الخبر وما وراء الخبر

التناقض الفكري في الإستجابة لأوامر الله

40

كتبت / سعاد الشامي

خلق الله البشر لغاية واحدة وهي عبادة الله ، ووكل إليهم مهمة استخلاف الإرض وفقا لمعايير ودلالات هذه العبادة بحيث لايمكن أطلاقا حدوث أي خلل قد يؤدي إلى إنحراف مسار الدين الذي وكلوا بحمله وإتباع كل توجيهاته وأوامره التي شرعها الله لهم من منطلق رحمته بهم لتعينهم وتساعدهم على إنجاز هذه المهمة الإساسية في الحياة.

وماكان الله وهو الحكم العدل ليخلق هؤلاء الناس ثم يحملهم من المهام مالاتقوى عليها افئدتهم وأجسادهم فهو وحده العليم الخبير بإمكانيات خلائقه ومقدرات صنيعه ، وهو الخالق المصور الذي خلقهم في أحسن تقويم ومنحهم كل مؤهلات ومقومات الإستجابة ، لذلك عندما ارسل محمد صلوات ربي عليه وعلى آله بدين الإسلام أرسله رحمة لكل العالمين بلا إستثناء.

فهذا الخالق الواحد الأحد الذي قال ( كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) هو ذاته عز وجل من قال ( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) ، أوليس هنا اله واحد وأوامر واحدة تنطلق من ذات المشكاة القرانية وخطاب موحد للجميع وأثر محمود في كلتا الحالتين وإن أختلفت المسميات ” التقوى والخير” وتحتويها سورة واحدة “البقرة” ؟!
فماالذي فرق بين هذه التوجيهات ؟!
أوليس من فرض الجهاد هو من فرض الصيام ؟!
لماذا نتهرب من أداء واجب ونسعى إلى تأدية الواجب الآخر ؟!
هل اصبحنا إيماننا شبيه بإيمان بنو اسرائيل لنؤمن ببعض الكتاب ونكفر ببعض ؟!

هل اشعرنا الله مثلا بتمييز او تفضيل بين كلتا الآيتين ؟!
أم أنهما فرضان كتبهما الله علينا ونحن من نتنصل عن حمل مسؤوليتنا الجهادية ونحاول مخادعة أنفسنا وإقناعها بأن غيرها من الفروض الأخرى كفيلة بجعلنا ننجح في هذه المهمة ونفوز بالجنة !!

مع أن الله قد صرح بكل وضوح قائلا ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين ).

أوليس من التناقض العجيب أن نجد اليوم الكثير يسعون مهرولين إلى الأسواق وينفقوا كل مابحوزتهم من الأموال ليعدوا لمطابخهم مايكفي بطونهم من الأكل والشرب في هذا الشهر الكريم الذي شرع الله به الصيام لغاية تزكية النفوس لا لغايه إشباع البطون، بينما هناك عدوان جائر على بلادهم للعام الخامس يستوجب منهم الجهاد بالمال والنفس والجبهات المفتوحة في معظم المدن اليمنية تنادي الجميع مع ذلك تراهم لايقدمون على إنفاق ريالا واحد وقد عجزت أقدامهم عن حملهم إلى مواطن الجهاد !!

مؤلم أن نرى الكثير من القلوب التي طبعت بطابع الجمود والقعود ، ولكن الأشد إيلاما أن مثل هذه القلوب تتغاضى عن فرض الجهاد الذي أقترن مباشرة بالجنة وأخذ أكبر مساحة في القران الكريم مقارنة بغيره من الفروض الأخرى ، ومثلها لن تدرك بأن أجر العبادات مرهون بأثرها لا بأقامتها وأن الله الذي أنزل دينه متكامل لن يؤخذه من العباد إلا كامل.