الخبر وما وراء الخبر

زهرتي أذبلها العدوان!!

38

بقلم| إكرام المحاقري

هل يجدر ان أقول كانت لديّ طفله!!! وهل هذا من الإنصاف! !! لم يكن بها أي سوء، فقد أشرقت شمس صباح الأحد وطفلتي نشيطة تتمتع بحيوية كاملة ، قبلتها ولم أعلم انها قبلة وداع ، أحتضنتها ولم أعلم انه الحضن الأخير، تلفتت الي قائلة إلى اللقاء يا أمي…انتظرتها كما هي العادة، وانتظر الوجود بسمتها وصوتها الرقيق الطفولي، نعم فقد أشتاقت لها ساعة ما بعد الظهيرة فهي تقول في كل يوم مبتهجة لقد عدت يا أمي.

أتت طائرة العدوان المشؤومة وأتى الموت معها، فطفلتي بجسمها النحيل وبمعدتها الخاوية من الطعام ، قد أستقبلت صاروخ ظالم حاقد ليرديها قتيلة من دون أي ذنب!…سمعت دوي الإنفجار فانطلقت مسرعةً الى المدرسة، وجدت دخاناً كثيفاً، وشضايا قاتلة، ودماء الأطفال الأبرياء مراقة ، وطفولة مذبوحة…بحثت عن زهرتي المتفحمة فلم أجدها ! بحثت وبحثت وبحثت! فوجدت زهرة ذابلة مغطاة بالدماء، تملأ جسمها النحيل الجراح !!! تحول لون وجهها الى أسود وأصفر تشع منه البراءة المظلومة.

كأن قلبي توقف، وكأنه هول القيامة ، وكأنني في حلم أو أمام شاشة تلفاز اشاهد افلام الخيال المرعبة !!!! لم أصدق ما نظرته بأم عيني ، وأخترت لنفسي عدم الفهم لما يحدث من حولي…نعم!! وجدت زهرتي الجميلة ذابلة فقد أذبلها وأماتها إجرام العدوان !! فبأي ذنب قتلت؟ بأي ذنب تقتل البراءة؛ وبأي ذنب يستهدف العدوان حياة الأطفال بطائراته المتعربدة؟ ومن الذي أباح لهم دماء أطفال اليمن؟

لماذا صمت العالم إزاء ما يجري في اليمن من سفك للدماء، واستهداف للإنسانية؟!أهو الذي أباح وصرح للوحوش الأشرار بمواصلة جرائمهم بحق نساء اليمن وأطفاله وشعبه ؟! أم ن تواطؤ الأمم المتحدة ونفاقها وعظيم خذلانها للمظلومين هو السبب في كل هذه الدماء؟!أم أن المنظمات الحقوقية التي تتغنى وتترنم بحقوق المرأة والطفل وتلبس قناع الإنسانية هي التي تصرح للعدوان باستهداف النساء والأطفال في اليمن ؟ حيث لم تجد نساء اليمن وأطفال اليمن من هذه المنظمات سوى الحق في الفقر ، والحق في التشريد، والحق في التجرد عن مبادئ الدين ، والحق في الموت واختصار الآجال.

ماذا اقول؟ هل أنعي طفلتي للعالم من أجل ان يصحوا من سبات طال أربعة الاعوام؛ كلا وألف كلا !! لن أنعي طفلتي فهي حية ترزق بجوار الصادقين، بل سأنعي للعالم حال أمة غرقت في دياجير الظلمات ؛ فلم تعد تمتلك أي ذرة من الإنسانية، ولم تعد تقف أي موقف لنصرة الحق.

نامي ياصغيرتي فمثلك ينام قرير العين، ولتتركي الخزي والذل والعار لعالم أغتال طفولتك البريئة بصمته…نعم!! زهرتي ذبلت وغادرت الحياة، تركتها لشرذمة من المجرمين، في زمن غاب فيه الإنصاف، واعتلى الظلم عروش مملكتهم وإماراتهم وجمهورياتهم المزعومة.