طلابنا ومصيدة الفراغ: ماذا بعد الامتحانات..؟؟
ذمار نيوز | خاص | تقرير : فؤاد الجنيد 27 شعبان 1440هـ الموافق 2 مايو، 2019م
أيام عصيبة مثخنة بالجهد مرت على أولادنا وشبابنا طيلة عام دراسي فيه ما فيه من الجهد والصبر والتعب والسهر، تكلل بامتحانات نهائية أخذت كل وقتهم حتى بتنا نرى بعض الشباب يؤجّلون جلساتهم على شبكات التواصل الإجتماعي كـ «فيسبوك» و «وتساب»، ويطلقون عبارات لأصدقائهم مثل: «وداعاً» أو «عذراً يا فيسبوك»، أو «مغلق بسبب الامتحانات»، وغيرها من العبارات، بحثاً عن النجاح في الامتحانات النهائية، ويبقى السؤال المهم: هل حرص الشباب كحرصهم هذا في الامتحانات المعنوية..؟! كأن يختبر الشاب نفسه في صدقه وأمانته في التعامل مع اخوانه، وإخلاصه في العمل، ودوره في سبيل دينه ووطنه..؟؟
ماذا بعد الامتحانات
قبل أيام كانت الأسر واضعة أكفها على قلوبها حتى لا تنفرط من شدة الخوف ألا يحالف الحظ أبناءها في الامتحانات خصوصا بعد إنفاق كبير من الجهد والمال طيلة السنوات، أملا في الولوج إلى سلك أعلى، وتواكب معها مرحلة جديدة من الصبر والمصابرة على شد الأحزمة ومواجهة أعتى التحديات، كل هذا أمر طبيعي ينال كل الناس حظه منه، لكن السؤال الذي يطرح بحدة، بعد كل هذه الهواجس هو ماذا بعد الامتحان؟، وأين تتجه اهتمامات الأبناء وأنظارهم بعد كل تلك المعاناة بعد أن تعود الأفواج من البنين والبنات إلى البيوت منهكة من جراء الجهد، تحمل بين أجنحتها آمالا عريضة في النجاح، فإذا أعلنت النتيجة بالسلب أو الإيجاب، انتشرت لتبحث لنفسها عن ملاذ آمن تروح فيه عن النفس، لتستعيد ما ضاع منها قبل وأثناء الامتحان، وإن كان ذلك يتم غالبا بكيفية خارجة عن الضوابط الشرعية والعقلية، من الإسراف في اللعب والسهر وإهدار الوقت والتحلل من كل الالتزامات، وهذا يدعو إلى تنبيه جميع الأسر إلى ما يجب فعله بعد الامتحانات.
برامج صيفية أسرية
لا تعني العطلة الصيفية فيما تعني، التحلل من المسؤوليات والواجبات وما أكثرها، سواء الواجبات الدينية أو الدنيوية من إقامة الصلوات في أوقاتها، ورعاية حقوق الوالدين خاصة في حالة العجز والحاجة إلى الخدمة والمواساة، وكذا الاستزادة من العلم عملا بالأثر “طلب العلم فريضة على كل مسلم”؛ لأن العطلة لا ترفع هذا الواجب، بل يظل قائما، تتخير له فترات الفراغ والشوق ضمانا للتحصيل الراسخ. صحيح أن الأبناء يتعطشون إلى الحرية المطلقة، بعيدا عن الالتزام، لكن لا بد لأولياء الأمور أن يخططوا تخطيطا محكما لاستثمار أطول عطلة وهي عطلة الصيف، وترتب أولويات اهتمامات الأولاد بما يخدم مكونات شخصيتهم النفسية والوجدانية والعقلية، وبذلك تلبي العطلة حاجات الأبناء المتنوعة وبشكل متوازن، وقد يعتبر البعض هذا التوجيه طموحا بعيد التحقيق، خاصة في ظل التمثلات الخاطئة للعطلة باعتبارها زمن الحرية والراحة، لكنه إذا تأمل في تراثنا التربوي يجد أن الوقت وحسن إدارته مسؤولية لا تقل حجما وثقلا عن المسؤوليات الأخرى، بل هو رأس مال الإنسان في هذه الحياة، وأغلى شيء في الوجود، إذ على أساس حسن استثماره تقاس الأمم وترتب في سلم الحضارات، فكلما كانت واعية بهذا الواجب، وماضية في التنفيذ وبارعة في التقدير، إلا واحتلت أعلى المراتب، وهذا هو الفيصل في التفاوت بين الأفراد والأمم.
تنبيهات لكل الأسر
لا ينبغي تكريس المفهوم السلبي للعطلة، كما يلاحظ ذلك في واقع الناس في عطلة الصيف من العطالة والتحرر وفتح كل أبواب العبث، والاستسلام للدعة والاسترخاء المتواصل، ووضع حد لكل ما هو جدي ولو عاد بالنفع، الأمر ليس كذلك، فالوقت قيمة ومسؤولية، بل أول ما يسأل عنه ابن آدم يوم القيامة، ولضمان استثمار العطلة الصيفية بنجاح يتعين على أولياء الأمور أن يضعوا برنامجا صيفيا متكاملا يستجيب للرغبات والحاجات في نفس الوقت، وأرقى من ذلك إشراك الأبناء في تلك البرمجة حتى يحسوا بالاعتبار، ويشعروا بالارتياح، وهو هدف مقصود لذاته من التكامل العائلي الذي يترك آثاره الإيجابية على تحقيق النمو النفسي وأمنه.
مسك الختام
يجب على شبابنا اليوم ان يتحملوا المسؤولية الأخلاقية والدينية والوطنية، وان يكونوا أهلاً لكي يقوموا بدورهم وان ينهضوا من واقعهم المرير إلى واقع افضل، وكما تحملوا الامتحانات وسعوا للنجاح فيها، عليهم أن يستعدوا للامتحانات الالهية والإختبارات والابتلاءات، التي تواجههم خلال العطلة الصيفية. فيجب على الطالب بعد مرحلة الامتحانات تكثيف وجوده بين اوساط المجتمع بشكل فعّال، والقيام بادوار اجتماعية وخيرية وانسانية، لا أن يفكر فقط بنتائج الامتحانات ويكون همه الوحيد النجاح، في حين يفترض أن يكون النجاح في المدرسة وفي المجتمع في وقت واحد، إلى جانب الأدوار الجهادية المتعددة التي يجب أن يقوم بها الشباب في هذه المرحلة العصيبة من العدوان على البلاد ليكونوا شركاء في بناء أرضية الصمود وصناعة مفاتيح الإنتصار.