هل الأمم المتحدة تغيث نفسها أم اليمنيين؟
بقلم / حسين الجنيد
في تصريحٍ له أشاد الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش بما تحقق لليمن من أموال تم جمعها في مؤتمر المانحين في جينيف خلال يوم واحد، والتي هدفت إلى تخفيف معاناة اليمنيين وتخفيف الأزمة التي تسببت فيها الحرب عليهم-حسب زعم الأمم المتحدة – حيث وصلت تعهدات الدول المانحة إلى 2.6 مليار دولار خلال اليوم الأول، بينما تسعى الأمم المتحدة إلى الحصول على منح بقيمة 4,2 مليار دولار لتمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام 2019م.
هذا نص خبرٍ طالعته في أحد المواقع الإخبارية قبل فترة، واستشعرت فيه مدى المحبة والاهتمام التي يحظى بها شعبنا اليمني من قبل الأمم المتحدة، للدرجة التي سيظن فيها القارئ البسيط أن الأمم المتحدة بات يضنيها الأرق ولا يكاد مسؤولوها يضعون رؤوسهم على وسائدهم الحريرية الناعمة إلا وجفاهم النعاس حين يتذكرون صرخات أطفال اليمن الذين تعتصر أمعاؤهم الجوع، والذين تضيع أيام طفولتهم أمام خزانات المياه الفارغة، والذين يحاولون اللعب والركض بساقٍ واحد بسبب سرقة شظايا الصواريخ للساق الأخرى.
طبعاً نسبة القراء البسطاء الذين سينخدعون بهذا الاهتمام الأممي الزائف بمعاناتهم لم يعد ذاك الرقم الكبير في المجتمع اليمني، فأربع سنواتٍ من العدوان كانت كفيلة برفع مستوى وعيهم لإدراك وكشف أي زيفٍ في أي مشهد للمجتمع الدولي، فمن لم يحرك ساكناً لوقف المذابح التي يتعرض لها اليمنيون بطائرات التحالف حتماً لن يكونوا حريصين على إشباع جوعهم أو انقاذهم من القتل البيولوجي.
لقد بتنا نقرأ الصورة من الزاوية الصحيحة وما عاد تباكيهم ولا شعورهم بالأسف والقلق يهدئ من أوجاعنا أو يقنعنا بأنه سيكبح جماح قاتلينا.
هذا المؤتمر الذي وضعوا على طاولاته مآسينا ومعاناتنا، لو قمنا بأخذ الحاسبة وأجرينا عمليات حسابية بسيطة بالمبلغ الذي تسعى الأمم المتحدة لجمعه خلاله؛ لتمويل خطتها للاستجابة الخاصة بهذا العام والذي يقدر بـ 4.2 مليار دولار، سنجد أن هذا المبلغ يكاد يقارب موازنة اليمن في العام 2010م، والتي كانت تغطي مرتبات موظفي الدولة وموازنة الحكومة التشغيلية والمشاريع وشراء السيارات الفارهة ناهيك عن المبالغ الفلكية التي كان يختلسها المسؤولون آنذاك.
أربعة أعوام وأربع خطط استجابة وأربعة مؤتمرات للمانحين، تقول الآلة الحاسبة أن اجمالي ما جمعته الأمم المتحدة تحت عنوان مساعدة الشعب اليمني حوالي 13 مليار دولار تقريباً، ونتساءل: هل أنهت الأمم المتحدة بهذا الرقم الفلكي جوع اليمنيين؟ أو أنارت لهم الكهرباء؟ أو أنهت معاناتهم بالبحث المضني على مياه الشرب؟ هل استطاعت الأمم المتحدة بهذا المبلغ القضاء على الكوليرا كأبسط مشكلة بإمكان هذا الرقم حلها؟ هل قامت حتى بفتح مطارهم الرئيسي للسفر إلى العلاج؟
4 مليارات يا سيادة الأمين العام، تطالب المانحين توفيرها باسم الشعب اليمني ولم تستطع إنقاذ حياة (أمل) التي سلبها الجوع.
اليوم نحن نسألك ونسأل أممك المتحدة ولن نصمت بعد الآن: أين تذهب كل هذه المليارات التي تدعون أنها لمواجهة والحد من معاناة الشعب اليمني الذي يزداد جوعه وفقره كل يوم؟
مساعداتك الإغاثية التي تصنع منها أفلاماً بطولية عبر الشاشات وعدسات الكاميرات، لم توفر لقمة عيشٍ لـ واحد بالمائة من الشعب اليمني بل إن مستوى الفقر والجوع والمرض لدى أبناء الشعب اليمني يزيد كل عام عن الآخر ولا ينقص!
اليوم نحاسبكم عن كل دولارٍ سرقته أيديكم الملطخة بدمائنا، ونفضحكم أمام شعوب العالم، أن الذين يذرفون الدموع علينا في المحافل الدولية لتقديم أنفسهم أمام الكاميرات أنهم منقذو الإنسانية، ليسوا سوى عصابة منظمة وحفنة من تجار الحروب والمقتاتين على مآسي الشعوب، إنهم يا سادة من تولى على البيضة وزاد أكل منها، كما يقال في المثل اليمني الدارج.