اليمن ،اليوم هناك حديث عن وقف اطلاق نار شامل باليمن والمتوقع وفق المعلومات المسربة أن يكون بشكل دائم “مرحليا ” ،وهذا ما أكدت عليه بعض القوى الدولية والاممية الراعية لهذه المحادثات الهادفة إلى إنقاذ النظام السعودي الذي غرق كثيرا بالمستنقع اليمني، وبدأت هذه القوى الدولية وبعضها حليف للنظام السعودي تخشى فعليا من انهيار مفاجئ وهزيمة مباشرة للحليف السعودي باليمن.
بهذه المرحلة ،من الواضح أن هناك قلقاً فعلياً بدوائر صنع القرار الأمريكي من التداعيات المستقبلية لهذه الحرب على الحليف السعودي بالدرجة الأولى وعلى مستقبل وتطورات ونتائج هذه الحرب ، طبعا هذا القلق نابع من براغماتية واشنطن النفعية التي تتلخص في خشيتها من اندلاع حرب مفتوحة في المنطقة ستضرّ بانسيابية تدفق النفط الخليجي من باب المندب إلى الغرب، وقد تتطور إلى حرب إقليمية مفتوحة قد يكون «الإسرائيليون» جزءاً منها، هذا ما تخشاه واشنطن اليوم، لذلك فهي تعمل على إضعاف كلّ العوامل التي قد تؤدي الى تبلور معالم هذه الحرب.

ختاما ،يبدو أن الساعات المقبلة، ستحمل المزيد من التطورات بالملف اليمني ،وخصوصا مع الحديث عن قرب التوصل لاتفاق شامل “مرحلي “لإطلاق النار باليمن الذي سيتبعه على الارجح مناقشة تفاصيل الحل السياسي ، وكل هذا الحديث يجري بالوقت الذي تستمر فيه تفاصيل الحرب العدوانية على الشعب اليمني “،ولكن بحال فشل التوصل لهذا الاتفاق ، من المتوقع أن تكون لتداعيات هذا الفشل سيناريوهات وتداعيات عدة سنشهدها مع مرور القادم من الأيام، فهل يستطيع السعوديون تحمل تداعياتها، وخصوصا أن لهم تجارب عدة في الصراع مع الشعب اليمني منذ عام 1934م، ومن هنا سننتظر المقبل من الأيام لنقرأ نتائج هذه التطورات بشكل واضح.