الخبر وما وراء الخبر

شهيدات مدرسة شعوب بصنعاء: لن تنال الصواريخ من الأقلام

92

ذمار نيوز.| خاص | تقرير: فؤاد الجنيد 2 شعبان 1440هـ الموافق 7 ابريل، 2019م

في اليمن وعلى أعتاب العام الخامس يستهدف العدوان كل متحرك على أرض السعيدة دون قيود، ويرتكب أبشع الجرائم وأفضعها دون رقيب أو حسيب، حتى باتت الجرائم مسرحية عار ذات فصول، فيها يُقتل الأطفال بالزي المدرسي، في ظل صمت أممي مخزٍ أمام هذه الجرائم المتعددة والمتتابعة، ولم تحرك مشاعرهم الميتة صور براءة الأطفال في أعوامهم الدراسية الأولى، وكيف مزقت صواريخ النفط والمال أجسادهم الطاهرة، بدء بصعدة وحجة وصنعاء، وإنتهاء بمدرسة حي شعوب في أمانة العاصمة في ساعات اليوم الأولى.

صواريخ تستهدف الأقلام

شنت مقاتلات العدوان غاراتها الدامية على مجمعات سكنية في حي شعوب بأمانة العاصمة صنعاء في وقت الذروة لحركة الناس اليومية، وهو وقت تستحسنه قذائف الطائرات لتحصد أكبر عدد من الرؤوس الشامخة التي مرغت رؤوس أسياد العدوان في وحل الخيبة والإنكسار، شهداء وجرحى عطروا تراب المكان بروحانية المقام السامي والوسام الرفيع، وعشرات الطالبات بين شهيد وجريح التصق مبنى مدرستهن بمكان استهداف الصواريخ، صواريخ باتت الأقلام تقض مضجعها بوعيها وفكرها، فكيف لا تستهدفها في مقام العاجز الضعيف والواهن الحقير.

أربعة أعوام لا تكفي

أربعة أعوام من العدوان، حيث تُنتهك فيها البراءة وتُغتصب الطفولة ويطغى الوجع، غابت الإبتسامة وحل مكانها البؤس والتشرد والضياع والشقاء والامراض، أطفال فقدوا عالمهم ويجهلون أي ذنب اقترفوه ليلقوا هذا المصير، هكذا هي الطفولة هناك وسط القذائف والرصاص، كيف يبقى الطفل طفلاً وهو يحمل في حقيبته المدرسية دماء صديقه، وكيف ينام مستقراً في حضن أمه وكنف أبيه وهو لا يأمن أن يستيقظ في الصباح فلا يجدهما حوله، هي الطفولة في زمن الجور ولطغيان والرصيد المثخن بالجراح.

حقوق سرابية

للعام الرابع على التوالي يفاخر العالم بإنتصاره للإنسانية بالتصويت النهائي على إعلان حقوق الطفل في جنيف عام 1924م، وللعام الرابع على التوالي يتعرض الأطفال في اليمن للإستهداف والإبادة الجماعية من قبل تحالف العدوان السعودي الاماراتي المدعوم امريكيا، لكنها أدنى من أن تقاس بأربع سنوات من الحرب والعدوان والقتل والدمار، وأقل من أن تقاس أيامها الاحتفائية بـ(1450) يوما من الدماء والموت والجراح والآلام والأحزان والجوع عاشها أطفال اليمن منذ صدر الإعلان في واشنطن بشن الحرب على اليمن واليمنيين في 26 مارس 2015م، ويعيش فيها الطفل اليمني واقعا بائسا وحرمانا طال معظم حقوقه المشروعة في الحياة والتعليم والصحة وغيرها، وأصبح هدفا مستمرا لغارات العدوان السعوإماراتي التي حصدت الالاف من أرواح أطفالنا وخلفت ملايين من الحالات الانسانية التي لم تنصفها منظمات دولية ولا حقوقية، حتى المدارس صارت هدفا لتلك الوحشية التي تطارد ابناءنا في منازلهم ودور تعليمهم.

وعي وصمود

وبالرغم من الهجمة المتغطرسة والشرسة التي استهدفت التعليم، وطالت جميع المرافق التعليمية في كل المحافظات اليمنية، إلا أن اليمنيين أزدادوا صلابة وقوة تجاه هذه الأفعال المشينة، وتلك الأعمال العدوانية لم تثن عزيمة الإنسان اليمني الذي تسلح بالإصرار والصمود، وفي موازاته إصرار الكادر التعليمي على ديمومة العملية التعليمية واستمرارها، وفتح القاعات الدراسية للطلاب الذين لم ترهبهم أصوات الطائرات وأزيز الصواريخ، فقد شقوا طريقهم بثبات للانخراط بالعملية التعليمية التي سارت بانتظام رغم كل محاولات العدوان في إيقاف الدراسة بمختلف السبل، حتى أن العملية الدراسية استمرت تحت أنقاض بعض المدارس المدمرة جزئياً، وفي ظروف أخرى تلقى التلاميذ تعليمهم تحت الأشجار بعد الدمار الكلي الذي طال مدارسهم وحولها إلى ركام.

رسالة سامية

بالرغم من الظروف الاقتصادية الصعبة التي فرضها العدوان في ظل سياسة الحصار براً وجواً وبحراً، وعملية نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء إلى عدن، وما ترتب على ذلك من تأخر صرف مرتبات موظفي الدولة إلا أن الكادر التعليمي ضرب أروع القيم حينما أصر على تقديم رسالته التعليمية بأمانة وكفاءة عالية دون الإكتراث للراتب، مستشعرين روح المسئولية الملقاة على عاتقهم تجاه الأجيال الملتحقة بركب التعليم والتطلع للانطلاقة نحو المستقبل الواعد بالخير والعطاء.