الخبر وما وراء الخبر

إلى العميد “سريع”: نتمنى الرد السريع.

93

ذمار نيوز | خاص |تقرير: فؤاد الجنيد  3 شعبان 1440هـ الموافق 8 إبريل، 2019م

مع كل جريمة يرتكبها النظام السعودي في اليمن يطل ناطق العدوان ببزته العسكرية وتسريحة شعره الجانبية ليتمتم عبر وسائل الإعلام بالمبررات والاحجيات التي تقف وراء استهداف الطيران لتلك الأهداف المدنية، وكالعادة يصف شهداء كل مجزرة بعناصر إرهابية تارة وبمخازن أسلحة تارة أخرى، وبالرغم من بشاعة صور الضحايا ووضوح ملامحهم المدنية بين أطفال ونساء وشيوخ يطوي العالم ملف الجريمة دون حرج؛ ويخرس الأصوات التي ترتفع تنديداً وشجباً بإرتكاب مجزرة جديدة أكثر دموية وأشد بشاعة، وعلى هذا المنوال باتت جرائم الحرب السعودية حدثاً يومياً في اليمن لا يحرك ضميراً ولا يهز مشاعراً طالما كانت براميل النفط وعائداتها تحط رحالها في أرصدة الصامتين بنظام الدفع المسبق والمغلوبين على أمرهم بين مطرقة الترهيب وسندان الإبتزاز.

هذه المرة بدى تعليق ناطق العدوان مختلفا، فقد نفى أن يكون طيران العدوان قد نفذ إي غارات على صنعاء، متناسيا أن بوق “العبرية” و “الحدث” قد سبقه بإعلان استهداف معسكر للإنقلابيين في سعوان بصنعاء ساعة تنفيذ الغارات التي استهدفت حيا مكتظا بالسكان ومدرسة للبنات في سعوان بمديرية شعوب.

منظمات إنسانية وحقوقية عالمية وقفت متفرجة أمام ما يجري وكأن الأمر لا يعنيها بما في ذلك تلك الجرائم التي قضى فيها بعض من موظفيها، حتى دعواتها المتقطعة التي كانت تسمع بين الفينة والأخرى لم تتعدى مرحلة إسقاط الواجب الأخلاقي وذر رماد الإستنكار على عيون المستضعفين، ولعل الجميع يتذكر كيف كانت الرياض تدخل القائمة السوداء مساء؛ وتصبح وهي تترأس لجنة حقوق الإنسان في أذرع الأمم المتحدة المشلولة التي علّل امينها العام السابق ضعفها وهشاشة قرارتها بسبب الوصاية السعودية على نظامها وصلاحياتها والتهديد بإيقاف الدعم المالي الذي تمنحه الرياض للأمم المتحدة ثمناً لتمرير تشريعات جرائمها والتستر على مجازرها الوحشية بحق اليمن الأرض والإنسان، إذ لم تقتصر جرائم الإبادة الممنهجة في اليمن على فصيل بعينه أو كيان بمفرده، بل مضت تسحق البشر أطفالاً وشباباً وشيوخاً من الجنسين، وتحرق الجغرافيا دون خطوط حمراء بما في ذلك المؤسسات الحكومية والخاصة والمنازل والمحلات التجارية والمدارس والمستشفيات والطرقات والملاعب والأندية والجامعات ودور العبادة وصالات الأفراح والعزاء، ثم انتقلت لاستهداف الآماكن الأثرية والنقوش والحصون والقلاع والأضرحة، لكن تلك الجرائم كانت متفرقة زمنياً ومتوزعة بين الأهداف، وما إن تتجه الأنظار صوب جريمة ومكانها وضحاياها حتى يشتت العدوان الأنظار باستهداف مكان آخر وضحايا آخرين، ويخلق مبررات مستحدثة ليصنع من حبة الكذب قبة عالية من التضليل والتزييف الباعثين على الإدمان.

اليوم يستهدف العدوان أطفال اليمن وطلبة المدارس عمداً وعدواناً مخلفاً ضحايا بالعشرات، ولم يجد داعٍ للفصل بين جريمة وأخرى بجرائم أخرى هنا وهناك، بل يواصل استهداف الأطفال غير مبالٍ بتبعات وغير مكترثٍ بحقوق، ولم يكلف نفسه بتفسير أو تصريح عبر ناطقه لكشف مبررات الاستهداف ولو كذباً، وكأنه قد حسم الأمر في المضي في قتل الطفولة اليمنية على مرأى ومسمع من نفاق القطيع.

ندد اليمنيون شعبيا ورسميا بالجريمة المروعة التي استهدفت مدرسة الراعي بصنعاء، بدء بالحكومة عبر ناطقها والخارجية اليمنية، وتوالت التنديدات لتشمل باقي الوزارات والهيئات الإعلامية والشبابية، وهيئة العلماء والجامعات، ومنظمات المجتمع المدني، والأحزاب والمكونات السياسية والسلطات المحلية في المحافظات، إدانات قد تفرغ قليلا من الجزع والألم، لكنها تظل أصوات لا تجدي نفعا في عالم أصم، لكن الأهم في ذلك هو تصريح ناطق الجيش اليمني وتوعده بالرد على هذه الجريمة وغيرها من الجرائم اليومية بحق اليمنيين الأبرياء.

يدرك الجميع إن استمرار الضربات الجوية غير القانونية لتحالف العدوان وعدم إجراء تحقيقات كافية في الانتهاكات وجرائم الإبادة يعطي الضوء الأخضر لقوى العدوان للإستمرار والتكرار، ويشجع موردي الأسلحة إلى التحالف إلى إبرام المزيد من الصفقات الكفيلة برفد خزائنهم بالمال السعودي على حساب الدم اليمني الذي يراق على مدار ساعة دون ذنب.